دانيا الطباع في دار الأسد للثقافة والفنون

أريد أن يكتشف الجمهور أنماطاً من الموسيقى غير معزوفة من قبل

15/كانون الثاني/2009


قضينا برفقة دانيا الطباع ليلةً من أجمل الليالي الموسيقية، فهناك في دار الأوبرا تفتَح زهر الياسمين وفاح عطره أرجاء دمشق، عطراً نقل الحاضرين إلى مكانٍ آخر، إلى عوالم بعيدة حيثُ يمتزج السحر بالحقيقة ويختلط الواقع بالخيال.

ليس من عادتي أن أمدح شخصاً أو أكتب إنشاءً في أحد، لكن لا تستطيع ذلك أمام دانيا الطباع مثال الفنان الإنسان الذي لم يقف نبوغه الموسيقي دون إبراز ما لديه من مفاتن الرِقة ودماثة الأخلاق، ولا يسعني إلا أن أنحني خشوعاً لهذه الموهبة الفذَة التي عزفت في أشهر صالات الكونسير في العالم، وحلَت في الخامس من هذا الشهر ضيفةً على عشاقها في حفلٍ أُقيم بدعوةٍ من أمانة دمشق عاصمة الثقافة العربية، ولم يحضره سوى مئتي شخص، حضروا وانبهروا أمام برنامجٍ صعبٍ اختارته دانيا بعناية، وليتضمن مقطوعاتٍ تنتمي بمعظمها للقرن العشرين، استطاعت دانيا فيها أن تبرهن على سيطرتها الكاملة على البيانو وعلى إعطاء روحاً وأسلوباً مختلفا لكلِّ مقطوعة بما يتناسب وجوها ولتقدم لنا معزوفاتٍ لكلٍّ من المؤلفين الفرنسيين سيرفيراك «1872-1921»، وموريس رافيل «1937-1875»، مقطوعة بعنوان أغنية الحب والموت للإسباني غرانادوش «1867- 1916»، سوناتا لألبان بيرغ «1935-1885»، ومقطوعة معاصرة من مؤلفات جورج كرامب كُتبت عام 1997خصيصاً لأعياد الميلاد ،أما مسك الختام فكان مع عملٍ رومانتيكي بعنوان «كرنفال البيانو» للمؤلف الألماني روبرت شومان «1856-1810».

اكتشف سورية كان هناك والتقى الأستاذة الطباع التي قالت: «هذه المرة الثانية التي اعزف فيها في دمشق منذ ذهابي إلى فرنسا، المرة الأولى كانت عام 2002 وتضمن البرنامج آنذاك مقطوعاتٍ كلاسيكية ورومانتيكية»، لكنها عبرت عن استياءها كونها أرسلت تفاصيل كاملة عن البرنامج المعزوف، لكن لم تُنشر وتوضع في متناول الجمهور، وقالت: «لقد تقصدت أنَّ تكون مقطوعات البرنامج حديثةً نوعاً ما، من أجل أن يكتشف الجمهور أنماط جديدة من الموسيقى غير معزوفة من قبل»، وأضافت قائلة: «يحتاج أي جمهور في العالم مهما بلغت درجة تذوقه إلى أن يتعرف على المقطوعة وعلى مؤلفها، ويحتاج لفهم ماهية وطبيعة العمل المعزوف والظروف التي كُتبت فيه، ليكون قادراً على فهمها وتذوقها»، أما عن مشاريعها القادمة قالت: «إنَّها بصدد التحضير لحفلاتٍ قادمة ستكون الأولى في بلغاريا»، كما وعدت بإقامة ورشة عملٍ مع طلاب المعهد العالي للموسيقى حين عودتها مرة أخرى إلى دمشق الخريف المقبل.

كما التقينا السيدة أليكا البني -رئيسة قسم البيانو في المعهد العالي للموسيقى- التي قالت «أعتقد أنَّ هذا الحفل هو الحفل الأول الذي يتمُّ فيه تقديم برنامج محتوي بأغلبه على موسيقى حديثة ومعاصرة، هذه الخطوة جريئة جداً، لكن جمهورنا ما زال بحاجةٍ لوقتٍ أكثر ليتقبل برنامجاً صعباً كهذا، ولا أظنُّ أنَّ الأستاذة الطباع بحاجة إلى مديحٍ من أحد، لكني أقول لها مرحىً لك في خطوتك الجريئة هذه».

ديما القاسم -الصحفية والمدرسة في المعهد العالي للموسيقا- كان لها رأي أيضاً، حيث قالت: «أنا فخورة بتواجدي في حفلٍ موسيقي لدانيا الطباع، ليس لأنَّها أستاذة قديرة وعازفة عظيمة فقط، بل لأنني مع كلِّ علامةٍ تعزفها كنت أسترجع ما عانته دانيا من تعبٍ حتى استطاعت تحقيق هذا الاسم الكبير»، وأضافت: «إن تقوم بإثبات ذاتك في بلدٍ يُعنى بالموسيقى كفرنسا أمرٌ ليس بالهين، ويكفيها فخراً ما وصلت إليه من شهرةٍ هناك».

دانيا الطباع من مواليد دمشق، وتلقت دراستها في المعهد العربي للموسيقى على يد السيدة سلمة قصاب حسن، وغزوان الزركلي، وفاليري ميننكوف، وقد ساهم الأستاذ القدير صلحي الوادي كثيراً في رعايتها بعد أنَّ لاحظ تميُزها، حيث بدأت بتقديم حفلاتٍ منفردة على آلة البيانو وهي في سن العاشرة.

وقد حصلت على عدد من الشهادات كعازفة منفردة ولموسيقى الحجرة وغيرها أيضاً، بالإضافة لنيلها عدداً من الجوائز العالمية.

منحت الحكومة الفرنسية لدانيا لقب بروفيسور لتدريس العزف على آلة البيانو في فرنسا.

تعمل دانيا حاليا كمدرسة في المعهد الوطني للموسيقى في باريس وفي أورليان، وتدعى للمشاركة في لجان التحكيم للمسابقات في فرنسا.



مالك كورية


اكتشف سورية


مواضيع ذات صلة
- العازفة السورية الكبيرة دانيا طباع في دار الأسد للثقافة والفنون
- دانيا الطباع تعزف في المركز الثقافي السوري في باريس
قدمت أعمال لمؤلفين من المدرسة الرومانسية والانطباعية الحديثة

- دانيا الطباع وباتريسيا نيلز في سي دي جديد بباريس
ثنائي سوري-فرنسي يعزف مؤلفات موسيقيين فرنسيين والمؤلف السوري ضياء السكري

- «أربع أيادي» حفل موسيقي لدانيا طباع وغزوان زركلي
مقطوعاتٍ من روائع ما كتب للبيانو


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 
 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر