المدرسة العادلية
تقع المدرسة العادلية في دمشق القديمة، بين بابي الفرج والفراديس، مقابل المكتبة الظاهرية. وتنسب للملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب، والد الملوك الأيوبيين وأخي صلاح الدين. وقد اتخذت مقراً للمتحف الوطني أيام الانتداب الفرنسي ثم أصبحت مقراً للمجمع العلمي العربي، وهي اليوم تابعة لمجمع اللغة العربية.
الموقع الجغرافي:
تقع المدرسة في دمشق القديمة، منطقة العمارة الجوانية - باب البريد بين بابي الفرج والفراديس، مقابل المكتبة الظاهرية.
لمحة تاريخية:
تنسب للملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب, والد الملوك الأيوبيين وجدهم, وأخي صلاح الدين الأصغر. شارك العادل أخاه في جميع غزواته, وكان اليد اليمنى له, وبعد وفاة صلاح الدين ببضع سنين, استطاع العادل أن يستولي على مملكة صلاح الدين كاملة ما عدا حلب, وعين أولاده ملوكاً عليها, وقاد معهم الكفاح ضد الصليبيين من مصر إلى طوروس, وقد بقي بعد أخيه أكثر من ربع قرن يقارع الصليبيين, وقد شاء القدر أن تسقط دمياط بأيديهم سنة 615هـ، فتأثر العادل لذلك، ثم لم يلبث أن توفي ودفن في قلعة دمشق في العام المذكور,ثم نقل سنة 619هـ إلى تربته في العادلية الكبرى حيث لا يزال يرقد فيها إلى اليوم.
أول من باشر ببناء المدرسة نور الدين الشهيد, وكان ذلك سنة 568هـ,حين كان يعدها للشيخ القطب النيسابوري الشافعي, وقد بدأ ببناء المسجد والمحراب, ثم توقف العمل فيها بعد وفاته سنة 569هـ.
وفي سنة 612هـ, أزال العادل ما بناه نور الدين, وبنى المدرسة على هيئتها اليوم, وتوفي قبل أن تكتمل, فأتمّها ولده المعظم سنة 619هـ.
افتتحت المدرسة رسمياً في احتفال كبير بحضور المعظم، وكبار العلماء والقضاة في أواخر سنة 619هـ.
وفي عام 699هـ تعرضت للدمار على يد غازان, وهجرت, ثم جددت وافتتحت رسمياً في رجب سنة 704هـ, وعادت المدرسة سيرتها الأولى.
ثم دمرت ثانية سنة 803هـ على يد تيمورلنك، فأعيد بناؤها للمرة الرابعة.
وفي العهد العثماني تراجع أمرها وانحلت أوقافها, وكادت تنهار, وقد نشرت صور في حدود سنة 1325هـ، تبين مدى الخراب الذي أصابها, حتى إن اللجنة التي زارتها سنة 1328هـ ذكرت أنه لا يوجد فيها طالب واحد وأنها بيد توفيق أفندي المنيني.
وفي عهد الإنتداب الفرنسي اتخذت مركزاً للمتحف الوطني السوري حتى سنة 1936م عندما أصبحت مقراً للمجمع العلمي العربي. وقد شهدت هذه المدرسة أحداثاً جساماً ونزل بها عباقرة العلماء والفقهاء والأدباء, فكانت سجلاً لتاريخ دمشق عبر العصور.
- ففيها كان يقيم (أبو شامة) وفيها ألّف (الروضتين).
- وفيها أقام ابن خلّكان وألّف وفياته.
- وفيها درس ابن مالك صاحب الألفيّة.
- وفيها نزل ابن خلدون يوم حلّ بدمشق.
- وفيها درس عشرات العباقرة الآخرين.
- وفي العصر الحديث نزل فيها كبار الأدباء والمفكرين والشعراء الأعضاء في المجمع العلمي العربي.
وبعد تحول المجمع العلمي إلى «مجمع اللغة العربية» تراجع شأن العادلية لتراجع شأن المجمع نفسه، الذي انتقل من المدرسة وأبقاها لتكون مخازن لمخلفاته، وربط المدرسة الظاهرية معه أيضاً, فصارت المدرستان الكبيرتان من بعض متعلقات المجمع الذي كان في يوم من الأيام أكبر مؤسسة علمية في سورية.
الوصف المعماري:
تعد المدرسة نموذجاً لعمائر العهد الأيوبي، فهي تعتبر من أهم المباني من حيث التخطيط ورصانة البناء، والعناصر المعمارية المتقنة الصنع. طرأ على مخططها الأصلي بعض التعديل ولكن أقسامها الرئيسية وعناصرها الهامة ما تزال تحافظ على وضعها الأصيل. ومن ذلك واجهتها الشرقية والجنوبية وبوابتها وصحنها وتربة منشئها وواجهة الحرم وبعض إيوانها الكبير الشمالي.
البوابة تمثل هندسة فريدة لا تشبه البوابات المألوفة في العصر الأيوبي، تتألف من فجوة ترتفع بارتفاع الواجهة الحجرية، مسقوفة بعقد من الحجر في وسطه حجر متدل كالمفتاح يقسم عقد الإيوان إلى قوسين صغيرين من الحجارة المقرنصة. في وسط هذه الفجوة باب، يحيط به إطار من مداميك حجرية متناوبة بين اللونين الأسود والأبيض، تعلوه زخارف حجرية.
يؤدي الباب إلى دهليز واسع مسقوف بقبوة يليه باب ثان على محور واحد مع الباب الخارجي مفتوح على إيوان مرتفع مطل على صحن سماوي مربع الشكل (18 × 17 م) مبلط بالحجر ويتخلله لوحات من الزخارف الهندسية، ويتوسطه بحرة ماء مربعة (8،5 × 8،5 م) في زواياها حنايا نصف دائرية ، تتوزع حول الصحن عدة قاعات وإلى الجنوب باب يؤدي إلى ضريح الملك العادل وآخر يؤدي إلى غرف الطابق العلوي.
يحيط بالصحن من الجهة الجنوبية المصلى وهو قاعة مستطيلة، كانت مسقوفة بثلاثة أقبية متقاطعة مازالت آثارها باقية وفيها محراب مزين بمقرنصات تنتهي بصدفة. واجهته مؤلفة من باب عال في الوسط، وعلى كل من جانبيه شباكان وكلاهما ينتهي بقوس مدبب. ويقابله في الجهة الشرقية إيوان صغير مفتوح على دهليز الباب الرئيسي للمدرسة. وعلى جانبه الشمالي توجد غرفة وعلى جانبه الجنوبي يوجد باب آخر للتربة.
أما الجهة الغربية فقد جددت كلياً في العصر الحديث، وتتألف من ثلاث غرف تستخدم كمستودعات، وتحتل التربة الزاوية الجنوبية الشرقية بين المصلى والدهليز والتي تضم قبر الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب المتوفي سنة 616 هـ/ 1219م وتعلوها قبة محمولة على عقود حجرية، وفي كل جدار ثلاثة عقود متراكبة تبرز على بعضها لتصغير قطر القبة، ويلي الأقواس ما يسمى برقبة القبة وهي مؤلفة من شكل مثمن الأضلاع. يحتل زاوية البناء مقرنصات ويتناوب معها أربع مجموعات من الشبابيك في كل منها شباكان. ثم تأتي طاسة القبة وهي ليست نصف كروية وإنما متطاولة ذات مقطع مدبب، للتربة شباكان يطلان على الشارع في الجدار الشرقي وآخران في الجدار الجنوبي، بينهما محراب مماثل لمحراب المصلى.
أما الواجهات المطلة على الباحة فهي من الحجر، خالية من الزخارف ويوجد في الجهة الشمالية إيوان كبير وعلى جانبيه بابان يؤديان إلى ملحقات المدرسة وغرفها. ويلاحظ بأن المبنى خال من الزخارف، تسيطر عليه البساطة باستثناء الباب الذي تقدم وصفه.
المراجع:
1. خطط دمشق دراسة تاريخية شاملة, أكرم حسن العلبي, 1989م
2. منادمة الأطلال، بدران
3. مختصر تنبيه الطالب وإرشاد الدارس، العلموي
4. أرشيف المديرية العامة للآثار والمتاحف.
مواضيع ذات صلة: