بالانيا تيرم وحمامات: ندوة علمية حول طقوس مستمرة عبر العصور

02/تشرين الثاني/2009

تشكل الحياة الاجتماعية والإنسانية بمختلف مناحيها مؤشراً هاماً على مدى التطور الحضاري الذي وصله مجتمع بعينه، بما في ذلك مستوى العناية بالصحة والنظافة، وما يرافق تطور هذه المرافق من عادات وتقاليد تعنى بالإنسان بمظهره ولياقته وصحته البدنية والنفسية. كما تشكل طرقُ وأدواتُ النظافة ووسائلُها وأماكنُها بنيةً معقدة تتطور في فضاءات أخرى من الإبداع البشري كاختراع الأدوات المناسبة وتطوير الأساليب الكيميائية في صنع المستحضرات اللازمة وطرق معالجة المياه، ناهيك عن البنية العمرانية التي ترافق هكذا نشاط إنساني، وما يترافق معه من تشابك في العلاقات الاجتماعية وصلت إلى حد أن تكون الحمامات مسارح للنشاط العائلي والاجتماعي وحتى السياسي والفكري والثقافي والروحي.

في هذا الإطار، وبحثاً عن الأدوار التي لعبتها الحمامات و«نوادي النظافة» في المجتمعات القديمة، اُفتتحت اليوم الاثنين 2 تشرين الثاني 2009 في فندق برج الفردوس في دمشق ندوةٌ علمية بحثية من تنظيم كل من بالنيه أوريان، المعهد الفرنسي في الشرق الأدنى، والمديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية، وذلك بعنوان: «بالانيا تيرم وحمامات βαΙαveϊα Thermes et Hammams: خمس وعشرون قرناً من الحمامات العامة في الشرق الأدنى ومصر وشبه الجزيرة العربية»، وستقدم الندوة ما يزيد عن 90 بحثاً، يشارك في إعدادها وتقديمها أكثر من أربعين باحثاً وأخصائياً في مجالات متعددة من علم الآثار إلى التاريخ إلى البحث اللغوي والفني.


السيد لوران جيلار
الملحق الثقافي الفرنسي

محاور الندوة:
ستتناول الندوة على مدى أيامها الأربعة، التي تستمر حتى يوم الخميس 5 تشرين الثاني 2009، عدة محاور تتعلق بالحمامات وتاريخها وعمرانها وارتباط طقوس الحمام والمسائل الاجتماعية المتعلقة به بالتطور اللغوي والحضاري الذي عاشه الشرق والغرب على السواء، والتي يمكن تفصيلها كالآتي:

اليوم الأول (الاثنين 2 تشرين الأول): مقاربات موضوعية
ويضم عدة محاور:
1- الحمام والمدينة، الحمام والنخبة وعامة الشعب
2- المقاييس والتطبيقات (1): التنظيف والاستطباب
3- المقاييس والتطبيقات (2): القوانين الوضعية والشرعية.

اليوم الثاني (الثلاثاء 3 تشرين الأول): مقاربات موضوعية
ويضم عدة محاور:
1- الماء، الهواء، الصلاة والنار: تطور التقنيات
2- اقتصاد الحمام: سعر الدخول، الضرائب، المؤسسات والمهن
3- الحمام وانعكاساته (1): المقاربات الحَرفية
4- الحمام وانعكاساته (2): الأساطير وتأثيراتها.


الدكتور بسام جاموس
المدير العام للآثار والمتاحف

اليوم الثالث (الأربعاء 4 تشرين الأول): مقاربات زمنية
ويضم عدة محاور:
1- الحمامات اليونانية-الرومانية: اختراع التقاليد، العصر الذهبي للحمامات
2- الحمامات: الانتقال بين البيزنطية والأموية
3- ألف حمام وحمام: حمامات القرون الوسطى.

اليوم الرابع (الخميس 5 تشرين الأول): مقاربات زمنية
ويضم عدة محاور:
1- الحمامات في الإمبراطورية العثمانية بدمشق وريفها
2- الحمامات في الإمبراطورية العثمانية خارج سورية
3- الحمامات والمنتجعات الصحية بين الأصول والعولمة: الحمام الجماعي المشترك.

االدكتور ميشيل المقدسي
مدير التنقيب


اليوم الخامس (6 تشرين الأول): زيارة لمواقع أثرية في جنوب سورية
حيث تنطلق الرحلة من فندق برج الفردوس لتزور تل الشعرة في الصنمين وبصرى وحماماتها وأهمها قصر تراجان، وبعد ذلك زيارة حمام سليم، ثم زيارة إلى مدينة شهبا والعودة إلى مدينة دمشق.


افتتاح مميز:
بدأت الندوة فعاليات بافتتاح مميز حضره السيد لوران جيلار - الملحق الثقافي في السفارة الفرنسية بدمشق-، والدكتور بسام جاموس -المدير العام للآثار والمتاحف في سورية-، والدكتور ميشيل المقدسي مدير التنقيب، والسيد فرانسوا بورغا -مدير المعهد الفرنسي IFPO.

وقد افتتح السيد لوران جيلار الندوة متحدثاً عن أهميتها وضرورة التركيز على الماضي للاستفادة من دروسه التاريخية الكبيرة التي تكشف العمق الممتد للحضارات المختلفة ونقاط الالتقاء الكثيرة فيما بينها، قائلاً: «إن هذا المؤتمر مهم جداً كونه يقدم دراسات تعكس أنماط الحياة في الماضي، كما أن هذا المؤتمر يمكن أن يكون بداية سياسة تعاون أكاديمي بين سورية وفرنسا. وقريباً سوف نرى مؤسسات تجسد هذا التعاون»، وقد شكر السيد جيلار في نهاية حديثه كل من عمل في تحقيق هذه الفكرة وتمنى لهم النجاح الكبير.

بعد ذلك تحدث الدكتور بسام جاموس قائلاً: «أنا سعيد جداً بإنجاز ورشات العمل الأثرية العلمية في سورية. وقد سررنا كثيراً عندما عثرت البعثة السورية-الفرنسية على أول "تواليت" يعود للعصر البرونزي الحديث في رأس ابن هاني، ولدينا حمامات هامة جداً تطورت عبر العصور. كما أن هناك إنجازات ملفتة للبعثات الفرنسية في هذا المجال وخصوصاً حمام الناصري في دمشق. وأريد أن ألفت النظر إلى حمام هام جداً في مدينة جبلة يدعى حمام التصاوير، وندعو الباحثين والبعثات إلى الذهاب إلى هناك وسنعطيهم الموافقات الضرورية السريعة على ذلك».

السيد فرانسوا بورغا
مدير المعهد الفرنسي IFPO


وتابع الدكتور جاموس: «نتمنى أن تكون هناك ندوات شهرية لمناقشة المواضيع التي تحتاج إلى أكثر من ورشة عمل، أشكر كل من قام بتجهيز هذا المؤتمر ومن عمل عليه. ونتمنى المزيد من التعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، وأيضاً مع المعاهد الأخرى (الدانماركي، الهولندي ...إلخ)، ونرحب بأي تعاون لإحياء هذا التراث فهو ملك البشرية جمعاء».

ثم تحدث الدكتور ميشيل المقدسي عن نشوء الحمامات في سورية قائلاً: «تعود الحمامات لعهود قديمة في سورية. مع بداية المجتمع المتحضر، وقبل ميلاد السيد المسيح بكثير من الوقت، بنى الناس ما يحتاجونه في حياتهم اليومية، وقد وجدنا العديد من الإنشاءات التي تحتوي على الماء من أجل تنظيف البشر، وهذا يرتبط بقوة بالعديد من المواقع الأثرية في سورية. عبر العصور، حاول الناس الحصول على حاجتهم من الماء، وابتكروا الحلول لذلك، ويظهر هذا بجلاء في الجزيرة السورية والداخل السوري. أرجو النجاح لهذا المؤتمر وشكراً لجهودكم الضخمة، وأرجو أن يكون المؤتمر غنياً ومفيداً».


ثم تحدث السيد بورغات فوجه الشكر لجميع المساهمين في هذا العمل المهم، للمديرية العامة للآثار والمتاحف، وللجنة المنظمة من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى. وقد قال: «سوف تساعد هذه الندوة على بناء علاقات قوية بين المؤسسات السورية والفرنسية فأود أن أشكر جميع السوريين والفرنسيين الذين لم يكن هذا العمل ممكناً بدونهم، وأنا متأكد أننا سنلتقي مجدداً، وأتمنى لكم جميعاً النجاح».

ثم تولت السيدة ماري-فرانسوا بوساك -من المعهد الفرنسي IFPO- الترحيب بالحاضرين، ونوهت إلى أهمية نشر هذه المحاضرات في نيسان، ولذلك طلبت من المحاضرين تقديم محاضراتهم، قبل أن تعلن بدء المحاضرات في هذه الندوة العلمية الآثارية الهامة.

وجدير بالذكر أن «اكتشف سورية» سوف يتابع فعاليات هذه الندوة ومحاضراتها خلال الأيام القادمة.


محمد رفيق خضور
اكتشف سورية