الصفحة الرئيسية | شروط الاستخدام | من نحن | اتصل بنا
|
كان على شاول أن يفعل شيئاً يجعل منه شخصية استثنائية تدخل التاريخ فالطاقة الكبيرة المشحونة داخل أعماقه ما كان لجسده أن يحتملها، طاقة أشبه ببركان كان على حممه أن تفك حصارها ليصبح شاول اليهودي الروماني من سبط بنيامين الفريسي المولود في طرسوس منذ نحو ألفي عام طاغية متجبراً راح ينكل في فلسطين بأتباع المسيح مستبداً «وصار له نفوذ كبير لدرجة أن رؤساء الكهنة باتوا تحت أمره».
واتجه شاول المتشدد إلى دمشق بهدف القضاء على أتباع الطريق بطشاً وتنكيلاً، وعلى مشارف المدينة وتحديداً في تل كوكب الذي يبعد عن دمشق باتجاه جنوب غرب نحو 25 كم، يظهر له نور يسوع المسيح، وأن يفقد شاول إثر ذلك بصره لكنه يحوله من العبودية إلى الحرية ومن الظلمة إلى النور، ليصير رسول محبة وسلام، ويتيقن أن الطاقة المشحونة داخله ليست سوى طاقة نور وهداية ومحبة وسلام.
وفي هذه الأثناء يكون القديس حنانيا الدمشقي أول أسقف سوري ينشر المسيحية يتراءى له يسوع المسيح في رؤية وهو يصلي في بيته بدمشق، أن اذهب إلى شاول ضع يديك على عينيه يعود مبصراً وهكذا كان، لينطلق شاول بولس الرسول من دمشق رسولاً للمحبة والسلام ينشر المسيحية في أنحاء العالم.
هذا التحول الكبير في شخصية شاول هنا في دمشق كان موضوع فيلم سينمائي تمت مؤخراً عمليات الانتهاء من تصويره في الأماكن الحقيقية التي سار عليها بولس الرسول في دمشق وحمل عنوان «دمشق تتكلم» كتبته الإعلامية ميساء سلوم وأخرجه خالد الخالد من إنتاج «مؤسسة المحبة للإنتاج الفني»، وجسد أدوار البطولة فيه عدد من الفنانين منهم قيس الشيخ نجيب «دور بولس الرسول»، وعبد الرحمن أبو القاسم «دور القديس حنانيا»، ونادين «الراوية»، وفاروق الجمعات «دور يهوذا»، وتولاي هارون «دور زوجة يهوذا».
وحول تجسيده لشخصية بولس الرسول يقول قيس الشيخ نجيب لـ«الوطن»: «إنّ التحول الجذري الذي جرى للشخصية كان مغرياً بالنسبة لي عدا ما لشخصية بولس الرسول من مكانة عالية دمشقياً ودينياً وهي الشخصية التي لم يسبق لها أن جسدت ما يؤهلها كي تكون من خلال هذا الفيلم وثيقة معتمدة في كل المرجعيات المسيحية وعلى أعلى المستويات وهذا مهم جداً لنا كسوريين انطلق بولس الرسول من هذه الأرض أرضنا التي قدمت للبشرية شخصيات عظيمة وهذه فرصة لي ما كنت أعرف مدى حجمها وأهميتها في بداية وأثناء تجسيدي للدور لأكتشف أن الفيلم سيحظى باهتمام عالمي كبير لمناسبة "السنة البولسية"».
بدوره الفنان عبد الرحمن أبو القاسم وحول شخصية حنانيا في الفيلم يقول لـ«الوطن»: «لكوني من قرية صفورية الفلسطينية قضاء الناصرة فإنني عشت طفولتي إلى جوار دير "ستنا حنّا"، ونظراً للعلاقة الحميمية التي جمعت والدتي براهبات الدير فإنني كنت أتنقل ما بين بيتنا والدير فترعرعت بين يديّ الراهبات»، ويضيف أبو القاسم «جسدت دور حنانيا لاعتقادي أن رسالة بعثها الله لي لأجسد هذه الشخصية كما كنت أحب أن أفعل ذلك إن علاقتي بالدين المسيحي كعلاقتي تماماً بالدين الإسلامي واعتبر أبو القاسم أن لحنانيا يداً طولى وبيضاء بنشر المسيحية في دمشق وأنه رقم صعب في تاريخ دمشق كما عدد من القامات والأولياء الذين عاشوا في سورية عبر التاريخ».
الإعلامية ميساء سلوم كاتبة العمل أبدت سعادتها وارتياحها لإنجاز الفيلم الذي تزامن إنتاجه مع احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، ومع انطلاقة احتفالية الكنيسة البابوية بالألفية الثانية لبولس الرسول حيث عدت الكنيسة هذه السنة سنة بولس الرسول، وحول فكرة إنجاز الفيلم تقول سلوم لـ«الوطن»: «الفكرة تسكنني منذ زمن لكنها تبلورت وبدأت تلح عليّ وخاصة عندما تداولتها مع مجموعة من المهتمين» واللافت بالنسبة لسلوم أن مهتمين غير سوريين من مصر ولبنان تحمسوا لفكرة إنتاج الفيلم وشددوا بمحبة «أنتم السوريون الأحق بالاشتغال عليه»، وذلك للارتباط بين دمشق وبولس الرسول وخاصة لدى الغرب «ما إن تُذكر دمشق حتى يقولوا سانت بول وما أن يذكر هذا القديس حتى يقولوا دمشق»، وهذا ما زاد سلوم حماساً يضاف إلى ما تعرفه عن هذه الشخصية وعن مكانتها ورسالتها السامية في المحبة والسلام للإنسانية «الفكرة صارت عندي مكتملة ورحت أجسدها على الورق مستندة كمرجع أساس على الإنجيل المقدس وعلى بعض المعلومات من التقليد الشرقي وساعدني المخرج بالمشاهد الدرامية واشتغل بضمير وهمّة وفنية عالية».
وعن تجربتها بالعمل تؤكد سلوم «إنها صعبة لكونها الأولى عدا خصوصية العمل وحساسيته التي استلزمت مني متابعة لكل التفاصيل حتى الراكورات». وحول اختيار فريق العمل تقول سلوم «لقد وفقنا الله بهم رفعت صلاة حتى يضع الله أمامي الشخصية المناسبة لتجسد دور بولس الرسول فكان قيس شيخ نجيب الشاب النجم الذي أبدع وكان متفهماً ومتعاوناً كذلك كان حال عبد الرحمن أبو القاسم الذي تقمص دور حنانيا لدرجة قال اللاهوتيون إنه هو كما في مخيلتنا»، وأشادت سلوم بأداء النجمة نادين الراوية التي تربط الماضي بالحاضر.
بدوره خالد الخالد مخرج الفيلم يقول لـ«الوطن»: «لي الشرف أنه تم اختياري لأكون مخرجاً للفيلم»، ويضيف «بعد جلسات عمل ومن حيث لا ندري د. جمال مقار، وميساء سلوم، وأنا، صرنا نتخلى عن المادة الوثائقية المكتوبة لمصلحة المشاهد الدرامية التي وصلت إلى نحو 80% من الفيلم».
وأكد الخالد «حاولت أن أظهر الأماكن الحقيقية التي سار عليها بولس الرسول وهي لا تزال شاهدة وإظهار التشدد اليهودي الذي كان سائداً ضد المسيحية وبينت أن المسلمين هم قلباً وقالباً مع المسيحيين».
وركز الفيلم حسب الخالد على تجسيد شخصية بولس الرسول كما جاءت في الإنجيل المقدس بحيث لا تتعارض المادة الوثائقية مع الدرامية وأبرز الفيلم أيضاً -تبعاً لمخرجه- أن المسيحيين لأول مرة يسمون بهذا الاسم في سورية لتنتشر هذه التسمية إلى كل أنحاء العالم.
من جانبه د. جمال مقار صاحب «مؤسسة المحبة للإنتاج الفني» تحدث عن الفيلم كأول عمل للمؤسسة داخل سورية أراد من خلاله أن يبين «كيف أن الله استخدم بولس الرسول ليكون سبب بركة ابتداء من سورية»، واعتبر د. مقار وهو المصري المتزوج من لبنانية أن العمل «وثيقة تُخلد لسورية وأن كل اسم شارك في الفيلم ستكون مشاركته محطة فخر»، وكشف د. مقار أن الفيلم سيترجم ويُدبلج إلى عشرات اللغات وسيشاهد مجاناً في كل أنحاء العالم.
علي الحسن
الوطن
المشاركة في التعليق