هنادي طريفة في «سلام لأبي»: يد تمتد عبر القارات بشجرة البرتقال

رسائل تواصل بين طرفي العالم: الشرق والغرب

17/أيلول/2008


في غاليري هاورد غاردنز في كاردف بالمملكة المتحدة، تم افتتاح معرض الفنانة التشكيلية هنادي طريفة «سلامٌ لأبي Salaamon le Abi» يوم الجمعة الماضي 12 أيلول ويستمر حتى الجمعة القادم 19 أيلول 2008.

«اكتشف سورية» زار المعرض حيث تعرض هنادي مجموعة من تشكيلاتها البصرية، تلعب شجرة البرتقال الدور الأساسي، حيث نجدها في منتصف صالة العرض مغروسة في كومة مربعة من التراب وحولها لوحات ضوئية تبين عدة أماكن من العالم. عمّ تعبّر عنه تلك المعروضات! أجابت هنادي: «الشجرة تعبر عن شيء مادي ملموس، لكنها بنفس الوقت أصبحت موضوعاً يطرح نفسه في العمل, موضوعاً يحمل رموزاً وأبعاداً تضيف إلى الرموز الأخرى الموجودة في العمل لوناً من طعم خاص، حيث يراها المشاهد بارزة في كل ركن من أركان العمل سواء كعنصر ملموس يستطيع أن يقترب منه, ويشمه, ويلمسه ويتفاعل معه؛ أو يراه كعنصر مرئي موجود في باقي الأعمال التركيبية حيث يستطيع أن يشاهده ويراه جنباً إلى جنب مع العناصر البصرية الأخرى، التي هي عبارة عن مجموعة متراكبة ومزيج صور لعدة أماكن عشت فيها, وأعيش فيها الآن، وللمكان الذي قد أعيش فيه بالمستقبل. ما أعنيه هنا هو أن البشر دائما في حالة مستمرة من التنقل والترحال. البشر بشرٌ مهما اختلفوا في ثقافاتهم, أو دياناتهم, أو مكان تواجدهم أوحياتهم, كلنا نبقى بشر نحمل بين طياتنا نفس المشاعر والأحاسيس فكلنا نبكي, ونفرح, ونغضب, ونهدأ, ونجوع, ونعطش».

هنادي طريفة في بريطانيالاسم المعرض خلفيته العاطفية لدى هنادي في نشأتها، في العائلة والزمان والمكان. تقول هنادي: «رائحة البرتقال وكلمات أبي الرنانة عن حبه لمزرعته المليئة بشجر البرتقال, وحلمه وأمانيه التي رافقته، منذ طفولتي أنا، ورغبته الشديدة بأن يرعى تلك البرتقالات, يحرسها ويكبرها إلى أن "تملأ عليه دنيته" فيعود إليها عندما يتقاعد ويلازمها يوماً بيوم وساعة بساعة لتصبح هي عالمه». ويبدو أن هنادي قد ورثت تعلقها بشجرة البرتقال من أبيها، فأصبحت جزءاً من عالمها الداخلي، تستنشق زهورها الخلابة وترى لونها الصارخ في كل مكان: «لقد أصبحت شجرة البرتقال رمزاً لوجودي ولوجود أبي بجانبي رغم كل المسافات التي تفصلنا, رغم كل البلدان التي تخط حدودها الوهمية بيننا، ورغم كل الساعات التي تمر علينا لتعلن مرور المزيد من الوقت ونحن بعيدون عن بعضنا الآخر. لكننا ككل سائر البشر نحاول أن نعيش حياتنا الجديدة ونتأقلم مع كل الظروف المحيطة بنا, نحاول أن نطوع هذه الظروف لمصلحتنا ونروضها لتخدمنا، تماماً كشجرة البرتقال التي وضعت في الصالة: مكانها الطبيعي هو الأرض, الحديقة, مكانها هو خارج الحدود المغلقة وخارج حيطان تلك الصالة التي تكاد تخنقها، لكنها بالرغم من كل ذلك شقت طريقاً جديداً للحياة. بل على العكس تماماً فبعد المعاناة لفترة قصيرة, استطاعت تلك الشجرة الصغيرة أن تزهر وأن تنتج الكثير من الثمار، وأفرعت أغصانها من جديد واكتسبت لونا أخضر براقاً تحدى كل الظروف المحيطة».

لدى هنادي رؤية واضحة بما يتعلق باللفظ اسم المعرض بالعربية، فهي لم تترجم اسم المعرض إلى الإنكليزية، بل نقلته بالأحرف اللاتينية مع استعمال اللفظ العربي. لماذا؟ تجيب هنادي: «تعددت أماكننا وأينما كنا، لذا فكل ما علينا فعله هو أن نجد طريقة للتواصل مع الآخرين حتى ولو لم نفهم بعضنا الآخر لكن يكفي أن نتواصل. من هنا جائتني فكرة أن أختار عنواناً عربياً للعمل بغض النظر عن معنى العنوان نفسه ومايعكسه من انطباعات عن العمل نفسه. أنا أعيش في مجتمع يتكلم أهله اللغة الانكليزية ومعظم زوار المعرض لن يستطيعوا قراءة سوى اللغة الانكليزية, الزائر كان يقرأ الحروف الانكليزية لكننا كنا نسمعه يقرأ العربية». تتابع هنادي: «لقد كان هناك تفاعل بطريقة غير مباشرة عبر لغتين واحدة من الشرق والأخرى من الغرب، تفاعل بين حضارتين وحوار من نوع خاص بينهما، لأن الزائر كان يدرك مباشرة أنه يقرأ فقط حروف انكليزية تشكل كلمات لا معنى بلغته، وهذا يقوده للتفكير بأنه يقرأ شيئاً من المؤكد أنه لا بد له معنى بلغة مختلفة, فوجود اللغة المرسومة تحت الحروف الانكليزية, سيعطيه انطباعاً بأنها لغة مختلفة من مكان آخر في هذا العالم».

الماء لدى هنادي طريفةأما الماء فقد كان هو العنصر البصري والمعنوي الذي يصل العالم ككل جغرافياً، لذا فقد استعملته هنادي في المعرض كما استعانت بفيروز التي وحدت العرب في آهاتهم وآمالهم: «وجود الماء في العمل -كعنصر بصري- كنايةٌ أخرى عن تواصل العالم، فالماء هو الذي يصل القارات ببعضها ويجعلها تبدو كعنصر واحد هو الكرة الأرضية التي يعيش عليها كل البشر. مهما حاول الناس وضع حدود سياسية للماء، فإن من المستحيل أن تكون ثابتة لأنه من المستحيل السيطرة عليه. الماء يوحدنا سواء شئنا أم أبينا! الماء ربما يوحد العالم ككل، لكني أستطيع القول بأن فيروز توحدنا نحن العرب. ينسينا صوت فيروز العذب وموسيقاها جنسيتنا وينسينا من نحن ويذيب كل الحدود بين معظم البلدان العربية، لأن معظم العرب يستمعون إلى فيروز بكل أنحاء المنطقة. لقد اخترت صوت فيروز ليغني في الصالة أثناء العرض فأبدع وأضفى إحساساً جديداً للعمل ولزواره الذين كانوا يستمتعون بسماعها، فمن لا يعرفها يسأل عن ملحنيها ومغنيها. كان صوت فيروز أيضاً بعداً آخر جديداً للحوار في ذلك العمل، ليس فقط بين العرب أنفسهم بل بين الشرق والغرب من جديد، بين حضارتين لطالما تأثرتا وأثّرتا بعضهما بالآخر عبر العصور».




اكتشف سورية


 صور المقال
سلام لأبي معرض هنادي طريفة
سلام لأبي معرض هنادي طريفة
سلام لأبي معرض هنادي طريفة
سلام لأبي معرض هنادي طريفة
بقية الصور...

تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

Luma Ibrahim:

I loved the idea of your last work,your project has got so much passion. well done
United Kingdom

ضيف اكتشف سورية
إلفة الإدلبي
إلفة الإدلبي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر