الأوس للنشر

المدرج الروماني في بصرى

كان في مكانه قلعة نبطية لا تزال أساساتها قائمة. هدمها الرومان في بداية القرن الثاني وبنوا المسرح. ثم أقام المسلمون حوله قلعة استعملت لمدة تزيد عن قرن ونصف فحمت المسرح من الهدم والدمار. ويقع في الجهة الجنوبية من مدينة بصرى، هندسته هلنستية رومانية. وهو نصف دائري (Amphitheartre) جيد الحفظ، ويُعتبر الوحيد الكامل في العالم. أُقيم في سهل فسيح لا يدعمه تل أو منحدر أو جبل كما في المسارح الأخرى. بُني عام 102م في عهد الإمبراطور تراجان. طوله حوالي 102م وارتفاع جدرانه حوالي 20م. يتسع لـ 15 ألف متفرج، وفي قول آخر ستة آلاف جلوساً واثنان إلى ثلاثة آلاف وقوفاً. صممه المهندس فيتروس (Vitrus)، وفي رواية أخرى أبولودور الدمشقي. تُزينه تماثيل وأفاريز منقوشة ويغطيه المرمر اللون. هندسة البناء تساعد على سماع أصوات الممثلين والموسيقى بوضوح في كل أرجاء المسرح. ويفرّغ من المشاهدين خلال 5 دقائق، لوجود أبواب على مستويات مختلفة في المدرج، وممرات معقودة تقودهم إلى الجهة الخلفية من المسرح حيث أبواب ثلاثة رئيسية تؤدي إلى الخارج.

المدرّج من الحجر البازلتي ويتألف من 37 درجة على شكل مجموعات هي 14 و18 و5، بينها أدراج. يُقال بأن المجموعة الأولى كانت لرجال الدولة والشخصيات المهمة، والمجموعة الثانية كانت للفرسان، أما الثالثة فكانت للنساء، يحيط بها 60 عموداً تيجانها دورية (Doric). والأماكن المهمة كانت مرقمة باللاتيني. وفي المسرح ممرات وأروقة جدران المسرح الملساء كانت بدون كسوة، أما الخشنة فكانت مغطاة بالرخام الأبيض.

في واجهة منصة التمثيل ثلاثة صفوف من الأعمدة الكورنثية، ومحاريب لوضع التماثيل، وأبواب ونوافذ علوية بعضها مفتوح وبعضها مغلق. الواجهة كانت مغطاة بالرخام، لم يبق منه إلا القليل، أطوالها 8×46م أرضيتها كانت مغطاة بالخشب الذي وضع فوق قواعد حجرية مربعة الشكل فتركت فراغاً يسمح بجلوس الملقنين تحتها، ويصلون إليها عبر باب في الممشى وراء المنصة. قواعد وتيجان الأعمدة رخامية أما الجذوع فمن الحجر الكلسي. على جانب المنصة يوجد بهوان فوق كل واحد منصة وهو مزخرف بأشكال ورسوم ملونة. وكانت لجنة التحكيم تجلس عليها لتقدير الإنجاز وبالتالي المكافأة. خلف المنصة توجد غرف الممثلين والممثلات لتغيير الملابس، مع أروقة وممر ينتظر فيه الممثلون أدوارهم، ثم يدخلون عبر ثلاثة أبواب كبيرة في واجهة المنصة أو من خلال بابين جانبيين. أمام المنصة ساحة نصف دائرية هي الأوركسترا من أجل الموسيقيين، بلاطها أصلي. وكانت تستخدم أيضاً لإقامة الطقوس الوثنية في الأعياد والمواسم.

كان في أعلى المدرج رواق، سقفه خشبي محمول على أعمدة دورية، تحته صفوف من المقاعد الخشبية لجلوس المتفرجين. ويوجد ممر لدخول الحيوانات إما لمصارعتها أو لألعاب السيرك. ولسلامة المتفرجين وُضع شبك حديدي ارتفاعه متر بين المدرّج والأوركسترا. وكان للمسرح ثلاثة مداخل رئيسية من الخارج. يُقال بأن الأول من أجل الغرباء والثاني للشعب والثالث للطبقة العليا منه.

كان المسرح يُغطى بخيمة من الحرير المطبّع لحماية الناس من شمس الصيف ومطر الشتاء. وكانت مياه معطرة تُغلى في قدور لتصبح بخاراً تحتجزه الخيمة وتجعله ضباباً خفيفاً معطراً، يُرطب الجو وينعش المشاهدين. وهناك من يتولى إجلاس الناس في أماكنهم. كما كانت البلدية تمنح الممثلين أجوراً حسب إجادتهم. والدخول مجاناً أو بدعوة تُرسل على شكل بطاقة فخارية. وكان الناس يُدعون من المدن المجاورة للاشتراك بالاحتفالات والألعاب الأولمبية، لأن الأنباط كانوا يقيمون ألعاباً أولمبية كل أربع سنوات. فكان مندوبون عن كل مدينة يشاركون بالاحتفال، حيث تقدم فيه هدايا لإله النبطيين دوسارس (Dusares) أي ذو الشراة. وكانت هذه الاحتفالات تنتهي بعروض لتكريم مواطنين تفوقوا بعمل أو بإنجاز أو بفن أو علم فيكافؤون بجائزة، أو يتوجون بالغار أمام المشاهدين.


فاطمة جود الله


سورية نبع الحضارات


ضيف اكتشف سورية
ضيف اكتشف سورية
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 



هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر