مسرحية «وجع» بتوقيع شانا على مسرح القباني بدمشق
15 حزيران 2015
.
اختلطت الأساليب في مسرحية «وجع» للمخرج السوري «لؤي شانا» التي بدأت عروضها على مسرح القباني بدمشق وتستمر لغاية 17 تموز 2014، اختار «شانا» نص «عطيل» لشكسبير لينطلق منه إلى عالم آخر صاغه بطريقة يقترب من التجريب أدخل فيه السينما وخيال الظل والرقص ونصيّن واحد لشكسبير وآخر لشانا، حيث تفتتح المسرحية بمقاطع من فيلم «عطيل» للمخرج الأميركي أوليفر باركر، وتنطفئ الشاشة ليبدأ الفنان محمد شباط في دور «عطيل» رقصته على شكل خيال الظل من وراء الشاشة ومن ثم ينتهي دور شكسبير مع المشهد الذي تقتل فيه ديزدمونة «هبة محمد» على يد زوجها «عطيل»، وهنا تتدخل «إميليا ـ زوجة ياغو» وتلعب دورها الفنانة ثراء دبسي لتوقف اللعبة مع نص شكسبير وتخاطب مخرج العرض في الكونترول حتى يوقف قتل ديزدمونة، لأنها مخلصة لزوجها وكل ما قيل عنها كذب وافتراء، وتخلع رداء الدور وتلبس اخرى ليحدث انعطافاً كبيراً في النص من جملتها «مآسي شكسبير لا تساوي نقطة من أوجاع سورية، نريد نصاً آخر يحكي آلام السوريين..». وتبدأ حكاية جديدة تتطرق إلى الوجع السوري الآن بعيدة كل البعد عن «عطيل» يزج فيه صاحب العمل بعض قصائد الشاعر فاروق جويدة.
تضاربت الآراء حول هذه المسرحية، هناك من رآها سطحية ومباشرة ليس له علاقة بنص «عطيل» مما أدى إلى شرخ واضح في النص، وهناك من رآها بأنها تطرقت إلى المآسي السورية اليوم في ظل هذه الحرب اللعينة، حيث يقول محمود العلي من الحضور لاكتشف سورية: «أعتقد بأن اختيار "شانا" لهذا النص الشكسبيري لم يكن موفقاً لأن "عطيل" يتحدث عن قتل اسبابه بعيدة جداً عن اسباب ما يحصل الآن في سورية، ناهيك عن اعداد سطحي وضعيف، لا يعرف هويته، ودخل فيه الكثير من حالات المباشرة».
سهير حمدان قالت لنا: «مسرحية وجع لامست اوجاعنا نحن السوريين إلى حد البكاء، نحتاج اليوم إلى مثل هذه العروض لتعرف كل العالم ماذا فعلت هذه الحرب الظالمة بالشعب السوري».
وبدورها اشادت الفنانة القديرة ثراء دبسي بالمخرج لؤي شانا قائلة: «أنا من طلبت من المخرج لؤي شانا كي أتعاون معه بعمل كهذا ولولا ثقتي به كمخرج ما فعلت ذلك فضلاً عن هذا النص الذي جذبني حتى أكون على الخشبة اليوم».
وأضافت: «نحن الآن لا نستطيع أن نتحدث بأي شيء غير ألمنا ووجعنا، وعندما نخرج منه يعني بأننا نعمل بأشياء مزيفة على الخشبة، مهما قدمنا من الجمال ورؤى لا تعني شيئاً أمام ما يعانيه شعبنا وبلدنا اليوم».
وانهت حديثها قائلة: «ما نطرحه في "وجع" اليوم هو انعكاس لموقفنا ووقوفنا بوجه القتل والدمار، نقول "أرواح تزهق كل يوم أما آن للعقل أن تحل مكان القتل والدم"، نطرح مقولة مهمة جداً، هذا جذبني كي أشتغل في هذا العرض، وما نتحدث به هو أقل بكثير ما يحصل بسورية اليوم».
ومن جانبه قال المخرج لؤي شانا: «عموماً نصوص شكسبير مليئة بالمآسي والقتل والدم، اخترت هذا النص واشتغلت عليه ببناء درامي فكري، لأن مسرحية عطيل فيها مفاهيم تشبه ما نمر به الآن حيث يتطرق للخيانة والفتنة والقتل والدم، فأخذت من شكسبير المشهد الذي يعنيني وهو المشهد الذي يقتل فيه ديزدمونة واتكأت عليه لأصل إلى المقولة التي أريد قولها لا مقولة شكسبير».
وأضاف: «يتضمن العرض الكثير من المقولات إحداها هي صرخة "اوقفوا هذا القتل" هي صرخة تطلقها الممثلة الرئيسية بالعرض السيدة "ثراء دبسي"، صرخة بوجه كل من يقتل السوريين من الارهابيين ومن وراءهم، فيما بعد تتطور حكاية العرض لتصل إلى المقولة الثانية الاساسية عندما تخرج الممثلة من دور ايميليا، وتتحول إلى شخصية بدور آخر ويدور صراع بينها وبين المخرج في الكونترول وتقول له "لا تستوردوا وجع الآخرين لأن وجعنا نحن السوريين لا أحد يستطيع أن يعبر عنه، فكل مآسي شكسبير لاتستطيع أن تعبر عن مآسينا" لأن كل ما يحدث في سورية عبر هذه الحرب الجهنمية، حرب العالمية الثالثة هي وصمة عار على جبين الانسانية، ما حدث في سورية لا يشبهه كل الأدب العالمي، هي دعوة لنقول وجعنا نلامس به المتلقي».
وقال أيضاً: «اعي جيداً بأن المباشرة في الفن غير محببة، لكن هناك مواضيع معينة، المباشرة فيها ضرورة، وهنا لا أنكر بأنه هناك قسم محدد في العرض فيها مباشرة وهي مقصودة، ولكن العرض ككل بعيد عن ذلك، بل يعتمد على لمحات فنية ورؤية إخراجية، فمجرد إني اتكأت على نص لشكسبير هذا يبعد العرض من المباشرة».
وأنهى شانا حديثه قائلاً: «المسرحية مليئة بالأساليب الاخراجية والتجريبي هو الجامع حيث استفدت من الاسلوب الكلاسيكي والواقعي وغيرهما، وأنا الآن أصرح علانية باني لم استفيد فقط من شكسبير بل من قصائد الشاعر فاروق الجويدي ومن سعدالله ونوس».
مسرحية وجع من اعداد وإخراج لؤي شانا، تمثل الفنانة القديرة ثراء دبسي بالاشتراك مع محمد شباط وهبة محمد.
إدريس مراد
اكتشف سورية