محاضرة: الزخرفة الإسلامية في البيوت الدمشقية في ثقافي جوبر

22 كانون الأول 2011

-

أقيمت في المركز الثقافي العربي جوبر ضمن فعاليات مشروع سورية عام 2025 مجتمع قارئ ندوة الثقافة العربية بالتعاون مع الحملة الأهلية لتعزيز اللغة العربية بعنوان: «الزخرفة الإسلامية في البيوت الدمشقية» وذلك يوم الأربعاء 21 كانون الأول 2011 قدمتها الباحثة إلهام محفوض أمينة متحف دمشق التاريخي بحضور عدد من الصحفيين ومن رواد المركز الثقافي.

وتحدثنا عن بداية هذا الفن الجميل وكيف اشتهر الدمشقيون في إتقانه وبقائه إلى الآن قائلةً: «قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم "إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها" فالتمتع بالجمال والزينة فطرة فطرها الله في خليقته حين خلقه في أحسن تقويم وخلق له الدنيا يتمتع بها ولا بد من الوقوف عند معنى الزخرفة والتي هي علم من علوم الفنون وقد أخذت مصطلحاً جديداً تعني به جملة الخطوط الهندسية والتوريقية التي أبدعها الإنسان فهي بالقاموس كالذهب وكمال حسن الشيء, ومن القول حسنه قال الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة الخامسة والثلاثين من سورة الزخرف بسم الله الرحمن الرحيم "ولبيوتهم أبواباً وسرراً يتكئون عليها وزخرفاً"».

وتضيف الزخرف هي حدا الإبداع اللامتناهي كما وصفه أحد الباحثين في علم الفن ولعل الشواهد الفنية المتبقية هي أكبر دليل على عناية الحضارة الإسلامية بالفنون وهي حبهم للجمال والذوق الصافي في الإبداع وذلك من خلال اقتباس الفن الإسلامي على نحو من الجوانب الشكلية من الفنون التي سبقته وكما يرى الباحثون أن الفنون الإسلامية نشأت حول محورين هما المسجد والمصحف هذان الأساسان كانا عاملي توحيد للفنون الإسلامية حيث اهتم المسلمون ببناء المساجد من النواحي العمرانية والزخرفية كما اهتموا بالمصحف من حيث تكوين الخط والتذهيب والترويق وبدأ الفن الإسلامي متأثراً بالرغبة في تجميل الحياة.

وتؤكد على أن الإنسان العربي السوري ترك روائع فنية للأجيال لا لتفخر بها فحسب وإنما لتشحذ الهمم للعمل المبدع والمتجدد ولأن سورية هي موطن حضارة وعلم وفن ومدينة دمشق خصوصاً فهي سليلة المجد و مهد الحضارات المتعاقبة ومنبت الإبداع المستمر وهي نموذج للخلود وهذا ما عبر عنه السيد كورت فالدهايمر بقوله: «إن الإنسان يستطيع أن يلمس بيديه التاريخ العريق ويشاهد بعينيه توالي الحضارات الإنسانية حين يزور دمشق ولا يسعه إلاّ أن ينحني وبكل إجلال أمام عظمة التاريخ الذي لا يجد له شبيهاً في أي بقعة من بقاع العالم».

وتتابع عندما نذكر دمشق لابد أن نذكر الجامع الأموي الذي يعود فضل بنائه إلى الوليد بن عبد الملك عام 715-705 وحرصه على تزيين جدرانه بروائع فنية وثقافة جمالية وقد قال ابن جبير في وصف زينة الجامع الأموي: «هو من أشهر جوامع الإسلام حسناً وإتقان بناء وغرابة صنعة واحتفال تنميق وتزيين وشهرته المتعارفة في ذلك تغني عن استغراق الوصف فيه ومن عجيب شأنه أنه لا تنسج به العنكبوت ولا تدخله ولا تلم به الطير المعروفة بالخطاف».

وتتابع الحديث عن شرح للزخارف الإسلامية في البيوت الدمشقية وما هي أنماطه والسمات التي تمتاز بها لأن الفن الإسلامي اتجه نحو الزخرفة أيماناً بعقيدة وأبتعد عن تجسيد الأشكال البشرية والحيوانية، وأنواع أنماط الزخرفة هي زخارف نباتية عبارة عن عناصر زخرفية مستمدة من الأوراق والفروع والأزهار، وزخارف كتابية وهي زخارف تتألف من الخطوط كالخط الكوفي والخط النسخي، وزخارف هندسية أساسها الأشكال الهندسية المنتظمة المتداخلة المتشابكة مع بعضها البعض مثل المثلث و مربع و مضلعات و نجمة، ومن سمات الزخرفة الإسلامية التجريد خوفاً من الوقوع في المكاره من تصوير الكائنات الحية، وكراهية الفراغ فلم يتركوا مساحة أو سطحاً وإلا وزخرفوه، والتكرار في إعادة رسم العنصر عدة مرات أو توظيف عنصر واحد، والتناظر والتناوب.

ومن الأماكن الأكثر جمالاً وروعة وهي باقية إلى يومنا هذا قصر العظم وبيت جبري وبيت السباعي وبيت نظام بالإضافة إلى ما هو موجود خارج أسوار دمشق مثل بيت العابد البيت الشامي وبيت سليمان وهذه الأماكن تعبر عن روعة وإبداع الأنامل السورية في هذه الصنعة ووصلت شهرتها إلى أوربا وعرفت بالأرابيسك ونالت كل تقدير وأهتم من حيث العلم في حصولهم على رسائل في الدكتوراه في فنوننا وزخارفنا الشرقية الأصيلة.

وفي نهاية هذه الندوة قامت المحاضرة بعرض جزء من تجربة عملية لها في أعمال الترميم وصيانة بيت العقاد وكلفت لها إشراف وتدريب الكادر السوري على أعمال الصيانة الخشبيات فيه وبالتعاون مع المتحف الوطني الدانماركي وذلك بهدف الحفاظ على هذا الإرث العريق في الفن الأصيل وهذه الزخارف التي تعطي الناظر روعة وإبداع من خلال الاهتمام في الترميم والتعليم.


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق