بيوت دمشق القديمة

24 تشرين الأول 2011

تزخر أحياء دمشق القديمة بالعديد من معالم و أوابد السياحة الثقافية والتي تعكس بمجملها مستوى التطور و الغنى و الرقي العمراني الذي وصلت اليه الحضارات السابقة التي تعاقبت على هذه المدينة العريقة بتاريخها.

وتتميز السياحة الثقافية بمجموعة من المزايا حيث تتميز بالازدهار والتطور من حيث زيادة أعداد المهتمين والزائرين لمعالمها مايزيد من تاثيرها الاقتصادي على العائدات السياحية بشكل عام ويسهم في التعربف بالغنى التاريخي للبلد الذي يحتضن أوابدها .

كما يسعى هذا النوع من السياحة الى خلق تعايش بين حماية التراث ومتطلبات التوسع الاستثماري القائم على جلب المزيد من المشاريع السياحية لمواقع السياحة الثقافية ما يعني بذل المزيد من الجهود لحماية هذا التراث بالتوازي مع جذب الاستثمارات الهادفة إلى تفعيل دور قطاع السياحة في الاقتصاد المحلي .

وقال المهندس فيصل نجاتي مدير سياحة دمشق إن اهمية السياحة الثقافية تنبع من كونها منتجا رئيسيا من المنتجات الموجودة في سورية لما تحتويه من مراكز اشعاع حضاري و ثقافي بقيت زاخرة على مدى العصور وهي غير مقتصرة على منطقة واحدة انما ممتدة على جميع المحافظات السورية مبينا أن السياحة الثقافية شكلت خلال عام 2010 نحو 18 بالمئة من نسبة السياحة في سورية.

وأضاف أن دمشق القديمة تعتبر مدينة سياحية متكاملة لأنها تحتوي على العديد من أسواق المنتجات التقليدية المميزة والمهن التراثية المتنوعة اضافة الى البيوت الدمشقية العريقة والتي بدات منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي بالتحول إلى فنادق ومطاعم ومقاه وصالات عرض فنية .

وأوضح نجاتي أن هذه البيوت كانت عبارة عن بيوت مهدمة أو مهجورة تمت اعادة بنائها واحيائها على النمط السياحي للعمارة الدمشقية باستخدام مواد البناء الأصلية و الحفاظ على التراث المعماري القديم لافتا الى الاقبال الكبير الذي تشهده هذه البيوت من قبل السياح حيث تحقق لهم تجربة عيش التاريخ من خلال الاقامة بفنادق تراثية تحتوي على معالم الاصالة والتراث وبخدمات متطورة وضمن نسيج اجتماعي تراثي مميز .

واضاف مدير سياحة دمشق ان ادارة و تنظيم و تخطيط المدينة القديمة يتم من قبل لجنة حماية دمشق القديمة والتي تضم محافظة دمشق ومديريات السياحة و الاوقاف و الآثار ونقابة المهندسين وكلية العمارة وممثلا عن الجمعيات الأهلية حيث تقوم هذه اللجنة بوضع الخطط اللازمة لتطوير دمشق القديمة بشكل متكامل من النواحي الخدمية والسياحية والاجتماعية .

وذكر نجاتي أنه يعمل تحت اشراف هذه اللجنة لجان فنية معنية بمتابعة و دراسة كل طلبات الترميم والتوظيف وفق خطة مدروسة ومتكاملة تحافظ على الهوية التاريخية والعمرانية وتغنيها بالبعد السياحي والحضاري مشيرا الى الاعداد حاليا لتطبيق مبدأ النافذة الواحدة لانجاز الأعمال بالوقت المناسب .

وأشار نجاتي إلى استخدام وزارة السياحة في الترويج لمدينة دمشق القديمة كل الوسائل الاعلامية المتطورة من أفلام وإعلانات لجذب السياح العرب والأجانب ومواطني البلد وتشجيعهم على زيارة المواقع الأثرية فضلا عن اصدار نشرات علمية فيما يتعلق بالمواقع والتعريف بها.

وبين مدير سياحة دمشق أن وزارة السياحة من خلال مشاركتها بالمعارض الخارجية تعتمد ديكورات تظهر عراقة وتراث البيئة الشامية ومفرداتها لافتا إلى أن نشاطات الوزارة بالنسبة للسياحة الثقافية لاتشتمل على زيارة المواقع الأثرية انما تشمل تنظيم العديد من الليال السياحية والمهرجانات والمعارض المتنوعة مثل مهرجان طريق الحرير ومعرض السياحة الداخلية ومعرض الزهور و ورشات العمل مع شركات تنظيم الرحلات وتنظيم حملات إعلانية في أهم الدول المصدرة للسياح إضافة إلى دعوة الصحفيين واصحاب الشركات السياحية للاطلاع على المنتج السياحي و إبراز المواقع السياحية الثقافية الهامة .

ومن اهم بيوت دمشق القديمة جورج مشاقة ونظام وجورج شاوي وماري قطاش وفارحي واستامبولي المعلم وجورج دحداح وسقا أميني والنابلسي والمجلد و رشاد جبري والعجلاني والأمير عبد القادرالجزائري و شيرازي والاسطواني والعقاد وكبور والسباعي والقوتلي والقباني والحفار وشطة وتوتة اضافة الى قصور النعسان والعظم وشمعايا.

بدوره او ضح المهندس طارق النحاس مدير مدينة دمشق القديمة أن مدينة دمشق القديمة كلها منطقة أثرية وان كل ما يقع داخل السور مسجل في دائرة الآثار وفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو والبيوت القديمة جزء من هذه الأوابد الأثرية مع وجود بيوتات أخرى تعد من البيوت الدمشقية القديمة خارج السور مثل بيت يوسف العظمة في حي المهاجرين وبيت أبو خليل القباني في منطقة كيوان.

ولفت نحاس إلى ان الاستملاك لم يشمل إلا جزءاً يسيراً من البيوت في دمشق القديمة مثل حي الحمراوي فيما لا يزال الجزء الأكبر منها مسجلاً بأسماء أصحابها مبينا الدور الذي تقوم به المديرية في المساعدة على تنفيذ عمليات ترميم البيوت عبر منح قروض لأصحاب البيوت غير القادرين على الشروع بهذه الأعمال أو تحمل 10 بالمئة من كلفة الترميم أو منح القروض بدون فوائد في حال نفذ الترميم وفقاً لرؤية المديرية.

وبين مدير دمشق القديمة أن المديرية تعمل حالياً على إعداد مخطط تفصيلي لدمشق القديمة يشجع على إقامة المهن الثقافية كصالات المعارض والتحف والمكتبات في البيوت القديمة ضمن محاور محددة مع التأكيد على عدم إزعاج الجوار ليكون هذا المخطط مكملاً للمخطط التوجيهي الذي صدر عام 2008 وحدد الأماكن التي يمكن أن تحول لمواقع استثمارية كالمطاعم والمقاهي والنزل بعد موافقة الجوار وضمان تحقيق الشروط الفنية والصحية.

ونوه نحاس الى أن مديرية دمشق القديمة تعمل حالياً على ترميم وتأهيل ثلاثة بيوت وترميم بيوت نظام و السباعي و القوتلي لتتحول لنزل سياحي بالتعاون مع السياحة والآثار كجهات مشرفة وشبكة الآغا خان كجهة منفذة ومستثمرة للمشروع حيث يحتاج هذا المشروع ثلاث سنوات حتى يبصر النور.

من جهته أشار المهندس همام الزعيم الاستشاري في دائرة آثار دمشق إلى وجود اختلافات في الرؤى بين دائرتي آثار وسياحة دمشق حول التعامل مع البيوت القديمة وشكل استثمارها حيث تركز السياحة على إقامة مشروعات ذات ريعية وجاذبة وتحقق أفضل الخدمات فيما توءكد الآثار ضرورة المحافظة على السمات العامة للبيت وأدق التفاصيل مبيناً ان القول الفصل في هذا الموضوع يكون للسياحة التي تشجع على دخول روءوس الأموال وجذب عدد أكبر من السياحة الوافدة.

وأكد الزعيم أن عمليات الترميم الجارية على بيوت نظام والسباعي و القوتلي تتم وفق إشراف دقيق حيث تلتزم الجهة المنفذة بإعادة الشكل الأصلي لهذه البيوت بنسبة تفوق 90 بالمئة حيث عملت على توثيق جميع محتويات البيوت وتصويرها وتنفيذ عمليات الترميم بطريقة تحافظ على معالمها الحضارية ودون تخريبها واستخدام مواد مماثلة للمواد الحقيقية وتخزين العناصر المستخدمة وفق شروط فنية دقيقة والإبقاء على قاعات محددة في البيوت بغرض الزيارة والإطلاع دون استخدامها من قبل زبائن النزل وهدم بناء إسمنتي حديث مجاور للبيوت وإقامة مبنى للخدمات مخصص للنزل مكانه.

وبين أن العقد الموقع مع شبكة الآغا خان لترميم هذه البيوت يتضمن قيام الشبكة بترميم البيوت الثلاثة وفق صيغة بي أو تي لمدة 33 سنة مضيفاً ان بيت نظام بني في القرن الثامن عشر ويمتاز بكبر المساحة وروعة التزيين ويحتوي أهم الغرف الدمشقية وهي المعروفة باسم قاعة الذهب المكسوة بالعجمي المذهب فيما بني بيت القوتلي في النصف الثاني من القرن 19 ويجسد كل الفنون الموجودة في البيت الدمشقي القديم فيما استخدم بيت السباعي متحفا لمحنطات الطيور والحيوانات التي اصطادها الصياد الدمشقي الشهير حسين ايبش.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

ziad nahlawy:

ممتاز وروعه

sirya