أنطاكية
تعتبر أنطاكية Antakya واحدة من أكثر مدن سورية التاريخية شهرة. ويعود منشؤها إلى مطلع القرن الثالث قبل الميلاد على يد خليفة الإسكندر الكبير القائد سلوقوس الأول نيكاتور؛ والذي بناها تخليداً لذكرى والده أنطيوخس.
تقع أنطاكية في شمال غربي سورية عند الطرف الجنوبي لسهل العمق، يحدها شرقاً جبل سلبيوس ويعد جزءاً من الجبل الأقرع، وغرباً نهر العاصي. وتبعد عن شاطئ المتوسط حوالي 25 كم.
تم بناء المدينة وفقاً للنظام الشبكي (الشطرنجي) الذي غلب على تخطيط المدن في تلك الحقبة ، وحددت اتجاهاتها بدقة بالغة لتستفيد إلى أقصى حد من أشعة الشمس شتاءً ومن الظلال ونسيم البحر صيفاً، وأخذت شكل مستطيل طوله ميلان وعرضه ميل واحد، يحيط بها سور على شكل شبه منحرف، له خمسة أبواب و360 برجاً على شكل أنصاف دوائر.
كان الشارع الرئيسي الذي يخترق المدينة من الشرق إلى الغرب أهم شوارع المدينة، والتي كانت مرصوفة بمجملها. وقد بنيت المدينة على أربع مراحل، وتألفت في النهاية من أربعة أحياء، مما أشاع اسم «المدينة الرباعية» كأحد مسمياتها، ومن مسمياتها أيضاً «أنطاكية على نهر العاصي» و«أنطاكية دفنة» لتمييزها عن غيرها.
وقد تزايد عدد سكان المدينة منذ إنشائها لتصبح واحدة من أهم مدن الحقبة السلوقية إلى درجة ساد فيها الاعتقاد أنها عاصمة سلوقوس نيكاتور؛ إلا أن المكتشفات الأثرية أثبتت تبوؤها هذه المكانة بعد وفاة مؤسس الأسرة السلوقية أو بعد الحرب السورية بين السلوقيين والبطالمة حيث احتل البطالمة عاصمة السلوقيين سلوقية بيرية. ونقل سلوقوس الثاني عاصمة حكمه إلى أنطاكية حيث استمرت مدينة مزدهرة تضاهي أهميتها مدن الشرق العظيمة كالإسكندرية. واستمرت هذه الأهمية بعد احتلال الرومان لسورية عام 64 ق.م، حيث أصبحت مركز الحاكم الروماني وجيوشه، ومركزاً تجارياً مرموقاً، واستمرت في مكانتها هذه طوال الألف الميلادية الأولى حيث تنازعها الفرس والبيزنطيون والمسلمون العرب والحملات الصليبية المختلفة.
ضمت المدينة عدداً من المعابد الهامة كمعبد هرقل ومعبد زيوس، كما كانت تضم مسرحاً وحماماتٍ ومتحفاً ودوراً للكتب ومجلساً للشورى وملعباً للألعاب الأولمبية، التي كانت تقام كل أربع سنوات، وقناطر كانت تجلب الماء من دفنة. كذلك بنيت فيها قلعة على قمة جبل سيلبيوس. وأضاف إليها الأباطرة الرومان عدداً من المنشآت الرسمية والعامة، كالقصور والملاعب والأقواس والملاعب والمعابد والأبراج والحدائق، حتى امتدت المدينة على بعد ميل خارج الأسوار، مما اضطر الإمبراطور الروماني إلى بناء سور جديد. وبلغ جمال ضاحية دفنة التي سميت المدينة باسمها حداً بلغ الأساطير.
ولأنطاكية شهرة سياحية واسعة لأهميتها التاريخية والدينية ففيها أقيمت أول كنيسة أممية، وسمي فيها تلاميذ المسيح مسيحيين، وقد أسس هذه الكنيسة القديسان بولس وبرنابا سنة 42م، وكان فيها مقر البطريركية الأرثوذكسية التي تفرعت عنها بطريركيات القسطنطينية وأنطاكية والقدس والإسكندرية وموسكو، وتعرف رسمياً باسم بطريركية أنطاكية وسائر المشرق.
مواضيع ذات صلة: