مبدعو حلب يكرمون برعاية مجلس مدينتها

حفل إعلان جائزة الباسل للإبداع

مبدعو مدينة حلب كانوا على موعد مع التكريم الذي جرى صباح يوم الخميس السادس من كانون الثاني الحالي 2010 في مديرية ثقافة حلب، حيث تم تكريم عدد من الباحثين المميزين من أبناء المدينة في عدد من المحاور العملية والأدبية والفنية فيما ما يعرف باسم «جائزة الباسل للإبداع» والتي يقيمها وينظمها مجلس مدينة حلب.

وقد جرى هذا العام تكريم كل من الأديب الباحث سمير طحان عن المحور الأدبي، والدكتور عبد الحميد بنود عن المحور العلمي، والسيد محي الدين العمر عن المحور الفني؛ وأخيراً تم تكريم الأستاذ الكبير صباح فخري لمساهمته الكبيرة في التعريف بمدينة حلب من الناحية الفنية على الصعيد العالمي. كما جرى تكريم كل من الأديب عبدو محمد لجهوده في اللجنة التنظيمية لجائزة الباسل منذ تأسيسها وحتى الآن، ومجلة «أبيض وأسود» لمشاركتها الفاعلة في نشاطات مجلس مدينة حلب الثقافية وإقامة الندوات الوطنية والقومية لكبار المثقفين في مدينة حلب.


الدكتور معن الشبلي

وعن الجائزة يقول الدكتور معن الشبلي - رئيس مجلس مدينة حلب - بأنها تأتي بهدف تطوير الإنسان وتشجيع الإبداع والمبدعين في المجالات الثقافية والفكرية حيث يعود عمر هذا التقليد إلى 17 عاماً حيث يضيف: «لم يعد دور مجلس المدينة مقتصراً فقط على الجانب الخدمي، بل أصبح معنياً بكل الجوانب ومناحي الحياة الخدمية والاجتماعية والثقافية. لقد أدرك المجلس أهمية الإنتاج الفكري لما له من دور في تنمية المدينة، حيث تأتي هذه الجائزة ضمن النشاطات الثقافية للمجلس وتعطى لمن ضحى وعمل لصالح المدينة حيث شهدت مع مرور السنين تطوراً أفقياً ليشمل تقديم الجوائز في عدد من المجالات منها قراره الأخير بتكريم شخصية اعتبارية بشكل سنوي إضافة إلى المحاور التي يقدمها المجلس سنوياً».

بدوره يقول السيد محافظ حلب المهندس علي أحمد منصورة بأن هذا العمل يسجل لصالح مجلس المدينة الذي يعمل على تأهيل الإنسان وتنمية الموارد البشرية التي تعتبر رافد المدينة والمتمثلة من خلال المبدعين والباحثين الذين يعملون ويقدمون لهذه المدينة حيث يضيف: «هذا التحفيز لا يشمل فقط من تم تكريمهم اليوم، بل يمتد أيضاً ليشمل باقي المبدعين ما يؤدي إلى زيادة العمل الذي يعطي نتائج مميزة لصالح المدينة في كل المجالات الثقافية والعلمية والأدبية التي تهم المجتمع برمته. كما أن هذه الجائزة تحمل اسم الباسل حيث تسجل هذه النقطة لصالح مجلس مدينة حلب حيث هناك جائزة تحمل هذا الاسم على المستوى الوطني من ناحية الإنجازات الهندسية، ومن المميز وجود جائزة أخرى تحمل هذا الاسم هي الجائزة التي يقدمها مجلس مدينة حلب».

المكرمون:
يقول الدكتور عبد الحكيم بنود المكرم عن المحور العلمي بأنه سعيد لهذا التكريم اليوم مضيفاً بأن يشكل حافزاً كبيراً له على الاستمرار في المنافسة الشريفة ويضيف: «إن تبني مجلس مدينة حلب لهذه الجائزة يسهم في تحفيز عادة البذل والعطاء وإذكاء روح المنافسة للإسهام في جميع المجالات. من جهتي أعتبر هذه المكافاة مكافأة معنوية كبيرة في مجال تقدير الإنجاز الفكري والذي سيقدم الحافز لنا على تقديم المزيد من الجهد والعطاء».

والدكتور عبد الحكيم بنود هو من مواليد مدينة حلب، يحمل الدكتوراه في مجال معالجة المياه من فرنسا منذ عام 1991. له العديد من المساهمات والإنجازات العلمية الكبيرة، كما حصل على براءة اختراع بعنوان «الإزالة الإلكتروكيميائية للعسارة الفحمائية للمياه»، وجهاز من أجل تطبيق هذه الطريقة. كما أنه رئيس لجنة البيئة في نقابة المهندسين وأستاذ في جامعة حلب، إضافة إلى كونه عضو جمعية المخترعين السوريين. له خمسة كتب في مجال الهندسة الصحية ومعالجة الفضلات الصلبة، ونشر له عدد كبير من الأبحاث في الدوريات العلمية.

أما المكرم عن المحور الأدبي الباحث سمير طحان فيقول بأن تطور الأمم يقاس بمقدار تقدير مبدعيها واهتمام هذه الأمم بذوي الاحتياجات الخاصة، ويضيف: «بالنسبة لجائزة الباسل فهي تشكل برهاناً على تطور سورية على المستويات الثقافية والاجتماعية. من ناحية أخرى التكريم هو تكريم لكل الشهداء والأحياء وكل ضحايا الحروب وكل الأدباء الذين يحاولون نقل الأدب المحلي إلى الأدب العالمي».

والباحث سمير طحان من مواليد مدينة حلب، تخرج من كلية الآداب - قسم اللغة الإنكليزية، والتحق بعدها بخدمة العلم. تخرج من المدرسة العسكرية أخصائياً بالمتفجرات وتم فرزه إلى الجبهة السورية في أواخر ستينات القرن الماضي في حرب الاستنزاف حيث انفجر فيه لغم أدى إلى ذهاب عينيه ويديه وجزء كبير من سمعه وأوفد للعلاج في إسبانيا. عاد بعدها إلى سورية ليصبح باحثاً يكتب بعدد من اللغات هي العربية والإسبانية والإنكليزية والفرنسية، حيث اهتم الباحث طحان بالتراث الشفوي الحلبي، وله عدة مؤلفات منها «هناهين قويق»، «الحكواتي الحلبي»، «القصاص الحلبي»، «شفويات سورية»، «أنا بحكي عربي سوري دارج» وهو كتاب تعليمي للأجانب يتألف من ثلاثة أشرطة تضم ثلاثين درساً، وغيرها الكثير.

بدوره يقول الفنان محي الدين العمر بأنه يشكر القائمين على هذه التظاهرة العملية الذين قدموا له التكريم المميز حيث يضيف: «مثل هذه الجوائز تزيد حافزنا للإبداع. كان لي عدة مساهمات أبرزها كتاب "الموسيقى والفلك" وهو كتاب بحثي في مجال لم يبحث به أحد قبل حيث يعتبر الكتاب الأول على مستوى الوطن العربي».

والفنان العمر من مواليد حلب، بدأ بتعلم الموشحات حيث انتسب إلى المعهد العربي للموسيقي في حلب لتعلم الصولفيج الغنائي والعزف إلى آلة العود، ثم انتقل إلى بيروت ليكمل تعليمه على يد الفنان الكبير المرحوم سمير الحلو. كما عمل مع إذاعة حلب منذ عام 1960 حتى 2000، وهو مشارك دائم في الاحتفالات الدينية الرسمية، وشارك في عدة مهرجانات للأغنية العربية مثل «قرطاج»، «الكويت»، و«ليبيا». ألف كتاباً بعنوان «الموسيقى والفلك» يبحث في سر الموسيقى وعلاقتها بالنجوم والفلك والكواكب وفيه التعرض لعلوم وفنون شتى.


تكريم الفنان الكبير صباح فخري

وللأستاذ صباح فخري التكريم:
كما تم تكريم الأستاذ الكبير صباح فخري لمسيرته الفنية الكبيرة الغنية عن التعريف تقديراً لدوره في التعريف بمدينة حلب على الصعيد العربي والعالمي من خلال المهرجانات الكبرى التي شارك بها والتكريم الكبير الذي ناله من جهات عدة. وقد جرى تكريم الأستاذ صباح فخري حيث يقول عن هذا التكريم: «هذا التكريم هو شرف كبير لي. إن حضارة الأمم تقاس بالفنون، ومع اهتمام القيادة والمؤسسات الرسمية بالفنون والموسيقى فإن هذا الأمر يؤدي إلى تقدم سورية. كما أن اهتمام قائدنا بالموسيقى هو أمر مميز حيث قام بإعطائي الوسام الأكبر في سورية. برأيي أن دور البلديات كبير جداً ولها وزن كبير وخصوصاً في الدول المتقدمة. ولا يقتصر دورها فقط على الخدمات الفنية والبناء، بل يمتد ليشمل رعاية كثير من الأمور التي تكلم عنها الدكتور الشبلي والمهندس علي منصورة من أجل نشر الثقافة وتوضيح دور البلديات في الوطن. نشكرهم على اهتمامهم وخدماتهم ونتمنى أن نبقى هكذا في سورية».

يذكر بأن جائزة الباسل للإبداع هي تقليد يعود عمره إلى العام 1994 حيث في بداية كل عام يعلن مجلس مدينة حلب عن قبول الترشيحات لهذه الجائزة وذلك عن خمسة محاور هي: المحور الأدبي، المحور الفني، المحور العلمي، المحور التراثي، ومحور تم إضافته حديثاً هو محور البحث العلمي. ويتم قبول الترشيحات وفق شروط معينة ومحددة منها أن يكون المرشح من أبناء مدينة حلب، وصاحب أعمال مهمة وقيمة تتحدث عن مدينة حلب، وأن يكون له كتاب واحد مطبوع واحد على الأقل، ويتم تقديم الجائزة عن مجمل أعمال الشخص وليس عن عمل واحد له فحسب.

وتستمر عملية قبول الترشيحات حتى نهاية شهر تموز من كل عام حيث تتشكل بعدها لجان تحكيمية من خارج المجلس يكون أعضاؤها من أساتذة الجامعة أو من النقابات المختصة حيث تقوم بتقييم هذه الترشيحات وترفع مقترحاتها لمجلس المدينة. بعد ذلك يجتمع أعضاء مكتب «الثقافة السياحة والآثار» مع اللجنة المنظمة لدراسة هذه المقترحات ورفع النتيجة النهائية لرئيس مجلس المدينة من أجل إصدار قرار منح الجائزة ضمن حفل يتم في نهاية كل عام.

ولا يشترط أن تقدم جوائز في كل المحاور إذ قد يتم حجب أحد المحاور وذلك للمحافظة على السوية الكبيرة لهذه الجائزة. وقد سبق أن نالتها شخصيات بارزة من سكان مدينة حلب نذكر منهم: سعد الله أغا القلعة، نجوى قصاب حسن، عمر حجو وآخرون.

أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية