تكريم المتفوقين في قرية ياخور بريف حلب

في واحدة من قرى ريف حلب، ظهرت تجربة جديدة فريدة من نوعها ذات طابع محلي، حيث قرر أهالي قرية ياخور القيام بمبادرة تحث أبناء قريتهم على طلب العلم أكثر وأكثر، وذلك من إقامة مهرجان سنوي تكريمي لمتفوقي القرية في كل من الشهادتين الإعدادية والثانوية وخريجي المرحلة الجامعية من جامعات أو معاهد. ويجري هذا التقليد للسنة السابعة على التوالي ضمن القرية، وعن ذلك يقول الزميل الصحفي نضال حنان: «كانت البداية قبل سبع سنوات تقريباً مع حفلة عائلية بسيطة تكريماً لأحد متفوقي القرية، ومن ثم أقيم حفل آخر العام الذي تلاه. بعدها قررنا أن نتوسع بالفكرة ليصبح مهرجاناً رسمياً يشمل كافة الطلاب المتفوقين في القرية».

ويضيف الصحفي نضال حنان أحد مؤسسي المهرجان وأحد أفراد اللجنة المنظمة للمهرجان الحالي: «أضحى المهرجان ظاهرة سنوية لدى أهل القرية تستقطب حتى المتفوقين من القرى الأخرى القريبة. وهي مبادرة محلية الطابع يشارك فيها جميع أفراد القرية من فلاحين ومزارعين، متعلمين وموظفين مقيمين في القرية أو في المدينة. ويهدف المهرجان إلى تحفيز أبناء القرية نحو المزيد من التعليم والتفوق خصوصاً وأننا نشهد مؤخراً تراجعاً في معدلات التعليم، وارتفاعاً في نسب التسرب من المدارس والأمية في صفوف الأطفال في القرى والمزارع البعيدة عن مراكز المدن. دفعنا ما سبق إلى فكرة إقامة مهرجان متعدد الفعاليات يترافق مع حفل تكريم المتفوقين والناجحين حيث أن ما يميز هذا المهرجان هو حيويته رغم ضعف إمكاناته المعتمدة على مساهمات أهل القرية. وبتنا نشهد أثراً واضحاً لهذا المهرجان في تشجيع وتحفيز أبناء القرية تجاه التعليم وتحقيق النتائج الجيدة».


تكريم المعلمين في حفلة قرية ياخور للمتفوقين دراسياً

هذا الأمر يؤكده الموجه محمود سيدو أحد معلمي مدرسة ياخور والذي يقول: «يمثل هذا المهرجان ملتقى لأطراف النجاح كافة، ففيه نرى جيل الشباب الذي حقق النتائج الدراسية المميزة، ونرى الأهالي الفخورين بإنجازات أبنائهم، ونرى المعلمين الذين زرعوا العلم لدى هؤلاء الشباب. شعرت بالفخر والاعتزاز أثناء قيامي بخط شهادات التقدير والتفوق لهؤلاء الشباب، وأحيي فيهم روح الإبداع والمثابرة والتصميم على النجاح حيث لا سبيل لامتلاك الحضارة إلا بالعلم».

وقد حاول كل فرد من أهالي القرية المساهمة بالمهرجان بشكل يتلاءم مع ما يملك، حيث قرر الفنان يوسف رشو (والذي يقول لنا بأن لقبه هو «فنان الضيعة») المساهمة عن طريق إحياء المهرجان غنائياً حيث يقول لنا: «هذه هي السنة الخامسة التي أشارك فيها بالمهرجان حيث أرى بأن مثل هذه الأنشطة تقوم بشد أواصر القربة والصداقة بين أفراد القرية، إضافة إلى أنها تمثل عملاً جماعياً يساهم ويشارك فيه كل أهالي القرية بهدف واحد أساسي وهو حث الأطفال على الدراسة».

ويتابع قائلاً بأن قرية ياخور هي القرية الوحيدة على مستوى المنطقة التي تقوم بمثل هذه المبادرة من ناحية المستوى والحجم والفكرة، مضيفاً بأن المساعدة تكون متنوعة من أهالي القرية حيث يساهم الميسورون بالناحية المادية في حين يساهم البعض بمواد عينية أو بجهد بشري، مضيفاً بأن هناك في كل عام لجنة مؤلفة من عدد من الأشخاص تكون مسؤولة عن التحضير للأمسية وشراء الهدية التي يجب أن تكون مفيدة للطالب ويضيف: «ما حققته هذه المناسبة هو انتشار ظاهرة حب العلم والتعلم حيث بدأ الأهالي يتشوقون لإقامة المهرجان عاماً بعد عام، إضافة إلى زيادة في عدد المتفوقين دراسياً في القرية، حيث أخذت عمليات التكريم تشجع الجميع على الدراسة والتفوق والإيمان بأهمية العلم والدراسة».


تكريم الطلاب المتفوقين دراسياً في قرية ياخور

شهادات تكريم ومسابقات، عروض راقصة تراثية وأغاني، وخمسين شاباً وشابة تم تكريمهم، هي كلها جزء من المهرجان الذي تقول عنه الشابة مريم حسين - المتفوقة الأولى على مستوى القرية - بأنه بات يشكل حافزاً لكل شاب وشابة نحو التفوق في الدراسة وتضيف: «أنا سعيدة بنتائج فكرة هذا التكريم كونه أدى لارتفاع المستوى الثقافي للقرية. حضرت حفلات التكريم التي تمت في الماضي وقد تم تكريمي عندما حققت معدلاً جيداً في الشهادة الإعدادية. أما ما أضافه هذا التكريم لنا، فهو أنه شجع أخوتي على الدراسة بعد رؤيتهم لي مكرمة». وقد كان مجموع الشابة مريم هو 247 درجة في الشهادة الثانوية حيث تختم كلامها بالقول بأنها قررت التسجيل في كلية الهندسة المعمارية التي كانت تحلم بها منذ زمن.

بقي أن نذكر بأن قرية ياخور هي إحدى القرى التي تقع ضمن النطاق الإداري لمحافظة حلب حيث تبعد 90 كيلومتراً تقريباً عن مدينة حلب من ناحية الشمال، و25 كيلومتراً شمال غرب مدينة عفرين، يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 نسمة يعمل أغلبهم في الزراعة حيث تشتهر القرية بأشجار الزيتون والجوز.

أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية