النهضة المسرحية لا تنشأ من فراغ بل هي رغبة عارمة من المثقفين والمفكرين والفنانين، وإن قيام هذه النهضة المسرحية في سورية، والتي أعقبت إنشاء المسرح القومي، ما كانت لتأتي لولا جهود الفنانين الجادين الذين كانوا يعملون سابقاً في المدارس و النوادي والذين بشروا بقيام مسرح جاد في سورية.
ومن هؤلاء الرجال رجل أحب المسرح و هو صغير وهاجر خارج القطر تدفعه تلك الرغبة العارمة لزيادة معارفه وعلومه حول المسرح، و بعد أن يكبر يعود إلى الوطن ليعكس حبه للمسرح و يساهم بدوره في التجارب المسرحية الجادة في سورية، ونعني الدكتور فيصل الراشد – مدير المسرح القومي في الحسكة.
وقد أشار الدكتور فيصل الراشد في حواره مع «اكتشف سورية» إلى أنه أصبح من الممكن تغطية سورية مسرحياً لا في عاصمتها أو في مدنها الكبرى فحسب، بل في أماكنها النائية أيضاً. وفي اللقاء المسرحي والمحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي العربي في الحسكة وذلك تحت عنوان «علاقة الجمهور بالمسرح» يوم الثلاثاء 8 كانون الأول 2009، تطرق الدكتور فيصل الراشد إلى مشكلة الظروف غير المريحة تماماً والمحيطة بالمسرح، وأهمها مشكلة الدراما التجارية المستوردة من الخارج والمواد الدرامية المشابهة التي تشكل تهديداً صريحاً على المسرح، هذه المسلسلات التمثيلية التي تحولت من خدمة المسرح إلى حرب عليه، وذلك بعد أن حصل المسرح بالكاد على هويته بعد تعب كبير.
للبدايات طابع خاص ونكهة خاصة مع التطور والوعي المتزايد، ماذا تقول عن بداياتك في هذه اللحظة الراهنة؟
بدأت المسرح في الحسكة و تأثرت بأخي المرحوم فؤاد الراشد الذي درس المسرح في موسكو أكاديمياً، فأنا أنتمي إلى عائلة فنية أحبت المسرح والأدب وبحكم هذا الأخ الكبير والأجواء الثقافية التي نشأت عليها، بدأت التمثيل وظهر عندي حب المسرح في مدرسة الموحدة في الحسكة أيام المرحلة الثانوية، وكان الأب أفرام مدير الموحدة آنذاك يرقبني ويقف بجانبي مشجعاً ومباركاً عملي ويقول: سيكون لك شأن في هذا المجال. ومنذ تلك الأيام وفي ذهني دراسة الإخراج المسرحي، وبالفعل سافرت إلى تشيكوسلوفاكيا والتي تعرف الآن باسم تشيكيا والتحقت بجامعة دامو، وبسبب تفوقي بعثت إلى فرنسا ودرست هناك المسرح المعاصر، وبعد حصولي على عدة شهادات عدت إلى الوطن سورية.
كلفتَ منذ حوالي السنة من قبل الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة بتأسيس المسرح القومي في محافظة الحسكة، حدثنا عن هذه التجربة.
محافظة الحسكة عريقة مسرحياً منذ زمن بعيد، ولدينا ممثلون وممثلات في الحسكة والقامشلي، وهم من المؤسسين للمسرح والفنانين المخضرمين أمثال فؤاد الراشد وسلوى سعيد وشريف شاكر وغيرهم من الأسماء المهمة في عالم المسرح. وبالفعل، ومنذ عام تقريباً، كلفت من قبل السيد وزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا بإنشاء المسرح القومي في الحسكة، ومنذ ذلك الوقت ونحن نعمل بشكل دؤوب وجاد في هذا الإطار، وبالمناسبة فإن الدكتور رياض نعسان آغا رجل مسرح وله تاريخ مسرحي ولديه عشق خاص للمسرح، وهو يشجع العمل به في كل محافظة، وقد أراد أن ينتقل المسرح إلى باقي المحافظات دون أن يكون المركز هو الوحيد المشع مسرحياً أسوة بباقي دول العالم. وقد وضع السيد الوزير جلّ اهتمامه في هذه الناحية، وفعّل المسرح في كل المحافظات السورية تقريباً.
ما هي الأعمال و النشاطات التي قمتم بها في هذه السنة؟
كما قلت عملنا بشكل دؤوب وبإخلاص من خلال الدورات المفتوحة لكل المسرحيين والمسرحيات من مختلف الأعمار، وبعد هذه الدورات التثقيفية في التمثيل والإلقاء، بدأنا العمل على خشبة المسرح وقدمنا مسرحية «المنشار يعزف أحياناً» من تأليفي وإخراجي، ومن ثم قدّم المخرج دحام السطام مسرحية «في عرض البحر» عن نص سلافومير مروجك ومازال العرض قائماً إلى الآن، واعتمد المخرج على البساطة في الديكور وهذه البساطة من وجهي نظري مهمة. ويمكن القول أن الأمور تسير بشكل سليم لأننا ابتعدنا عن المشاكل الثانوية وقمت بإشراك الجميع في هذه التجربة الجميلة بعيداً عن الاحتكار وروح الفردية، فالمسرح هو عمل جماعي لا يحتكره فرد واحد وهذا هو سر نجاحنا في هذه الفترة القصيرة.
هل هنالك نشاطات قادمة وبادية في الأفق للمسرح القومي في الحسكة؟
نعم حصلنا على موافقة لجنة المراقبة في مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة لمسرحية «المسيح بعد منتصف الليل» وهي من تأليفي، وهذا العمل قيد الإنجاز وسيكون العمل الثالث للمسرح القومي في الحسكة.
كولوز سليمان - الحسكة
اكتشف سورية