انطلاقا من أهمية توثيق الإرث الحضاري السوري أعلن اليوم اطلاق مبادرة ترشيح مدينة حلب ضمن شبكة المدن المبدعة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو وذلك في لقاء خاص أقيم في دار الاسد للثقافة والفنون.
المبادرة التي تنظمها وزارات الثقافة والسياحة والتربية والإعلام والإدارة المحلية بالتعاون مع المجتمع الأهلي السوري ومجموعة من الموسيقيين والباحثين والفنانين هدفها تسجيل حلب كمدينة مبدعة في مجال الموسيقا لما تتميز به هذه المدينة من غنى في الإرث الموسيقي الغنائي بجميع أشكاله.
وأكد وزير الثقافة محمد الأحمد خلال اللقاء أن ترشيح مدينة حلب لقائمة شبكة المدن المبدعة يعد انتصارا ثقافيا وطنيا مهما وخاصة بعد الدمار الكبير الذي لحق بالمدينة العريقة على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة إضافة إلى توجيه رسائل حضارية وإنسانية لداخل سورية وخارجها.
وأشار الأحمد غلى عزم وزارة الثقافة لإقامة الفعاليات والنشاطات الثقافية في حلب بجميع المجالات من سينما ومسرح وموسيقا ومعارض للكتاب والفن تشكيلي فضلا عن مسعى الوزارة لترميم ما تضرر من أوابد أثرية في المدينة بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين.
من جهته اعتبر وزير الاعلام المهندس محمد رامز ترجمان أن ترشيح مدينة حلب للقائمة أمر بديهي لما تحويه هذه المدينة من غنى في المجالات الاقتصادية والثقافية والفنية والاجتماعية فضلا عن مواجهتها للإرهاب الأسود الذي تعرضت له على يد التنظيمات التكفيرية والتي قابلها أهل حلب بصمود وعزيمة مؤكدين بذلك أنه لا يمكن لثقافة حلب وفنها وتراثها الإنساني أن يموتا.
واستعرض معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض آلية إنجاز ملف الترشيح الذي يضم قسمين الأول محلي داخلي ذو شقين مباشر يتصل باللحن والغناء والرقص وغيرها في حين يتمثل غير المباشر بالأنشطة الداعمة والموازية لمجال الموسيقا والتي تؤكد ارتباطها بالمجتمع المحلي.
أما القسم الثاني حسب المبيض فهو خارجي دولي متعلق بإعداد ملف الترشيح بصيغة علمية ضمن ضوابط ومعايير لجان تحكيم الملف لافتا إلى أنه بعد ترشيح دمشق كمدينة مبدعة عام 2015 تشكل لدينا فريق وطني ذو خبرة لخوض هذا المجال.
ورأى معاون وزير السياحة المهندس رامي مارتيني أن اختيار الموسيقا كملف أساسي لترشيح حلب بالغ الأهمية لما له من ارتباط بتطور الموسيقا العربية منذ ظهور الموشحات الأندلسية ودور الموسيقيين الحلبيين في تطويرها ونشرها فضلا عما تتميز به القدود الحلبية من انتشار وجماهيرية، مبينا أن هذا الترشيح يعد فريدا ونوعيا في نفس الوقت.
وأكد نائب رئيس مجلس الشعب المخرج نجدة أنزور أهمية المبادرة في هذه الظروف التي تتعرض لها سورية ما يسهم في دعم صمود الشعب السوري واظهار صورته المشرقة والمبدعة معتبرا أن الخبرات السورية ستضيف الكثير من النقاط الإيجابية في هذا الملف.
ولفت عضو مجلس الأمناء في الأمانة السورية للتنمية الدكتور طلال معلا إلى استعداد الامانة لإنجاز الملف العلمي لمدينة حلب خلال مدة تصل الى 3 أشهر مع تعاضد جميع الشركاء بما فيهم المجتمع المحلي الذي يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الملف.
وعن آلية العمل في ملف الترشيح أوضح معلا انه سيتم تحديد محاور رئيسية تشمل مختلف فنون الموسيقا في حلب بالتعاون مع المجتمع المحلي مؤكدا قدرة الكوادر السورية على تنفيذ هذا المشروع ضمن الشروط المحددة من اليونسكو وخاصة أنها كانت قد أنجزت الملف العلمي لترشيح دمشق كمدينة مبدعة عامي 2015/2016/.
وأعرب رئيس اللجنة الوطنية لليونسكو نضال حسن عن جاهزية اللجنة في تقديم ملف متكامل يضمن نجاح الترشيح بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين في هذا المجال.
وأكد الباحث في التراث السوري أحمد المفتي ضرروة التمييز بين الأناشيد الإسلامية والمسيحية خلال التوثيق للمشروع داعيا إلى إضافة فنون الرقص التي اشتهرت بها حلب كرقصة السماح إلى ملف الترشيح والاهتمام بالتراث الموسيقي السمعي والبصري.
ودعا الممثل محمد خير الجراح إلى وضع أولويات تحدد آلية العمل واشكال المساهمة في تفعيل ملف الترشيح.
وطالب الملحن والمؤلف الموسيقى سمير كويفاتي بالاستفادة من التفاعل الايجابي الرسمي والاهلي إزاء ما تعرضت له حلب من إرهاب في شحذ الطاقات لإنجاز المشروع بأفضل صورة بطريقة جدية بعيدا عن الاستعراض.
وانتقد المؤلف الموسيقي طاهر مامللي عدم توثيق الإرث السوري في جميع مجالاته وتحديدا في الموسيقى مطالبا الجميع بالشروع في حفظ هذا التراث من السرقة والاندثار وحماية الهوية الموسيقية السورية وتسجيلها دوليا والعمل على الارتقاء بها.
وبين الموسيقى المثنى علي أنه خلال بحثه في المكتبات الموسيقية العالمية التي تعمل على تعريف الشعوب بموسيقا العالم لم يلحظ سوى توثيق لفنانين سوريين عالميا وهما الفنان الكبير صباح فخري بتخصص موسيقى الفلكلور وما قدمه من نتاج موروث شعبي والفنان الراحل صبري المدلل الذي قدم نتاجا موسيقيا ذا طابع ديني مؤكدا أهمية العمل مع جميع الجهات الأهلية والرسمية لحفظ وتوثيق التراث السوري وحماية حقوق المؤلفين وتسجيلها دوليا.
الشاعر الغنائي صفوح شغالة ابدى استعداد فناني حلب للمساهمة في هذا المشروع وانجاحه ماديا وفنيا في حين انتقد المهندس يعرب كاشور من جمعية العاديات بحلب غياب توثيق الفعاليات والمهرجانات الموسيقية التي شهدتها المدينة خلال السنوات الماضية.
يذكر أن شبكة المدن المبدعة تضم إلى الآن أكثر من 70 مدينة من مختلف أنحاء العالم في مجالات التصميم والسينما والموسيقا والأدب والإعلام والحرف التقليدية والفنون الشعبية والطبخ وهي المجالات التي تعني الوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتق المدن المسجلة في الشبكة وتعزيز المشاركة في الفعاليات الثقافية وعوامل الابتكار وتأسيس البنى التحتية وكل ما يساعد على ادماج الصناعات الثقافية والابداعية في عملية التنمية المحلية.
كما حددت اليونسكو سبعة مجالات إبداعية لتتمكن المدينة من الانضمام لقائمة الترشيح وهي «الأدب.. الموسيقا.. الفنون الرقمية.. الصناعات التقليدية والفنون الشعبية.. التصميم.. السينما وتذوق الطعام والطهو».
اكتشف سورية
sana