نسخة تجريبية

مواضيع ذات صلة:


    من سورية

    حقول الكرز

    تراكم اللوحة والصعود نحو الجديد
    حكمت نعيم :الفنان الصادق دائم السعي وراء الجديد

    07/نيسان/2009

    ظهرت موهبته منذ سن الثالثة، وتبلورت من خلال دراسته الفنون الجميلة على مقاعد جامعة دمشق، وإقامته عدداً من المعارض التي رصدت تراكم التجربة وتطورها. الأستاذ الفنان حكمت نعيم في حوار مع «اكتشف سورية» يتحدث عن تجربته الفنية.

    بدأت الرسم من عمر 3 سنوات، واليوم أنت خريج ومدرّس ولديك عدة معارض، كيف تنظر إلى هذه الفترة الزمنية؟
    بدايةً أشكر موقع «اكتشف سورية» على اهتمامه الكبير بالفن التشكيلي. لقد مرت هذه الفترة بسرعة، فهي مليئة بالعمل والاكتشاف وإغناء الروح بكلّ ما يكسب الإنسان الخبرة والعلم. ما تزال ذاكرتي مزهرة بتلك السنين التي مرت وكأنّها ومضة، وأجد نفسي الآن أقطف ثمار ذلك العمل والجهد الكبيرين.

    عندما كنت طفلاً رسمت الورود وأحطت بها صورتك، لماذا لم نرها في أعمالك اليوم؟
    والآن مازلت أرسم الزهور لكن بطريقةٍ أُخرى، فكلّ عملٍ هو زهرة، وكلّ ضربة من لون هي زهرة، بل وكلّ حالةٍ إبداعية هي زهرة. فأنا أعيش في حقلٍ غني بأزهاري .

    تعمل في بعض لوحاتك على التجريد، هل هناك سعي قصدي وراء أسلوب معين؟
    الفنان الصادق هو دائم السعي وراء الشيء الجديد وكثيرون هم الذين يقفون عند أسلوب واحد يعتقدون أنّهم استطاعوا الوصول من خلاله، وهم لا يعرفون أو لا يستطيعوا أن يعرفوا أن الوقوف عند أسلوب واحد هو دمارٌ فني، فيبقون متقوقعين بإطارٍ واحد لا يجرؤون على النظر خارجه فلا يقبلوا العمل والاكتشاف، وكأنّ أفكارهم دخلت عصر الجليد. والفنان الناجح هو من يتنقل بين الأساليب المختلفة مع المحافظة على الخصوصية والطابع المميز لأعماله. وأنا لا أسعى للعمل لأجل الغير بل لنفسي أولاً .

    انتقلت بين عدة مدارس فنية، أين ترى نفسك اليوم؟
    تنقلت كثيراً بين مختلف الاتجاهات منذ دراستي في كلية الفنون الجميلة ولا أظنني وصلت، إذ لا يزال أمامي الكثير وعندما أصل أكون قد تجمدت. وفي أعمالي الجديدة أنحى المنحى التعبيري .

    برأيك ألا يستنفذ الاستقرار في مدرسة فنية معينة من قدرة الفنان ويستهلك عناصره؟
    طبعاً فعلى الفنان محاولة الخروج إلى الأفضل والرقي بالعمل الفني .

    اليوم يلجأ كثير من الفنانين إلى التجريد، هل ترى هذا هرباً لدى البعض من الواقعية أو الانطباعية لأنّهم لم يجيدوها؟
    التجريد جزءٌ من الواقع، والفنانون العالميون أصحاب المدرسة التجريدية لم يصلوا إليها حتّى مروا وأجادوا في المدارس المختلفة وليس فقط التجريدية، فنجد مثلاً التكعيبيون لم يصلوا إلى التكعيبية إلا بعد أن أسسوا لها بمراحل فنية سابقة، أيّ أنّهم عملوا وعملوا واكتشفوا، أما عندنا فبعض «الفنانين» لا يملكون حتّى أبسط قواعد العمل الفني ويقفزون فوق المراحل فيكون التجريد عندهم هروب، وبعض الفنانين «المجردين» الآخرين هم مجدون مبدعون في مختلف الأساليب والمدارس فيأتي تجريدهم وكأنّه خلاصة .

    لديك قوة في الألوان تتضح في لوحاتك ما المراد الإبداعي من هذه القوة اللونية؟
    الألوان وسيلة للتعبير ويمكن لها أن تعبر عن شخصيتي، فأنا أثق بلوحتي كما أثق بيدي التي تبث أفكاري على سطح اللوحة، فمن هذه الثقة تأتي ألواني قوية واضحة متناغمة مع خطوطي القوية أيضاً، فهي تنم عن داخلي.

    كان لبيئة السويداء الاجتماعية والتاريخية حضوراً لافتاً في أعمالك، كيف تصف علاقتك بالبيئة والمكان؟
    البيئة والمكان هاجسي الأول، فأجد نفسي مغروساً في تلك الأرض التي أنبتتني، منها أستقي مواضيعي وتكويناتي حتّى أنّني أصنع لوحاتي لها. فهي المعين الذي لا ينضب .

    على ماذا تعتمد في إنهاض الحالة الإبداعية وتغذيتها؟
    حالة الإبداع تأتي من حافزٍ ما يستفزني، كأن أُشبع عيني وأذني. فرؤية الأعمال الفنية، وأصابع الألوان، والأقلام وألواح الخشب البالية المتناثرة، والأحاديث، والمناقشات الفنية. وإن لم أستطع الوصول إلى لوحتي تبقى الأفكار تتداعى وتختلج في نفسي فتنسيني النوم أحياناً وأنا مستغرق في التفكير والتخيل. وكثير من اللوحات شاهدتها منتهية قبل أن ترسم، ثمّ يأتي العمل وأستغرق به ما إن عصرت أنابيب الألوان وأبدأ بالمزج فتتراكم الأفكار ألواناً وخطوطاً ولصقاً على سطح لوحتي القماشية أو الخشبية. وكثيراً ما أُنهي عملي في جلسة أو جلستين فلا أحب إطالة العمل باللوحة، وذلك لأنّني أكون قد تخيلتها وصورتها في رأسي فلا يهدأ لي بال حتى أنهيها. والإبداع في رأيي عبارة عن ومضة يجب استغلالها بسرعة وإلا تلاشت .

    إلى أيّ مدى تبلغ أهمية الثقافة في صقل موهبة الفنان إلى جانب دراسته الأكاديمية؟
    طبعاً الثقافة هي موئل الفنان الأول، والثقافة هي كمية الفهم الموجودة لدى الفنان مختلطة بعامل الزمان والمكان. فالفنان المثقف المطلع يكون له الأفق الأوسع في العمل والاكتشاف إلى جانب الأكاديمية التي تصقل موهبته، فيأتي عمله متكاملاً قوياً متماسكاً .

    كيف تنظر إلى الحركة التشكيلية في السويداء وفي سورية عموماً وما الذي ينقصها؟
    للحركة التشكيلية في سورية والسويداء خصوصاً كلام يطول. وأبناء السويداء بطبعهم ميالون للفنون، فنسبة الفنانين التشكيليين مرتفعة بالنسبة لعدد السكان مقارنة مع المحافظات الأخرى، ونجد على الساحة التشكيلية في المحافظة تنوعاً وغناً كبيراً، واختلافاً واضحاً في الأساليب. وذلك من خلال الأعمال الموجودة والأسماء التي أصبح لها مكانة مرموقة على الصعيد الخارجي والداخلي كالفنانين زياد دلول المقيم في فرنسا، وعصام كرباج المقيم في إنكلترا، وفؤاد أبو سعدة في إسبانيا، وبطرس ولطفي الرمحين في إيطاليا، والفنانين الموجودين على الساحة الداخلية كنبيه بلان، وجمال العباس، وعبد الكريم فرج، وشفيق اشتي، وفؤاد أبو عساف، وفؤاد نعيم، وعبد الله أبو عسلي، وعادل أبو الفضل، وأنور رشيد وآخرون، بالإضافة للفنانين الشباب الجدد. وبشكلٍ عام الحركة التشكيلية في السويداء بأفضل حال رغم المعوقات الموجودة من قلة صالات العرض الخاصة والعامة، إن لم نقل انعدامها بالمفهوم العام للصالات. ونجد في النحت خصوصية واضحة محلياً إن لم نقل عالمياً، فالبازلت أعطى ومازال يعطي واستطاع النحاتون تطويعه وأصبح نحت البازلت صفة وهوية لأغلب النحاتين في المحافظة. واستطاع الفنانون التشكيليون الرقي بالحس التشكيلي لدى عامة الناس الذين أصبح للكثيرين منهم قدرة تمييز العمل الجيد من الهابط وقراءة العمل التشكيلي بوعي وثقافة، وذلك من خلال اطلاعهم على تجارب الفنانين التشكيليين وزيارة المعارض والملتقيات الفنية .

    يقول فاتح المدرس أن الهوية التشكيلية في المنطقة لم تكتمل إلى الآن كيف تنظر إليها هل تبلورت هذه الهوية؟
    الهوية الفنية مسألة صعبة وتأتي من تراكم مخزون تشكيلي ثقافي كبير مبني على أسس واضحة قوية، ولكن يمكن القول أنّها مازالت على الطريق، والهوية لا تأتي إلا من خلال الاستقاء الكبير من معين البيئة والتراث، وتنميتها، والعمل على الارتقاء بها إلى العالمية، والابتعاد عن ثقافتنا يوقعنا بهويات وثقافات أخرى.


    عمر الأسعد
    اكتشف سورية

    المشاركة في التعليق

    اسمك
    بريدك الإلكتروني
    الدولة
    مشاركتك