معرض للتشكيلي محمود داود تحت عنوان: «تهيؤات» في غاليري آرت هاوس
.
كل شيء يبدو في أول مرة وينتهي في أول مرة.. ولكنه يعود ليظهر من جديد في حلة جديدة.. إنها مجرد تهيؤات.. مشوهة من الحاضر الجديد..رغم ضخامة كتلتها في قدرة على التحليق بعيداً في الفراغ، قادرة على جذب الانتباه والحب والتزاوج، قادرة على إزاحة التوازن جانباً، غير خائفة من السقوط مجدداً، عابرة لرحلة الموت...وعائدة.
بهذه المقدمة نبدأ بالحديث عن معرض التشكيلي محمود دواد -خريج كلية الفنون الجميلة 2010 من قسم رسم وتصوير- الذي قدم معرضه الفردي الأول من مساء أمس السبت 30 حزيران 2012 في غاليري آرت هاوس بدمشق، محتفياً وكما يقول: «بتكوينات باردة في بعضها الصامت، وحميمة المشهد في الأخرى" ،وهذا ما خلق في مخيلته نسيجاً جديداً عن عالم لا يدخل في الواقع المحسوس، وإنما يعيش مغرداً كطيف يدخل أول مرة لحديقة ويحبها، مقدماً تلك الشخوص الحالمة التي تكمل ما تبقى من فراغ القماش الأبيض».
يقدم التشكيلي داود مزيجاً من العناصر التعبيرية ليصل من خلالها إلى وحدة الشخوص المرسومة والتي اعتمدت في بعضها على بساطة الشكل وارتباط الخط به، وفي البعض الآخر على التحوير وضخامة الكتل. في بعض الأعمال كان لعلاقة الفراغ بالامتلاء، دور مهم في إبراز الشكل الرئيسي وإظهار المعالم المبسطة المحرفة وتوضع تلك العناصر بجانب الفراغ، حتى يبدو كأنه يحدها مرة ويترك لها كل المساحات مرة أخرى. فتتوقف كل الأفكار والاحتمالات ولكن التهيؤ يبقى غائبا حاضرا في كل مكان لأنه مجرد تهيؤات.
التشكيلي محمود داود
وفي حديثه مع «اكتشف سورية» يقول: «هي تجربة قديمة ومستمرة وخلاصة لتجارب كثيرة، وكأنها تهيؤات لخطوات تشكيلية مستقبلية أسعى إليها من خلال العمل المستمر في المضامين اللونية والفكرية».
وانطلاقاً من عنوان المعرض «تهيؤات» يشير التشكيلي إلى الذاكرة الجمعية وما تحمله من تهيؤات مشتركة قد تتقاطع مع الآخر بأشكال و تكاوين متشابهة: «هي تهيؤات لحظية يعيشها كل إنسان، وإن كانت واقعية أم خيالية فهي تتلاشى من ذاكرة أو وعي لحظي، لتعود للظهور بأشكال وتكوينات مختلفة ومتعددة،فقد تكون حزينة أو سعيدة، منطوية أو منطلقة وإلى ما ذلك من مختلف المشاعر، لذا هي تهيؤات لشخوص تعكس هذه الحالات النفسية».
أما عن العلاقة التي جمعت بين المادة اللونية وهذا التكاوين الضخمة التي ضاقت فيها فراغات اللوحة التشكيلية فيضيف: «عملت ضمن باقة من الألوان الباردة مع إدخال اللون الحار بما لا يشكل تضاداً قوياً، مستخدماً ألوان الإكريليك للوصول لشفافيات معينة، أحقق من خلالها وحدة لونية منسجمة مع فراغ متوازن بين جميع عناصر اللوحة التشكيلية والتي حملتها ببعد شعوري عال، فهذه التكوينات الضخمة وبرغم كتلتها الكبيرة إلا أنها محملة بأحاسيس عديدة تختصر حالات كالحزن والوحدة والحب».
من أعمال التشكيلي محمود داود في غاليري آرت هاوس
ويختم التشكيلي محمود داود بقوله: «تحمل هذه الأعمال حالات تعبيرية خاصة وهي انعكاس لسنة 2011 بما حملته من مآسي فاجعة عاشها الشعب السوري بأكمله، وهنا يأتي دور الفن بمختلف مشاربه في استنهاض الحياة والعمل على لملمت الجراح من خلال الموسيقى والمسرح واللوحة التشكيلية».
التشكيلي فادي حجازي
من جانبه يقول التشكيلي فادي حجازي: «وعي خاص رافق بناء هذه الأعمال التي حملت روحانيات صادقة استطاع الفنان من خلالها إيصال أحاسيس ومشاعر مختلفة، معتمداً على تقديم لوحة ذات سماكات لونية متعددة قدمها بشفافية عالية، تناغمت مع حس موسيقى حالم لشخوص مغمضة العينين تخفي الكثير من الأحلام و التهيؤات».
يذكر أن المعرض مستمر لغاية 14 تموز 2012، في غاليري آرت هاوس، خلف مشفى الأطفال بدمشق، ودوام الصالة من الرابعة وحتى الثامنة مساءً.
مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية