الفنان منير الشعراني في حوار مع اكتشف سورية
23 أيار 2010
على هامش معرض إبداعات خطية القائم في غاليري رفيا
على هامش معرض «إبداعات خطية» المُقام في غاليري رفيا، والذي يضم أعمال كل من الفنان السوداني تاج السر حسن، الفنان المصري عصام عبد الفتاح، الفنان العراقي وسام شوكت، والفنان السوري منير الشعراني، التقينا مع الفنان منير الشعراني وكان هذا الحوار حول الخط العربي وهمومه وتاريخه وآفاق مستقبله:
تاريخ طويل من البحث في أسرار وجماليات الخط العربي، وإلى هذه اللحظة تستمر في عطائك الفني، أستاذ منير إلى أين وصلت في الخط العربي؟
أستند في عملي على مقولة «أريد أن أقف على حافة العالم وأتأمل الكون المحيط وأحاول أن أضيف شيئاً ولو قليلاً على ما فعله الآخرون»، بالنسبة لي هذا القول مهم جداً لذا أتمنى أن أكون قد حققت إضافة في عالم الخط، ومع ذلك ما زال البحث مستمراً، فلكل يوم أثره في تجربتي الفنية، بالنسبة لي أشعر بالراحة لأنني ومن خلال هذه السنوات الطويلة صنعت بصمة أتمناها أن تكون مفيدة للمستقبل وللأجيال القادمة.
توجد إشكالية عند البعض حول تعريف مفهوم ممارسة الخط ما بين الحرفة والممارسة الفنية له، كيف توضح لنا رؤيتك لهذه المقولة؟
كتبت بهذا الخصوص مقدمة لهذا المعرض تناولت فيها ما تقوله عن موضوع الكلاسيكية والتقليد وتحديد موقفي من التقليدية والسلفية في الخط العربي، وأقصد بذلك الأناس الموجودين اليوم والذين يمارسون الخط بشكل سلفي وليس الأسلاف الذين أبدعوا في ذلك الوقت، إضافة للحروفية التي أعتبرها هروباً من الخط إلى الرسم عبر بعض الفنون التشكيلية وبدون امتلاك أدواتها الكافية أيضاً، وبالتالي من يمارس الحروفية يضع نصفاً من هنا ونصفاً من هناك، وبالنتيجة هو لا يعطي عملاً قوياً ومتكاملاً للخط العربي، وهنا أقصد الخطاطين الحروفيين ولا أقصد الحروفيات الخاصة بالفنانين الرواد الكبار الذين كانوا يبحثون عن الهوية التشكيلية باستخدامهم لبعض الحروف في لوحاتهم بصيغتها البدائية وليس بصيغتها الخطية. بالنسبة للخط العربي كفن قائم بحد ذاته، وَجبَ إتقانه لما له من جمالياته الخاصة التي تمكننا من بناء لوحة كاملة دون الاتكاء على فنون أخرى ودون التقليد أو الإسفاف.
الفن الحروفي له حضوره القوي على الساحة التشكيلية، ولكن هنا نشاهد تجربة مختلفة، إذ نشاهد الحرف ملكاً مُتوجاً بامتياز على عرش اللوحة.
أصر بشكل دائم على أن يكون للحرف العربي مكانته في عملي فهو البطل الأساسي في اللوحة، إنما بعلاقات بصرية لها صلة بكل الأصول التي تجمع ما بين الفنون التشكيلية المختلفة، فأنت عندما تشاهد لوحة حفر يجب أن تشعر بها، وأن تشاهد قواعدها المبنية على أسس قواعد الحفر، وعندما ترى منحوتة فنية يجب أن تكون كذلك، والخط فنٌ من فنون التشكيل قائم بحد ذاته على قواعده ومفرداته، وهو يخضع في البناء العام إلى الأسس الجامعة لكل الفنون التشكيلية.
ما هي أنواع الخطوط التي انطلقت منها في عملك الفني في هذا المعرض؟
انطلقت من جذور الخط العربي، والتي يعود بعضها إلى ألف عام. فهنا بعض الخطوط الكوفية الموجودة منذ العصرين الأموي والعباسي، ولكنها لم تكن بهذه الصيغة التي تراها في هذه الأعمال، فقد اعتمدت منذ البداية على الجذر وأساس الحرف العربي الذي بنيت عليه في محاولة لتطويره إلى أشكال مختلفة صالحة للتشكيل، عبر تطوير بناء شكل الحرف بما يتناسب مع البناء والتشكيل الفني الذي نريده معاصراً، لأن الفن هو الحياة والتجدد والتطور.
دائماً عندما نذكر الخط العربي فإننا نتوجه نحو تركيا، ودائماً ما نسمع أن تركيا هي من علمت وأخرجت مبدعين في الخط العربي، أين العرب من تاريخ الخط العربي المعاصر؟
هذا شيء مؤسف، والمؤسف في الأمر أننا نحن من أعطى تركيا هذا الموقع، نحن من تخلى عن مواقعنا في كل شيء وليس في الخط العربي فقط، تركيا شهدت مرحلة طويلة خلال الفترة العثمانية أصبح الخط العربي مُضيقاً عليه فيها بدعوى القدسية، حيث وضعت كل أنواع الخط الكوفي في الظل على مدى العصر العثماني كله، فقد قرروا أن النسخ والثلث يستخدمان لكتابة النصوص الدينية، والخط الفارسي للشعر، كما أُبتكر خط في ذلك الوقت هو الخط الديواني للفرامانات والمسائل الإدارية، وهنالك الخط الرقعي للكتابة العادية، هذا الأمر برمته أعاق حركة الخط العربي وحرم الاجتهاد والإبداع في مسيرته، وبالنتيجة أساء هذا الأمر للخط العربي، حين اكتفوا آنذاك بالتجويد وليس بالتجديد، وهنالك فارق كبير بينهما، فالتجديد أن تجدد ببراعة والتجويد أن تحسن في الشكل الموجود لأفضل صيغة ممكنة، وهذا ليس من الإبداع بل هذا من الحرفة.
في تركيا توجد مسابقات ترعاها منظمة العالم الإسلامي التي وضعت مركز «إرسيكا – IRCICA» للتطوير والحفاظ على التراث في تركيا، وأعطاهم هذا إمكانية التحكم في الخط العربي، وهم سلفيون في الخط جامدون لا يقبلون أي تطوير، ففي هذه المسابقات يحدد نوع الورق وقياس القلم ونوعية الحبر، لذا أقول أين الحرية في ذلك؟ ومع ذلك يفوز الخطاطون العرب وخاصة السوريون بمعظم الجوائز.
اختيارك لبعض المقولات في عملك الفني تنم عن فلسفة خاصة تنطلق منها مبتعداً عن النص الديني الذي تعودنا عليه في لوحة الخط العربي، ما قولك في هذا؟
هذا جزء من تصوري الكامل عن فكرة المسيرة التاريخية للخط العربي، فهو نتاج حضارة كبيرة وليس نتاج حضارة دينية فقط، فقد استخدم الخط العربي في كل نواحي التطور الحضاري لهذه البلاد، فإذا رجعنا إلى الآثار العربية والإسلامية فإننا نجده في الأبنية الدينية والقصور والمشافي وداخل البيوت الدمشقية التي تم تزيين غرف النوم فيها بأبيات من الشعر الغزلي، كما وجد على القطع الخزفية والحلي والإسطرلاب والخامات المختلفة، ليصل إلى كتب العلم والفقه وحتى كتب ابن الراوندي المعروف بإلحاده، والتي كتبت بهذا الخط، لذا هو ليس فن دينياً بل فن للحياة ونتاج لحضارة كبيرة ونتاج للعقلية الفلسفية التي أبدعتها يد إخوان الصفا والفلاسفة العرب، لذا فإن الخط العربي مُعبر حقيقي عن هذه الحضارة.
تعرفت منذ زمن بعيد على الخطاط الكبير محمود هواري، هل تود التعليق على تجربته في الخط العربي؟
تتلمذت والخطاط محمود هواري على يد الأستاذ الدمشقي بدوي الديراني، الأستاذ محمود حافظ على القواعد وله محاولات إيجابية في عمل الحروف الطباعية، كما أن له بعض التراكيب المختلفة عن تراكيب الآخرين.
مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية
الآثار نتائج الهمم - مختارات من ابن عربي، عمل للفنان السوري منير الشعراني |
في النبر ما لا يقال - وليد خازندار، عمل للفنان السوري منير الشعراني |
كل أرض تنبت الحب وطن، عمل للفنان العراقي وسام شوكت |