حوار مع الفنان التشكيلي صلاح الدين حريب
حريب لاكتشف سورية: أريد تحقيق معادلة الشكل صفة للون

04/تموز/2009

محاولةٌ جديدة للخروج عن المألوف، يسعى من خلالها إلى ترسيخ شكلٍ جديدٍ عند المتلقي أساسه اللاشكل، كي يترك الخيال يتحرر من سلطة الأشكال وسطوتها، هذا ما يميز معرض الفنان صلاح الدين حريب المقام في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة).

يعمل حريب على استحضار عناصر مغايرة للمعتاد في لوحاته، مستنداً إلى مساحات لونية كبيرة في معظم اللوحات ما أعطى فسحة بصريةً أكبر للمتلقي.

«اكتشف سورية» زار المعرض وكان السؤال الأول:
ما الذي قدمته لك دراسة الهندسة المعمارية في مجال الفن التشكيلي؟

صحيح أنّي لم أدرس في كلية الفنون الجميلة، لكن دراستي لهندسة العمارة ليست بعيدة عن مجال الفن التشكيلي، وهي بالتأكيد قدمت لي الكثير من خلال دراسة تاريخ الفن والدراسة المعمقة للشكل وأبعاده، كلّ هذا دعم توجهي نحو الرسم ودفعني نحو بلورة تجربة أتمنى لها أن تشكل إضافة بسيطة في هذا المجال.

الملفت في المعرض هو التقنيات المستخدمة، ماذا عنها؟

اعتمدت أساساً على الغرافيك والكولاج لإبراز المساحات اللونية التي أريدها، وهي الهدف الذي أسعى إليه في أعمالي، لأنّ الشكل مفهوم للناس ومعروف، بينما اللون هو غير مفهوم بالنسبة لكثيرين، ومن هنا حاولت توضيح المساحات اللونية وتوسيعها كي أحقق معادلة جديدة عند المتلقي، وهي أنّ الشكل صفة للون وليس اللون صفة للشكل كما اعتدنا.

من ناحية أخرى، أتى اعتمادي على تقنية الكولاج لما أرى فيه من غنى يضيفه إلى العمل الفني، فهو يدفع المتلقي في كثير من الأحيان إلى لمس اللوحة وتحسّس المواد المكونة لها، وهذا يزيد درجة التواصل القائم بين المتلقي والعمل.

في تقديمك للمعرض تؤكد على الخروج إلى ما وراء الشكل المعروف والمعتاد، ما الغاية من هذا الخروج عن الشكل؟

المساحات اللونية الشاسعة تحدث ارتباك لدى المتلقي، إضافةً إلى أنّها بسيطة في رؤيتها وهذا كان المقصد الأول من خروجي عن الأشكال المألوفة كي أكسر الروتين المفروض والظلم القائم من تسلط الشكل على اللون، من خلال التعاطي مع مساحات لونية كبيرة وواضحة للمتلقي مع أشكال تجريدية غير واضحة.

استخدمت الكثير من العناصر في اللوحة مثل الخيوط وأنابيب مملوءة بالزيت وسحابات وأقمشة، ما الذي أردته من هذا التوظيف لعناصر غير معتادة؟

الفكرة هو أنّ هذه العناصر غير معتادة في العمل الفني، هذا وحده كفيل لأن يستقطبني نحوها، وسأتناول على سبيل المثال استخدامي للخيوط هذه الخيوط تعبّر عندي عن الخط سواء الهندسي أو الكتابي، الذي لم أشأ استخدامه بالطرق التقليدية المعتادة، إنّما أدخلته لإضافة إحساس جديد إلى العمل الفني المنجز، لو حركت نسمة هواء هذا الخيط لربما حرك بدوره صورةً جديدة ومساحة جديدة للخيال عند المتلقي، وهذا وحده يُشعرني بالرضا عندما أرى هذه العناصر التي وظفتها في أعمالي تحرك أسئلةً في ذهن من يقف أمامها.

لكن ألا ترى أنك أفرطت في استخدام هذه العناصر، ما يشعر المتلقي بميل نحو البهرجة البصرية أكثر منه نحو الإمتاع؟

لا أعتقد هذا، لأنّي حاولت من خلال هذه العناصر دفع وتحريض حاسة اللمس لدى المتلقي وليس البصر فقط، فالجميع أراد تعرف هذه العناصر المضافة إلى اللوحات، وأعتقد أنّها استطاعت توجيه المتلقي نحو فهمٍ أكبر للعمل من خلال تلقيه عبر حاستين هما البصر واللمس، ما أغنى حالة التلقي للعمل المنجز.

في أعمالك ميلٌ واضح نحو التجريد، ألا ترى أنّه يُحملك مسؤولية كبيرة وأنت لا زلت في البداية؟

أعرف أن التجريد يلقي على كاهلي مسؤولية كبيرة، لكن هو الأسلوب الذي يستقطبني، وهو الأسلوب الذي أسعى من خلاله للتعبير عن هواجسي، وأستطيع القول أنّ ردة فعل المتلقي في أغلب الأحيان كانت إيجابية، خصوصاً أنّي لم أكتف بالتجريد فقط، إنّما أضفت عناصر زخرفية ومعمارية حاولت من خلالها إغناء العمل الفني وتقريبه من ذهنية المتلقي.

تعمل على تجريد عناصرك بشكل واضح هل تريد القول أنك مجرد؟

بالنسبة لليوم نعم أنا مجرد، لكن هذا ليس شيء ثابت فأنا بدأت مع كثير من التعبيرية، ثمّ وجدت نفسي منتقلاً إلى التجريد، وغداً لا أعرف إذا كنت سوف أستمر على نفس الأسلوب أم أنّني سأطوره أو أنتقل لأسلوب جديد.
كانت المساحات اللونية ظاهرة وبارزة في أعمالك، كيف ترى علاقتك باللون؟

كنت في البداية أميل إلى الرماديات بشكل واضح، ربما لأنّه اللون الغالب على مدينتنا، لكني لم أعد أميل إلى تأطير كلّ هذه الأعمال بالرمادي فقط، لذا لجأت إلى ألوانٍ أُخرى أسعى من خلالها إلى التعبير عن أبعادٍ أُخرى أكثر تفاؤلاً في اللوحة .

استخدمت الكولاج في معظم أعمالك، لماذا؟

استخدام الكولاج كوسيلة تعبير جاء بشكل قصدي ومدروس، بالطبع ولم يكن عبثاً، فهو يحفز المتلقي إلى لمس اللوحة وتحسسها أكثر ومعرفة المواد التي تدخل في تكوينها، هذا إضافةً لإشارات الاستفهام التي أراه يرسمها وهو أسلوب صعب وفيه شيء من المخاطرة عندما يُستخدم في اللوحة، وهذا يرفع من سوية العمل الفني حسب اعتقادي.

كيف ترى مشروعك في المستقبل؟

لقد بدأت تجربة وأحاول تطويرها بكلّ الطرق المتاحة أمامي، أعتقد أنّي سأكمل عملية عدم التقيد باللوحة والإطار التقليدي الذي يلفها، وسأعمل على توظيف عناصر جديدة في رؤية بصرية جديدة ومغايرة ربما تترك أثرها بشكل واضح.


عمر الأسعد
اكتشف سورية

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك