جوهر الأشكال وخلاصاتها ومشاهد واقعية وتشكيلات طفولية 29/آذار/2008
معرض لعبد الله عبد السلام وهنادي الكفيري في المركز الثقافي الروسي بدمشق تضمن مجموعة لوحات استخدمت فيها تقنية الرسم الزيتي والمائي والحبر الصيني، وتركزت حول المواضيع المستمدة من تأملات الطبيعة المحلية والأزهار وصولاً إلى لوحات الوجوه والأشكال الإنسانية المستعادة بطريقة دمج عوالم الحلم المتداخلة والمتشابكة.
عبد الله عبد السلام
يقدم مجموعة لوحات زيتية تتفاوت من الناحية الأسلوبية بين الرسم الواقعي الدقيق والأداء التعبيري الانفعالي المقروء في لمسات اللون التلقائي العفوي.
يعالج في قسم من لوحاته المشاهدَ الطبيعية والمعمارية والأثرية وأشكال الزهور مركزاً على إظهار أدق درجات الدقة في رسم التفاصيل، وبذلك يطرح أمام المشاهد جمالية الأسلوب الواقعي، الذي يعطي أعماله قدرة التنويع في تجسيد المشاهد والعناصر والأشكال المحيطة بمدينته السويداء.
هذا يعني أنه ينطلق في صياغة لوحاته من واقع الحياة المحلية في الجنوب السوري، ونشعر باهتمامه لإضاءة أماكن متفرقة من لوحاته مستفيداً من حركة التضاد بين الألوان المعتمة والمضيئة.
في القسم الثاني من لوحاته يبدو راغباً في تجاوز النمنمة التفصيلية في صياغة العناصر والرموز، وهنا ينطلق من هاجس التمرد على الأساليب السلفية التقليدية، فيتفاعل مع الموضوع المطروح بحرية تعبيرية لا يشوبها تكلف، وبمعنى آخر يضفي على هذه المجموعة من لوحاته المزيد من اللمسات اللونية العفوية، ويذهب إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة، وذلك بإبراز طبقات اللون بتواتر السطوح المتفاوتة السماكة، التي تعكس قدرة استيعابه لجوهر ثقافة فنون العصر، متخطياً بذلك الدقة التسجيلية الواقعية التي يجسدها في لوحات أخرى، وباحثاً في آن واحد عن جوهر الأشكال وخلاصاتها وعلاقة الرسم بالثقافة المعاصرة والانفعال اللوني الذاتي.
هنادي الكفيري
في رسوماتها المعروضة تبدو هنادي الكفيري متعاطفة مع اللوحة الأقرب إلى ذاتها ومشاعرها الطفولية، فتتجه نحو إبراز عناصر الانفلات من إطار الصياغة الواقعية والأكاديمية للوصول إلى اللوحة الحكاية القريبة من أجواء وعوالم الرسوم الإيضاحية لقصص الأطفال.
لذلك لا يمكن تصنيف رسوماتها ضمن المدارس الفنية المعروفة وإن ظهرت الأشكال المتداخلة قريبة من فطرية التعبير العفوي.
تبدو أكثر انحيازاً نحو المناخ التلويني الشفاف في خطوات دمج العناصر والأشكال وإعادة تشكيل عناصر مختلفة (إنسانية ومعمارية ونباتية وطبيعية وغيرها) بقالب أدائي يعتمد على حركة الخطوط الرفيعة المرسومة بالحبر الصيني.
ذلك يعني أنها لا تعتمد في هذا المعرض على تقنية الرسم المائي بمفهومه التقليدي، بقدر ما تعتمد على إيقاعات الرسم والتشكيل الخيالي، الذي تستعيد عن طريقه الصور الحُلمية الرومانسية والطفولية.
ذلك ما نجده على الأقل في عناصر الوجوه القادمة من تأملات الدمى والرسوم المتحركة وإيماءات الأشكال الواقعية المبسطة والمختصرة. إضافة إلى اعتمادها أحياناً على شغل المساحات اللونية المملوءة بالسواد، التي تتناوب مع المساحات الملونة، كما تبرز هنا بعض التشكيلات الهندسية عن طريق الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة والأجواء الشعبية وما يتخلل صفحة الورقة البيضاء من مناخات لونية مائية شفافة وشاعرية.
|