الفرقة السيمفونية الوطنية في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق
18 أيار 2013
تعزف عملين كبيرين لبيتهوفن
اختارت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية لحفلها بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان ومشاركة عازف البيانو المعروف غزوان الزركلي عملين كبيرين وصعبين للعبقري لودفيغ فان بيتهوفن، وذلك مساء الاثنين 13 أيار 2013 على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون.
وبوجود الزركلي كان لابد أن تعزف الفرقة كونشيرتو لآلة البيانو والأوركسترا رقم 4 مصنف 58 سلم صول ماجور من ثلاث حركات (حيوية باعتدال، معتدلة السرعة، روندو- حركة حيوية). يبدأ هذا الكونشيرتو بمقدمة معبرة بليغة، والمدهش إن هذه المقدمة تعطي لآلة الصولو (بيانو) التي تقدم الموضوع الأول، وليس للأوركسترا، كما هو متبع في الكونشيرتو، أما الأوركسترا فإنها حين تشارك في العزف بصوت خفيض لتطرح الموضوع اللحني الثاني، وعندما يعود البيانو صولو لظهور مجدداً فإنه لن يكون بحاجة إلى التركيز على مدى أهمية دوره، كما هو الحال في الكونشيرتات التقليدية، لقد ظهرت أهمية هذا الدور منذ البداية، أما الحركة الثانية فإن لها أهمية عظمى برغم قصرها النسبي، وبهذه الحركة الجميلة يعتبر أفضل ما كتبه بيتهوفن في عالم هذا الشكل الموسيقي، إضافة إلى الدور الكبير الذي يحتله كونشيرتو الخامس، ذلك أن بساطة بنيان الحركة الثاني الإنشائي قد توحي لنا ببساطة مشابهة في التناول والتعبير، والمفاهيم فيها عميقة والموسيقا محتوى شاعري غني وقوي بل وقوي جداً، إن هذه الحركة هي بمثابة حوار بين الاوركسترا والبيانو تبدأه الاوركسترا وينهيه البيانو، أما الخاتمة فهي غير متوقعة أيضاً إذ بدلاً من أن تبدأ بانفجار قوي بعد تلك الحركة الهادئة فأن تبدأ بشكل رقيق خفيض يتسارع ويشتد تدريجياً حتى تنتهي بعرض مرح للألعاب استعراضية موسيقية.
كان هناك تناسق وانسجام جميليين بين الزركلي والأوركسترا من جهة وبين الكل والقائد الفرقة من جهة أخرى، حيث ادت الفرقة هذا العمل بنجاح كبير.
والعمل الثاني الذي عزفها الفرقة كان السيمفونية الأولى رقم 1 مصنف 21 سلم دو ماجور بأربع حركات (بطيئة جداً- حيوية لامعة، غنائية معتدلة السرعة، مينوية – حيوية جداً، بطيئة وحيوية جداً). وفي هذا العمل يستعمل بيتهوفن الآلات النفخية بشكل أكثر تركيزاً، ويعطيها دوراً أبرز مما كان لها في السابق، وأكمل بيتهوفن هذه السيمفونية وهو في عز أوجه ويظهر هذا في جميع أجزاء السيمفونية بل في توزيع الأوركسترالي نفسه، فالكتابة للآلات النفخ محسنة وقوية، أعطت استقلالية جديدة لهذه الآلات، أما الحركة الثانية فتضم موضعاً شبه فوغ، بينما (مينوية) وهي رقصة ملكية أوربية تعود إلى أواخرقرن السابع عشر ذات إيقاع ثلاثي ثابت، وهي أول سكيرتزو يكتبه بيتهوفن، إذ تذكر بالديناميكية والقوة، أما الخاتمة، فإنها إذ تلقي بنظرها على موسيقا القرن الثامن عشر، و تضم لمسات بتهوفنية حقيقية.
من الطبيعي أن تتأثر سيفونيات بيتهوفن المبكرة بسينفونيات هايدن وموتزارت من ناحية الشكل، ولكن هذه السيمفونيات كانت تختلف تماماً عن روح سيمفونيات عظيمي فيينا، لقد كان حريصاً منذ البداية على تأكيد طابعه الشخصي، وعلى إظهار مدى استقلاله عن غيره من الموسيقيين، لم يشعر بيتهوفن بوجوب احترام تراث الكلاسيكيين، كما لم يتعاطف مع رومانتيكية فيبر، والحقيقة انه لم يكن كلاسيكياً ولا رومانتيكياً في الفن، بل كان واقعياً هدفه صدق التعبير، كان من الحتمي أن يترافق توغل بيتهوفن الأزلي في المحتوى الروحي لأعماله مع ازدياد المجال التعبيري لكتاباته الأوركسترالية، وتوسيع البنيان المعماري التقليدي للسيمفونية، فا هي سيمفونياته تأخذ مقياساً زمنياً أكبر، والعلامة بين المقامات المختلفة تزداد ثراء، والمجال الصوتي يزداد ارتفاعاً وعمقاً، فالمقدمات التي تسبق المواضيع اللحنية، والخاتمة التي تليها أضحى لها أهمية جديدة، لم تكن ملحوظة من قبل، فوق هذا كله أضحى للعمل السيمفوني بأكمله نوع من التكامل والوحدة الدرامية، لقد أضحى تعبيراً تاماً فريداً عن المحتوى فكري معين.
جاء هذين العملين بمثابة عرض عضلات للفرقة وكأنها تبرهن للمتلقي إنها ما زالت بخير وباستطاعتها تقديم أجمل وأصعب الأعمال.
وفي حديث مع «اكتشف سورية» قال المايسترو ميساك باغبودريان: «كان لوجود العازف البيانو الكبير غزوان الزركلي وقعاً كبيراً على هذه الحفلة حيث عزفنا معاً الكونشيرتو رقم 4 للمؤلف بيتهوفن، ولزركلي تجارب سابقة مع الفرقة السيمفونية الوطنية خلال السنوات السابقة إذ عزف معها كونشيرتو البيانو الأول لتشايكوفسكي وكونشيرتو الثاني للمؤلف برامز، وكانت تجارب ناجحة ولاقت صدى عند المتلقي وكانت هذه التجربة مثل غيرها في نجاحها ومضمونها».
وأنهى حديثه قائلاً: «أما السيمفونية الأولى لبيتهوفن التي عزفناها في القسم الثاني من الحفل كانت دون آلة البيانو، ونحن لم نعزفها منذ عام 2003 وهي من الأعمال التي ألفها بيتهوفن في المرحلة الكلاسيكية بمسيرته الفنية ولا تحتاج إلى تشكيلة أوركسترالية كبيرة».
إدريس مراد
اكتشف سورية
عازف البيانو غزوان الزركلي |
الفرقة السيمفونية الوطنية |
الفرقة السيمفونية الوطنية |
فارس:
شي كتير كبير انو يتم تقدين هالعملين العظيمين لبيتهوفن و خاصة بهيك ظروف صعبة عمنعيشها بالبلد