الفرقة السيمفونية الوطنية تعزف افتتاحية ياشام في دار الأسد للثقافة
30 نيسان 2013
.
أحيت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية حفلة للموسيقا الكلاسيكية تحت عنوان: «من ذاكرة السيمفوني» بقيادة الموسيقي رعد خلف على مسرح الكبير، في دار الأسد للثقافة والفنون وذلك مساء الأثنين 29 نيسان 2013، وكما يشير العنوان جاء مضمون البرنامج أعمال عزفتها الفرقة سابقاً من خلال مسيرتها الحافلة وتحدياً الإفتتاحيات لعمالقة الموسيقا الكلاسيكية، حيث بدأت بإفتتاحية (إيغمونت) للودفيغ فان بتهوفن، وهذا العمل الرائع مقتبس من مسرحية بذات الاسم للشاعر والمفكر الألماني غوته، ويضعه بعضهم في قمة اعمال (بيتهوفن) الذي لم يهتم بأحداث (ايغمونت) كما كتبها غوته، بل اهتم بجوهر هذا العمل بدلالته الانسانية والأخلاقية، يلاحظ المتلقي عند سماعه كم ان ترانيم الحزن الجنائزي تهيمن على سياق العمل مع تقاطع لصرخات فرح انتصاري كبير.
من ثم أدت الفرقة افتتاحية أوبرا (حلاق أشبيليا) للمؤلف جيواتشينو روسيني، الذي عاش بين عامي 1792-1868. وكتب موسيقا للآلات ولمسرح الأوبرا، لكنه قعد عن التأليف في سن مبكرة. ما تركه هذا المؤلف من الأعمال الموسيقية وخاصة افتتاحيات أوبراته تُشكل مواداً غنيةً في مخزون الفرق السيمفونية حول العالم، لقد اتَّسمت ألحانه بطابع هزلي يخفي وراءه حنكة عميقة في مهارة التراكيب الصوتية، وفي أوبرا حلاق إشبيليا نماذج صارخة لتوجهه هذا. تبدأ الافتتاحية درامية بطيئة ثم تنقلنا بقوة إلى اللحن الأول، خفيف سريع نابض وحيوي، يتلاشى مع إضافات تمهِّد إلى ظهور اللحن الثاني الذي يبدو أكثر هدوءاً فيتصاعد العزف كي يعود اللحن الأول من جديد، فيتلوه الثاني و ويتفاعل العزف إلى أن يختتم بجملة سريعة قوية.
كما أدت الفرقة بقيادة (خلف) افتتاحية أوبرا (الخفاش) للمؤلف يوهان شتراوس الإبن، كان شتراوس هذا الذي عاش بين عامي (1825- 1899) يقود الأوركسترا بقوس الكمان فى نفس الوقت الذى يعزف فيه أغلب فقرات البرنامج على آلة الكمان، هامت الجماهير فى شتى بقاع العالم بموسيقا يوهان شتراوس خاصة الفالسات، وبلغ مقدار تأثيره على الجماهير أن اضطر فى مرات عديدة الى مغادرة المسرح هارباً من الباب الخلفى وفى زى تنكري حتى لا تتعرف عليه الجماهير التى تتظاهر حوله فى اعجاب أسطوري، ويعتبر عمله أوبرا الخفاش من أهم أعماله إضافة إلى عمله (الدانوب الأزرق) الذي جال بهما أصقاع أمريكا وأوربا.
وأيضاً عزفت الفرقة عمل لقائدها في هذا الحفل (رعد خلف) تحت عنوان افتتاحية (شام)، ويجسد لحنه هذا حكايات الشام الكثيرة مع الألحان والأغان التي تعبق برائحة ياسمين بيوتاتها و طبيعة أهلها، أقتطفها رعد خلف كوردة دمشقية من حديقة التراث وعالجها بطريقة علمية كلاسيكية وبتوزيع متقن لكي يصل إلى لغة مشتركة تشكل صورة قديمة في أطار جديد.
أنتهى الحفل مع افتتاحية 1812 للبارع بيوتر تشايكوفسكي، المادة التاريخيه الملهمة لهذه الافتتاحية التي الفها الموسيقارالروسي تشايكوفسكي في العام 1880 تمهيداً لعزفها في افتتاح كاتدرائيه المسيح المخلص الشهيرة هي معركة بورودينو التي جرت احداثها في عام 1812 حينما إجتاح الجيش الفرنسي الأراضي الروسية وتوغل حتى احتل العاصمه موسكو.تبدأ الافتتاحية بلحن بطئ تلعب فيه الة التشيلو الدور الرئيس حين يعزف النشيد الكنسي الروسي (ياالهي احفظ شعبك) ويتطور اللحن شيئاً فشيئاً وتدخل الآلات الكمان مع التروبون وآلة التوبا لتعبر عن حالة الترقب والقلق التي كان تعصف بالأمة الروسية في تلك الأيام المصيرية, وبعد ذلك يبدأ المقطع اللحني الفذ الذي تعزفه الأبواق بصورة رئيسة والذي يتكرر لعدة مرات ويمثل استعدادت الجيش الروسي لخوض معركة الدفاع المقدس, وحين تبدأ المعركة تعلو أصوات الكمان بشدة وهيجان يحاكي مايدور على أرض المعركة ويصبح صوتها رخيماً وممهداً الى المقطع التالي وهو مقطع المارسيليز او النشيد الامبراطوري الفرنسي الذي يعزف على الالات النفخ النحاسية ويرمز الى تقدم الجيش الفرنسي وانتصاراته المتتالية في ساحة المعركه, ويتكرر لحن المارسيليز مرة أخرى ممثلاً الإجتياح الفرنسي لموسكو ويتداخل مع لحن شعبي روسي جميل تعزفه الآلات الكمان بانسيابية وصفاء، ويعود من جديد لحن المارسيليز مع أصوات المدافع وصولاً بالمعركة الى قمتها وبعد ذلك تعود أصوات الكمان الى الخفوت معلنة نهاية المعركة.
وفي حديث مع «اكتشف سورية» قال الموسيقي رعد خلف: «الهدف الحقيقي من الحفلة هو إعادة الحياة الطبيعية لنا، إعادة الناس إلى المسرح والحالة الموسيقية، ولنبرهن بأن الحياة مستمرة لم ولن تنهتي رغم كل الظروف الصعبة التي نمر بها».
وأضاف: «إقامة هكذا حفل بحضور ما يقارب ألف شخص فضلاً عن وجود أوركسترا قوامها مائة شخص أعتبره إنجاز كبير في هذه الأوقات، وأضيف إلى ذلك ما قدمه الفرقة من الحالة الفنية الناجحة».
أنهى حديثه قائلاً: «كانت الغاية الفنية الموسيقية المرجوة منها أن نعمل على برنامج صعب حيث أننا جمعنا خمس افتتاحيات في حفل واحد، هذه الأعمال التي تصعب على الكثير من الفرق العالمية تقديمها معاً في مدة خمسين دقيقة».
يشار أن رسم الدخول الحفل كان بمقدار واحد كيلو غرام من المواد الغذائية الأساسية لصالح المتضررين من الإحداث.
إدريس مراد - دمشق
من أجواء الحفل في دار الأسد للثقافة والفنون |
من أجواء الحفل في دار الأسد للثقافة والفنون |
من أجواء الحفل في دار الأسد للثقافة والفنون |