الفرقة السيمفونية الوطنية السورية تعزف دعماً لأطفال سورية المهجرين
22 تشرين الثاني 2012
.
اختلف شكل حفلة الفرقة السيمفونية الوطنية السورية التي أحيتها أمس 21تشرين الثاني 2012 على مسرح الحمراء بدمشق عن حفلاتها السابقة، ولعل أجمل ما فيها كان جمهوريها الذي تدفق إلى المسرح يحملون أكياس بداخلها ثياب شتوية للأطفال بدلاً من تذكرة الدخول حيث خصصت الفرقة رعي حفلها هذا للأطفال نزحوا من منازلهم نتيجة الأزمة التي تعصف بالبلاد، كان المنظر مؤلماً من جهة وهو يذكرك بأطفال يعيشون بدون سقف يؤويهم، وينقصهم الغذاء والملبس نتيجة ما تعرض بيوتهم لدمار والخراب بأياد إرهابية ما زالت تأكل الأخضر واليابس مدعومة من جهات شتى لا تريد لسورية سوى الخراب والتشتت وزرع الفتن بين شعبنا، ومن جهة أخرى كان المنظر يزرع بداخلك أمل، بهذا الكم من الجمهور الذي جاء يدعم هذه الفكرة ويقف بجانب العديد من العائلات المهجرة هرباً من القتل والذبح والخطف.
عزفت السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان في هذه الأمسية تحت عنوان: «من أجل شتاء دافئ ... نعزف» التي نظمتها دار الأسد للثقافة والفنون، بالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقى ثلاث أعمال، بدأها بفولغانغ أماديوس موزارت وسيمفونية (هافنر) سلم ري ماجور مصنف 385 من أربع حركات، التي ألفت أصلاً على عجل لتزدان بها المهرجانات التي أعدها زجسموند هافنر، وفي تاريخ لاحق أضاف موتسارت إليها أدواراً للفولاوته والكلارنيت ثم قدمها في فيينا (3 مارس 1783) في حفلة حضرها الإمبراطور يوزف الثاني وصفق له تصفيقاً حاراً، وقدم له مبلغاً من المال تقديراً لجمال هذا العمل.
والعمل الثاني كان من نصيب غوستاف ماهلر والحركة الرابعة من سيمفونيه الخامسة الرائعة ذات المقاطع المتقلبة المفاجئة والمفعمة بالأحاسيس بما فيها مقطوعة )أداغيتو) الجميلة بالآلات الوترية والهارمونيكا، التي اشتهرت في فيلم فيسكونتى )الموت في البندقي).
وأنهت الفرقة حفلها مع بيتر ايليتش تشايكوفسكي حيث أدت له سيريناد للوتريات سلم دو ماجور مصنف رقم 48، ترجع موهبة تشايكوفسكي إلى قدرته الفائقة على إبداع النغمات والألحان، وتتميز موسيقاه بقوة مؤثرة جدا على المستمع. كما يعتبر من الموسيقيين الكلاسيكيين القلائل اللذين يفهمهم محبو الموسيقى المعاصرون، وعمله هذا مشبع بجو قاتم من الغموض والحزن والغضب مقتس من فكرة تأثير القدر على الحياة.
حضر «اكتشف سورية» الحفل وأمام باب الدخول التقى ببعض الحضور، حيث قال السيدة (منى كرم- أستاذة لغة العربية): «في الحقيقة أنا لست من متابعي الموسيقى الكلاسيكية ولكن ما جذبني إلى هذه الحفلة هي فكرتها الجميلة والرائعة وأتيت وأنا احمل بعض الألعاب والألبسة لأقف بجانب هذا المشروع الإنساني لعلنا نعطي ما بوسعنا لأطفالنا، أطفال سورية الذين يعانون من نتائج ما يتعرض له البلاد».
ومن جانبه قال (محمد الفيومي- مهندس): «هذا المنظر يفرحني رغم هذا الحزن العميق، هؤلاء هم السوريون الذين يخافون على بلدهم ويتكاتفون في الأزمات والأحزان والأفراح، طوبى لكل من يعطي من إنسانيته للبلد ولكل من حمل ثوباً يغطي به جسم صغير، ولا أتستطيع إلا أن أقول لعلن الله كل من يقف ضد بلده وشعبه».
كما التقى «اكتشف سورية» بالمايسترو ميساك باغبودريان فقال: «سورية تعيش أياماً عصيبة ترمي بحملها علينا جميعاً. هي اليوم بأمس الحاجة لجهد كل فرد من أفرادها لنتجاوز معاً، هذه المحنة. وبما أن الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، بمؤسسيها وعازفيها، حرصت دائماً على مسؤولياتها الثقافية والاجتماعية تجاه المجتمع، اليوم لا يسعها إلا أن تكون جزءاً لا يتجزأ منه ومن آلامه».
وتابع قائلاً: «انطلقت هذه الفكرة من قناعتنا بأن الطريقة المثلى للنهوض من هذه الأزمة هي بأن يقوم كل فرد بتسخير معارفه وخبراته لخدمة المجتمع، فارتأينا أن تكون موسيقانا هي أداتنا للتجاوب مع الحاجات الملحة التي تفرضها الظروف في هذه الأيام».
وقال أيضاً: «هناك الكثير من الناس الذين اضطروا لترك منازلهم بدون أية ملابس يمكن أن تقيهم من برد قارس على الأبواب، لذا قدمنا أمسيتنا هذه تحت عنوان (من أجل شتاء أدفئ... نعزف(، بحيث كان رسم الدخول عبارة عن قطعة ملابس شتوية (على الأقل) بدل البطاقة المعتادة تجمع في سلال من الحضور عند باب الدخول للمسرح. وتم تشكيل لجنة من عازفات الفرقة لإتمام عملية التواصل والتوزيع».
وأنهى حديثه قائلاً: «لا يسعني إلا أن أشكر كل من ساهم في إنجاح هذا الحفل وبالدرجة الأولى جمهورنا الذي لبى هذه الدعوة ووقف بجانب عملنا هذا».
إدريس مراد - دمشق
اكتشف سورية
من حفل الفرقة السيمفونية الوطنية في مسرح الحمراء |
من حفل الفرقة السيمفونية الوطنية في مسرح الحمراء |
من حفل الفرقة السيمفونية الوطنية في مسرح الحمراء |