أبو جعفر المنصور
أبو جعفر المنصور 136-158هـ/754-775م
هو عبد الله بن محمد بن علي العباسي، أبو جعفر المنصور. ولد في الحميمة في عام 95هـ وأمه أم ولد تدعى سلامة.
ترعرع في وسط المجتمع الهاشمي. وطلب العلم، وهو شاب، من مظانّه وتفقه في الدين، ونال قسطاً من علم الحديث، فنشأ أديباً، فصيحاً، ملمَّاً بسير الملوك.
انتقل أبو جعفر مع أخيه وأهله من الحميمة إلى الكوفة. ولما أفضت الخلافة إلى أخيه أبي العباس، كان ساعده الأشد في تدبير أمور الخلافة. فوَّلاه الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان، ووجهه إلى خراسان لأخذ البيعة له، كما عهد إليه من بعده.
توفي السفاح، وأبو جعفر في الحجاز أميراً على الحج، فأخذ له البيعة ابن أخيه عيسى بن موسى، في الأنبار، وكتب إليه بذلك.
اتصف المنصور بالشدة والبأس واليقظة والحزم والصلاح والاهتمام بمصالح الرعية. وعرف بالثبات عند الشدائد، ولا شك بأن هذه الصفة كانت من بين أبرز الصفات التي كفلت له النجاح.
من الأحداث المؤثرة التي وقعت في عهد المنصور خلعه لابن أخيه عيسى بن موسى من ولاية العهد، وأخذه البيعة لابنه المهدي، بالرغم من أن هذا الأول كان قد أنقذ له ملكه أكثر من مرة.
لكن كبار رجال الدولة كانوا قد أقسموا في حياة السفاح على بيعة عيسى بن موسى، ولم يكن من السهل عليهم نقضها، ولم يكن ثمة مناص لتحللهم منها إلا بحمل عيسى بن موسى على الانسحاب طوعاً والتخلي عن ولاية العهد، ويبدو أنه لم يكن راغباً في ذلك مما دفع المنصور إلى استعمال وسائل الترغيب والترهيب التي أدت بدورها إلى اضطراره إلى خلع نفسه ومبايعة المهدي في عام (147هـ/764م). وأضحت ولاية العهد للمهدي أولاً ثم لعيسى بن موسى من بعده.
وأسرع المنصور فحمل الناس على بيعة المهدي، وأوصاه بوصية تكشف عن السياسة الرشيدة التي يجب عليه تطبيقها تجاه رعيته، فحثَّه على الرأفة بهم والسهر على راحتهم، وبسط العدل بينهم، والتقرب إلى الله بحسن السيرة، وإجلال أهل العلم والدين، وعمارة الأرض لتخفيف الخراج، ونشر الإسلام، والجهاد في سبيل إعلاء كلمته.
توفي المنصور ليلة السبت في ذي الحجة عام 158هـ/شهر تشرين الأول عام 775م وكان يشكو من عسر الهضم، فخرج لأداء فريضة الحج، وعانى، أثناء الطريق، من الآلام الموجعة، ولم يكد يصل إلى بئر ميمون، على بُعد ستة أيام من مكة، حتى توفي عند السحر في خيمته. وخلفه ابنه المهدي.