تجزئة سورية
بدأت النوايا السيئة للحلفاء الغربيين تظهر منذ أوائل الحرب العالمية الأولى، فعمدوا إلى الخداع وإلى الاتفاقات السرية، التي أخفوها عن العرب لتنفيذ مآربهم، ولاستغلال الثورة العربية الكبرى على الأتراك العثماني، لخدمة مجهودهم الحربي. وتتجلى بوادر تلك الخطط الاستعمارية الماكرة في: مراسلات حسين - مكماهون المشهورة، وفي ادعاءات فرنسا بمصالح وحقوق لها في سورية الشمالية بزعم أن بعض سلاطين آل عثمان، قد منحوها إياها في بلادنا، وظهرت الإشارة إلى تلك المصالح في الاتفاق الإنكليزي-الروسي عام 1915، ثم في اتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا عام 1916. ولقد استهدفت بريطانيا الاحتفاظ بالطرق البحرية المؤدية إلى الهند، بعيداً عن تهديد العثمانيين والألمان باحتلال قناة السويس، والوصول إلى رأس الخليج العربي، لذا احتلت جنوبي العراق المطل عليه منذ أوائل الحرب، وحددت دائرة مصالحها في غربي الهلال الخصيب في اتفاقاتها مع حلفائها، بأنها سورية الجنوبية (فلسطين) المتصلة بسيناء، فقناة السويس، وبخليج العقبة.
هذا في الوقت الذي اقتصر فيه اهتمام روسيا القيصرية، على سلامة الأماكن المقدسة في فلسطين. وأمام هذا الوضع من تضارب المصالح بين الحلفاء بالنسبة لفلسطين، اتُفق على تدويل الجزء الجنوبي من سورية.
وجاء اتفاق سايكس-بيكو تتويجاً أولياً لتلك الاتجاهات.