قصر ابن وردان
يقع قصر ابن وردان القرية والأثر المميز معمارياً على بعد ستين كيلومتراً شمال شرق مدينة حماة السورية، ويرجع تاريخه إلى القرن السادس ميلادي، أي إلى عهد الإمبراطور جوستنيان (527-565م). ويعتقد الدارسون أن هذا الاسم يعود إلى أحد شيوخ قبائل البادية الذي سكنوه في مرحلة متأخرة فنسب إليه.
زار هذا الموقع عدد من الرحالة والباحثين والمؤرخين في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين منهم البارون فون أوبنهايم وستريغوفسكي، إلا أن الأبحاث الأثرية الجدية قام بها عالم الآثار بتلر Haward Crosby Butler رئيس البعثة الأثرية الأمريكية من جامعة برنستون، التي قامت بأبحاث في سورية بشكل متقطع بين أعوام 1889م و 1909م. وتعد منشورات هذه البعثة من خير ما كتب عن هذا الموقع المهم.
يتألف قصر ابن وردان من ثلاثة أبنية مشيدة بمداميك من الحجارة البازلتية ومداميك من الآجر بأسلوب متناوب يسمى "الأبلق"، وهو أقدم مثل عن هذا الطراز في العمارة السورية، كما توجد بعض الحجارة الكلسية حول النوافذ بوجه خاص، وهذه الأبنية هي: القصر والكنيسة والثكنة.
يعد القصر أوسع الأبنية وأكبرها، ويتألف من طبقتين اثنتين، وباحة في الوسط تحيط بها الغرف من جهاتها الأربع. يقع المدخل الرئيسي في الواجهة الجنوبية، وتزيد مساحة القصر عن ألفي متر مربع، وتختلف الطبقة السفلى بتقسيماتها عن الطبقة العليا، إذ تغطي الطبقة السفلى سقوف ذات أقبية متقاطعة أو برميلية الشكل، أما النوافذ فتعلوها أقواس مدببة هي من أقدم نماذج العمارة السورية. وفوق المدخل الرئيسي حجر بازلتي عليه كتابة يونانية قديمة نصها: "في شهر تشرين الثاني من الخمس عشرية الثالثة عشرة من سنة 876 (سلوقية)، وتشرين الثاني سنة 564 ميلادية، الكل لجلال الله". وكانت أرض الجزء الغربي من القصر مرصوفة بفسيفساء من مكعبات حجرية ملونة، أما بقية أقسام القصر فقد رصفت بالحجارة الكلسية.
تقع الكنيسة إلى الغرب من القصر، وهي مستطيلة الشكل، لها جناح في الوسط يكتنفه جناحان على جانبيه، وينتهي المجاز في الشرق بحنية ذات مسقط نصف دائري وينفتح على سقيفة المدخل بباب ضيق في الغرب. وللكنيسة مدخل تعلوه كتابة يونانية تؤرخ البناء بعام 564م. كانت جدران هذه الكنيسة مزخرفة بالفسيفساء الملونة ذات المكعبات الحجرية والزجاجية والآجرية. أما أرضها فقد كانت مرصوفة بالحجارة والرخام على شكل زخارف هندسية جميلة، ويحمل المدخل الجنوبي للكنيسة كتابة يونانية تؤرخ البناء في عام 564م، ترجمتها: "هذا الباب صنعه الله، وسيدخله كل الصالحين".
معظم الثكنة مخرَّب ومطمور تحت التراب ما عدا الأجزاء العلوية، ويستدل منها على أنها كانت ذات مسقط شبه مربع، يتكون من باحة يتوسطها بناء عال ذو طبقتين، تحيط بها غرف وقاعات. ويقع مدخل الثكنة في الجهة الشمالية، ويعلوه كتابة باليونانية القديمة نصها: "بنيت هذه الأسكفة في عام 873 (سلوقية) في العشرين من شهر دييس من الخمس عشرية في شهر تشرين الثاني 561م".
وقد قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بسورية بترميم بعض أقسام القصر والكنيسة.