عرض غزة في عيون أطفالها على مسرح الحمراء

«مغلق طريق غزة»، «ممنوع الاقتراب»، «البحر غير سالك»، وغيرها الكثير من العبارات - الناهية - تولد لحظات من عدم الاستقرار والريبة، فنحن زوار مسرح الحمراء أبان عرض «غزة في عيون أطفالها»، إخراج رنا بركات، كنا مجبورين على الجلوس في أماكن محددة، لنقرأ قبل بدء العرض هذه العبارات التي يعيشها الطفل والإنسان الفلسطيني على أرض فلسطين المحتلة، هذه العبارات تجبره على تحديد مساره–غير الآمن أصلاً - فهو القتيل والجرح والمبتور والمظلوم.

في عرض «غزة في عيون أطفالها» نحن أمام مونولوجات شخصية وصادقة كتبها الطفل الفلسطيني إما تحت لهيب النار أو على ضوء شمعة تحترق، عسى أن تلملم شيئاً من الطمأنينة المبعثرة على ضجيج الدمار، في هذه المونولوجات الحقيقية الخارجة من رحم الخوف يسطر الطفل الفلسطيني من الوجع والألم رسالة لأطفال العالم وكبارها، علهم يستشعرون حقيقة اللحظة، وروائحها المعطرة برائحة البارود والدم، لحظات طويلة متكررة من القلق والخوف يمجدها ويغذيها سياف الشيطان، لكن ورغم هذه الإرهاب الممنهج، يخرج هذا الطفل اللاعب الماهر من بين الأنقاض فيُخرج من شظايا الصاروخ تذكاراً للانتقام فيلهو ويلعب وفي القلب لحظة الانتظار لموعد الانتقام من يد غدرت وعبثت بحلم وطن بأكمله.


الأطفال المشاركون في العرض

يندرج هذا العرض المسرحي «غزة في عيون أطفالها» في إطار مجموعة عمل مسرحية عربية وعالمية من 51 دولة تحت عنوان «مونولوجات غزة»، أشرف عليه ونسقه الفنانة المسرحية الفلسطينية إيمان عون – مسرح عشتار في رام الله – حيث تم تقديم هذه المونولوجات في فلسطين والعالم العربي وفي العالم، ثم عرضت المونولوجات الـ 33 في مبنى الأمم المتحدة بمعظم لغات العالم، بأداء طفل تم انتقاؤه من كل بلد شارك في هذا العمل تضامناً مع أطفال غزة ومساهمة مسرحية لرفع الحصار عنهم وعن أصواتهم وأحلامهم.

شهد هذا العرض إقبالاً مميزاً من قبل الجمهور السوري والفلسطيني، وقد توج هذا الحضور وجود عدد من القيادات السياسية والثقافية السورية والفلسطينية، حيث اُفتتح العرض بحضور الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية وعدد من القيادات الفلسطينية، ليشهد اليوم الثاني حضور وزير الثقافة السوري الدكتور رياض عصمت الذي أثنى على فريق العمل، كما حضر الكاتب الصحفي حسن م. يوسف.

مخرجة العرض رنا بركات

«اكتشف سورية» تابع العرض والتقى مخرجة العرض رنا بركات التي تحدثت عن أهمية العرض قائلة: «هذا المشروع من تنسيق المخرجة الفلسطينية إيمان عون من مسرح عشتار في رام الله الفلسطينية، حيث نسقت مع ثلاثة وثلاثين طفلاً فلسطينياً من غزة، فكتبوا بأقلامهم هذه النصوص عن مشاكلهم ومعاناتهم في الحصار والحرب العدوانية التي يشنها الكيان الإسرائيلي الغاصب. هذه النصوص الثلاث والثلاثون توزعت على51 دولة في أنحاء العالم ليقوم مخرجو هذه الدول بإخراج هذه النصوص، فقام كل مخرج بانتقاء المجموعة التي يراها مناسبة لعرضه المسرحي، ليتوج هذا العمل بتقديمه في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، والذي كان من إخراج إيمان عون حيث لاقى صدى ونجاحاً كبيراً، وقدمت جميع العروض في 17 تشرين الأول في معظم دول العالم باستثناء سورية، التي أحبت أن تختتم عروضها المسرحية لعام 2010 بهذا العمل».

الطفل الممثل إلياس الشوفي

وعن خصوصية هذا العمل تضيف: «من كتب هذه النصوص هم أطفال غزة، وهذا ما يميز هذه المونولوجات التي نستعرض من خلالها مشاكل الطفل الفلسطيني النفسية والاجتماعية، هذه المونولوجات الشفافة عن قرف الطفل الفلسطيني من الحصار والحرب وخوفه وإحساسه بالموت بشكل دائم، وهو الذي يعرف ماهيته وقسوته على أفراد العائلات المحيطة به».

الطفل الممثل فارس غزاوي

وعن موضوع التعامل مع الأطفال المشاركين في العمل توضح المخرجة بركات: «سبق أن أجرينا اختبارات لـ 60 طفلاً من سورية فكان الاختيار صعباً، وخاصة بعد معرفة الأطفال بقصة هذه النصوص ومصدرها، التجربة مع هؤلاء الأطفال مميزة جداً، وعندما وقع الاختيار على الأطفال التسع بدأت بروفة الطاولة فجلسنا وتحاورنا حول ماهية هذه المونولوجات لمساعدتهم على تقديم الأداء الأفضل والأصدق، وقد قمنا بتحليل وشرح بعض المرجعيات التاريخية حول القضية الفلسطينية ليكون الطفل على دراية كاملة بحقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وهنا أريد التنويه بوعي الطفل السوري الذي يتشرب السياسة وهو صغير وهذا شيء معروف، ثم بدأت البروفات حيث اعتمدت على فطرية الطفل وكيفية رغبته في تقديم المونولوج مع بعض الإرشادات المسرحية الضرورية لعمل الممثل، وقد شهدت البروفات حالات خاصة حيث بكى بعض الأطفال من الممثلين لقوة وصدق هذه المونولوجات».

وعن المادة الفيلمية القاسية على شخصية الطفل ومداركه تضيف: «لهذا السبب تم اختيار أطفال ممثلين أعمارهم فوق الـ 13 سنة، باستثناء طفل عمره سبع سنين ونصه كوميدي، أيضاً جميع الدعوات لحضور العمل كانت محصورة بالفئة العمرية الأكبر من 13 سنة».

بطاقة العمل:
إخراج: رنا بركات، إخراج المادة الفيلمية: علي سفر، غرافيك: نجوى عمران، موسيقى: وعد الجرف، تصميم إضاءة: نصر الله سفر، تصميم إعلاني: زهير العربي، مساعد مخرج: بسام سفر.

الممثلون حسب الظهور:
فارس غزاوي: مونولوج أحمد – مواليد 1993 – شارع الوحدة، ومونولوج ياسين – مواليد 1996 – حي الشجاعية.
فرح شعبان: مونولوج روند - مواليد 1997 – حي الدرج.
وائل بشر: مونولوج سامي – مواليد 1994 – حي التفاح.
فينوس شعبان: مونولوج وئام – مواليد 1996 – حي الصبرا.
إلياس الشوفي: مونولوج علي – مواليد 1995 – شارع الصفطاوي.
رفاه هزيمة: مونولوج ريم – مواليد 1996 – شارع الصفطاوي.
عدنان شنار: مونولوج تامر – مواليد 1993 – شارع الشيخ رضوان.
رند سفر: مونولوج هناء – مواليد 1995 – منطقة اليرموك.
محمد حموي: مونولوج محمد – مواليد 1995 – شارع الصفطاوي.

يذكر أن المخرجة رنا بركات خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدراسات المسرحية، نالت الماجستير من فرنسا حول الصناعة الثقافية، تعمل الآن أمينة تحرير جريدة شرفات، من أعمالها المسرحية مسرحية للأطفال بعنوان «حلم».

مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية