إشراقات ياسر حمود بين اللون والموسيقى

«اشراقات» الفنان التشكيلي الكبير ياسر حمود والتي أقيمت مؤخراً في بيت الفن «الأرت هاوس» بدمشق، كانت فرصة جميلة ورائعة لعشاق الفن لرؤية حالة من الوجد اللوني بكل الأطياف وإرهاصات الضوء والتحدي لإختراق آفاق الكون وجمالية اللون، وحيوية الإبداع الذي لا حدود لآفاقه ورؤيته الحالمة، وتخيلاته التي تأخذ بعداً فلسفياً ومشاعر إنسانية سامية، مسكونة بالأحلام، ورغبة وثابة نحو اكتشاف المجهول، واشراقات العناصر الأربعة: الماء والتراب والهواء والنار.

جماليات اللون عند ياسر حمود كانت دافعاً قوياً لإقامة أمسية موسيقية شعرية، غنائية نفذها مجموعة من الفنانين بإشراف المايسترو ميساك باغبودريان، وكانت مناسبة رائعة للتعبير الموسيقي عن ما يمكن أن توحيه لوحات الفن التشكيلي للموسيقي من مشاعر تعبيرية وصور ساحرة ذكرتنا بما قام به الموسيقار الروسي موسور غسكي (1839-1881) في «لوحات من المعرض».. لقد كانت فرصة للتخيل والتصور والإبداع والإمتاع.

لقد كانت الموسيقى هي الحدث، الصوت الذي يكون حتمياً عند ارتطام أو نفخ أو نقر أو احتكاك جسم بآخر.. إنها البعد الآخر للوجود، والتشكيل الذي شاهدناه في لوحات ياسر حمود، كان هو الحدث الذي حرّك الآلات للنفاذ إلى معاني ومدلولات اللون والمكونات التشكيلية.

لقد فرضت الموسيقى الإصغاء والسماع، وفرض التشكيل البصر وسلامة الرؤية للوصول إلى آفاق المكونات التشكيلية.. الموسيقى تعني تمييز الأصوات وكذلك الآلات الموسيقية منفردة أو مجتمعة، وبالتالي إدراك الأصوات حسيّاً وذهنياً، والتشكيل عند ياسر حمود يعني تمييز اللون والبعد والخط منفرداً أو مجتمعاً في الطبيعة وفي اللوحة، وبالتالي إدراك اللون والبعد والقياس حسيّاً وذهنياً.

في هذه الأمسية استطاعت الموسيقى أن تعبّر عما يجيش في نفوس العازفين من نغمات وألحان التي كانت مواكبة لحركة اللون والبعد وكانت حالة توازن قصوى المكونات الطنينية وميكانيكية السماع، والتشكيل الذي شكّل تلاقياً متوازناً بين المكونات التشكيلية وميكانيكية الرؤية والنظر، وعلاقة الفن بالحياة، وكانت فرصة لخلق عالم يبدعه الموسيقي على قدر ما يذهب إليه الفنان التشكيلي لخلق وجد لا حدود لآفاقه، وكانت جدلية رائعة بين الموسيقى لغة الإنسان الأولى، والتشكيل لغة الإنسان الثانية.

==
المصدر: جريدة الوطن، العدد 1053



بالأزرق.. شعر وإلقاء المعماري سنان حسن





بالأزرق .. ارتجال موسيقي على البيانو للعازف ناريك عبجيان

د. عـلي القـيّم

اكتشف سورية