صوتنا بالريشة واللون: معرض لذوي الإعاقة بطرطوس

بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة

«أنا إنسان .. وأنت كذلك» هكذا حال لسانهن يقول؛ فنانات مبدعات تألقن مع اللون بحثاً عن صوت يصل إلى القلوب والأعين؛ أربع فتيات حالمات يعانينَ من مشكلة بالنطق، أسرجْن للون أمتعته على صهوة الضوء فكان نتاجهنَّ معرضاً فنياً يليق بطرطوس مدينة الثقافة والإبداع.

أقامت هذا المعرض مديرية الثقافة بطرطوس بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في صالة المركز الثقافي العربي بطرطوس بالتوازي مع الاحتفالية بهذا اليوم وتكريماً لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث افتتحته الدكتورة ديالا الحاج عارف -وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل-، بحضور كلٍّ من الدكتور عاطف نداف -محافظ طرطوس-، وأمين فرع الحزب، وأعضاء مجلس الشعب، وحشد واسع من جمهور الإبداع والفن.

لم يكن صمت الشقيقتان منى وعلا بلال والشقيقتان زيناء ورهف يوسف تقليدياً، بل كان كالكبوة التي تنهض لتمتشق الضوء مسترسلاً في حكايا اللون.


هكذا كتبن على لوحاتهن

حوار مع أيقونة
استحضرتني فكرة الحوار مرات مع الفنانات، ولكن قصوري لفهم لغة الصم والبكم دفعني إلى محاورة لوحاتهن، فقرأتُ فيها الوجوهَ الإنسانية التي اكتنزت بها أعمالهن، مما يدل على انبعاث وتدفق الحالة الإنسانية بداخلهن وهي بمثابة دعوة للتأمل في الوجوه وقراءتها بما ينسجم مع أحلامهن وتوقهن للبوح. أما الألوان الهادئة المستعملة والمنسجمة مع المحيط فتدل على صفاء روحهن ونقائها، فالنرجس يحنو على بساطه الأخضر كما الياسمين. أما انحناءات الأجساد الأنثوية في أعمالهن فتدل على حيوية الشباب في أحلامهن. مع صمت أعمالهن، لم تصمت ألوانهن بل قالت بخط عريض كتبنه بعنوان معرضهن «ريشتنا وألواننا صوتنا القوي».

ماذا قالوا فيهن وعنهن
تحدث «اكتشف سورية» مع الفنان علي رجب حسين -رئيس فرع اتحاد التشكيليين السوريين بطرطوس- حيث قال: «كانت صورتهن الأنثوية كفتيات مبدعات حالمات، هي اللوحة الأجمل والأثمن. لقد قدمن أعمالاً واقعية وتعبيرية تحاكي ما بداخله، مركزاتٍ بذلك على الجانب الإنساني. أما محاكاتهن للوجوه فكانت نتيجة الإحساس القوي بالإنسان، وما بداخله من لواعج. في حين أتت ألوانهم المشرقة متدفقة من إحساسهن الدائم بالربيع». ثم أضاف السيد حسين: «إن حضورهن الدائم في المركز ودقة مواعيدهم في إنجاز أعمالهم كان له الأثر في نجاح هذا المعرض. لقد كُنّا متدربات مبدعات، يتلقيْنَ التعليمات والتدريبات بيسر وسهولة، ربما لقوة إحساسهن الداخلي بالفن». وختم بالإشارة إلى أن زيناء يوسف -إحدى المشاركات- هي طالبة في كلية الفنون الجميلة متجاوزة بذلك إعاقتها النطقية.

فنانة ولوحتها

أما الدكتور علي إبراهيم بلال -مدير الثقافة بطرطوس- فحدثنا قائلاً: «تأتي هذه الاحتفالية كثمرة تعاون بين مؤسسة السعدي وجمعية البراءة لرعاية المكفوفين، في إطار الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في سورية على أعلى مستوى، ليكون هذا المعرض لتستطيع فنانات الأربع التعبير بالريشة واللون عوضاً عن النطق باللسان، فالإنسان قادر بإرادته على كل شيء، وقادر على تجاوز إعاقته النطقية والسمعية معبراً بريشته عما بداخله تعبيراً بصرياً بليغاً وجميلاً».

بعد جولة السيدة الوزيرة وصحبها، قامت بشراء عدد من اللوحات إضافة إلى تكريمها للمشاركات. بقي أن نشير أن المشاركات في المعرض هن من متدربي مركز مجيب داؤود للفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة.

علي نفنوف - طرطوس

اكتشف سورية