النحات أكسم السلوم في معرضه الفردي الأول في غاليري السيد للفنون

ما بين المرأة والبحر عالم من السحر والغموض ومتاهة تتشكل ما بين المد والجزر، ورشاقة تنساب ما بين الخصر وموج البحر، وللمرجان والسمك التائه المزين بقطعة من اللؤلؤ، محاكاته للمرأة الشرقية وخوفها من شرود الذاكرة، كل هذا وأكثر يجتمع في قوام تشكيل نحتي ابتدعته يد فنان له من التجريب باع طويل، تشهد عليه المدينة السورية وقطعة من بحر اللاذقية قبالة الشاطئ الأزرق، إنها يد الفنان والنحات أكسم السلوم الذي يتابع في معرضه الفردي الأول في غاليري السيد للفنون التشكيلية بدمشق تجربته النحتية المتألقة عبر طروحاته الفكرية والبصرية التي اتسمت بعفوية مطلقة جمعت ما بين حرارة الخشب وتكوينات أنثوية ممشوقة القوام معشقة برائحة البحر.

«اكتشف سورية» التقى الفنان أكسم السلوم على هامش معرضه، وعن العفوية التي وصف بها عمله الفني يقول لنا: «أتعامل مع النحت بعفوية تامة، منطلقاً من فكرة مهمة وهي أن عمل النحات يقوم على تهذيب الشكل المبدئي وفق أفكاره وخبراته السابقة. بالنسبة لي أنا أنحت بالطبيعة بشكل عفوي، ومن غير دراية إلى أين سيصل هذا العمل كتكوين نحتي، فمن المستحيل أن يقدم النحات تصوراً نهائياً لعمله النحتي».

وعن خامة الخشب الأساسية في معرضه هذا والمتوافقة مع أشكاله النحتية وموضوعاتها الحسية يقول: «لكل خامة أدواتها، ومساحة من الحوار تجمعها مع الفنان، وإحساس مرهف يرسم مسار العمل ونقطة نهايته، ودائماً ما أشبه العمل النحتي بالأنثى في عملية حوار وتعارف وحب مستمر، وهي حالة من الرومانسية الحقيقية تجمع الفنان مع عمله الإبداعي. أما بالنسبة لمادة الخشب فهي مرحلة جديدة دامت أربع سنوات من البحث والتجريب على هذه الخامة».


النحات أكسم السلوم في معرضه

للبحر أسراره شأنه شأن المرأة وفي هذا المعرض توجد مزاوجة بارعة بين عملاقين فما قولك في ذلك؟ يجيب الفنان السلوم: «المرأة كالبحر والشجر، وأكثر من ذلك هي الأقوى بين المخلوقات، وهنا أشبه المرأة بماهية العمل النحتي، من حيث قوته وجبروته والذي يحتاج لنحات قوي يقولب العمل بالشكل الأنسب لما يريده، كما أن العمل هو نتاج أحاسيس ومشاعر تتشابك ما بين يد الفنان وكله - إن صح التعبير - وبين كتلة العمل الفني، وكأنها ولادة حقيقية تبدأ منذ اللحظات الأولى للعمل الفني».

وعن الدور المهم الذي لعبه الفنان أكسم السلوم في إقامة الملتقيات النحتية السورية يقول: «أنا أول نحات سوري يقيم وينظم ملتقى للنحت عام 1997 في قلعة دمشق برعاية محافظ دمشق - آنذاك – محمد زهير التغلبي وبالتعاون مع الدكتورة سوسن الزعبي، كما أقمت أول ملتقى نحتي للشباب في قرى الأسد في الديماس، لأفاجأ في ما بعد أن البعض ممن أقام ملتقى للنحت في سورية يقول أنه الملتقى الأول للنحت في سورية، وهذا إنكار حقيقي لجهد الآخرين. أما عن فكرتي الأساسية في إقامة تلك الملتقيات فهي إتاحة الفرصة للشباب النحتي للتجريب والعمل والتعلم ضمن الشروط النحتية الصحيحة وذلك بتوفير جميع مستلزمات العمل».

وعن رأيه بوضع نتاج الملتقيات النحتية في شوارع وحدائق دمشق يضيف: «أهمية الملتقيات باحتكاكها بعامة الجمهور، وهي فكرة جيدة تُقرب العمل النحتي من عامة الناس، فالنحت كجميع الفنون يهذب النفس البشرية ويعلم الجمال ويحرض على التفكير، لذا فإن إقامتها شيء صحي وحضاري وتثقيفي، وهي فرصة لتعريف الجمهور بكيفية بناء العمل النحتي، وتحرض من يملك الموهبة بتجريب بناء العمل النحتي. أما بخصوص نتاج هذه الملتقيات فليست بالسوية العالية، فالعمل النحتي النصبي لا يكفيه 20 يوماً من العمل. وهي ليست بالمدة الكافية لإنهاء عمل نصبي كبير مصنوع من الرخام أو الحجر، لذا هي أعمال غير مكتملة، شأنها شأن أعمالي النصبية التي أنجزتها ضمن الملتقيات النحتية، وهنا أستذكر مقولة للمرحوم الفنان مصطفى الحلاج عندما قال لي في إحدى الملتقيات التي نظمتها بمشاركة 32 نحاتاً: إذا أنتجت ملتقيات النحت عملاً واحداً يتسم بالقوة فهذا شيء جيد».

يذكر أن معرض الفنان أكسم السلوم مستمر لغاية 14 كانون الأول 2010، في صالة السيد – صالحية - طلياني - دمشق.

مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية