سبهان آدم في غاليري كامل

سبهان: سوف يأتي اليوم الذي أدفن به هذه الشخوص

احتفت غاليري كامل بدمشق يوم الأحد 24 تشرين الأول 2010، بافتتاح معرض التشكيلي سبهان آدم، وذلك بحضور مميز من قبل التشكيليين، ومحبي ومتذوقي الفن التشكيلي، ورواد غاليري كامل.

قدم التشكيلي سبهان آدم حوالي 38 عملاً تشكيلاً استفهامياً عن معنى الجمال وتعريفه، كاشفاً لنا عن جمالية القبح الدفين والمُطل من عباءاته المُذهبة والمزركشة، ساعياً لتقديم القبح كأداة تصويرية جمالية متسلطة على عين المتلقي، فيلغي سبهان آدم عبر مسوخه هذه مذلة القبح، جاعلاً من هذه المسوخ ملوكاً وأمراء على عرش الجمال من خلال ذلك الرداء الطويل المزخرف، المزركش، الملون، المجرد، والمُذهب.


من أجواء حفل الافتتاح

إنها قصص سبهان آدم وشخوصه ذات التاريخ الحزين، التي خرجت من رحم حياته ومن تجربته التشكيلية، لذا تخرج هذه الكائنات القبيحة صادقة بوجعها، جميلة بتجاعيدها متفاخرة بعباءتها، فهي وفي نهاية الأمر من صنع عراب القبح سبهان آدم. وللقبح في يده وعبر لوحاته سحره المثير وثراءه الفاحش، ليصل المتلقي لأعمال سبهان آدم لحالة من الإشباع البصري والاستفزاز الذي تتعاطف معه تارة فتحبه وتشفق عليه تارة أخرى.

نحاول قراءة أعماله المتحفية كما يحلو للبعض تسميتها، ونحاول كالبعض تفسير هذا السيناريو اللوني ضمن هذا الشكل الذي ذاب فيه الفنان، ولكن يغدو شرح مفرداته التشكيلية كشرح معنى طيف اللون أو النوتة الموسيقية.


من لوحات المعرض

«اكتشف سورية» تابع حفل الافتتاح والتقى التشكيلي سبهان آدم، وعن نقطة البداية التي يتمحور حولها عمل الفنان يقول: «نقطة البداية تبدأ من المختبر التشكيلي، ودائماً ما أقول أن هذا المختبر يحتاج إلى وقت طويل من العمل والتجريب، فأي فنان يحتاج لوقت طويل لاكتشاف اللون والتكنيك الخاص به، وهذا ما مررت به حتى وصلت إلى هذه النتيجة، ورغم ذلك ما زلت في المختبر أعمل لاكتشافات أخرى من خلال مشاريع جديدة في النحت والحفر أو بما يخص الفنون التطبيقية. ومن جهة أخرى أركز في عملي التشكيلي للدخول في معادلة العمل الفني وبشكل مباشر، بعيداً عن المقولات التي تطرحها الأكاديميات الفنية، وما تقدمه من أنماط جاهزة أو معلبة، لذا فإن هذا النبع المُعلب مرفوض بالنسبة لي».

وعن ماهية هذا الشخوص التي يقدمها في هذه الأعمال يضيف: «هي كناية عن مرآة لحياة الإنسان وما يتخللها من أحداث تبدأ منذ الطفولة إلى الشيخوخة إلى الموت، وسوف يأتي اليوم الذي أدفن بها هذه الشخوص، وسأقيم عزاء لهم ستتراقص فيه النساء من حولهم وهن عاريات، وعندها سأدعو البشرية كلها لهذه الزفة».

وعن ماهية الفن ييقول: «الفن هو الحقيقة، وعندما يمسكها الفنان سيجد ذاته، ونستطيع أن نسقط هذا على كل أنواع الفنون، فأنا لا أجد فرقاً بين المغني السوري فهد بلان والمغني الإيطالي أندريا بوتشيلي، أو بين سميرة توفيق وسيلين ديون، فهؤلاء الفنانون ومع اختلاف أصواتهم وأمزجتهم وثقافتهم استندوا إلى حقيقتهم من غير زيف أو مواربة، وهنا أطلب من الفنان التشكيلي أن يرسم بصمته الحقيقة وأن لا يخاف، وأن يفرض احترامه للآخر وللوحته في المقام الأول».


التشكيلي محمود جوابرة

وفي لقاء مع التشكيلي محمود جوابرة -رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في درعا- يقول: «هذه المرة الأولى التي أتواجد بها في معرض للفنان سبهان آدم، الذي يقدم طرحاً جديداً وصادماً من خلال هذه الأشكال والألوان، وهو في حقيقة الأمر يقدم عملاً جديداً في مسيرة التشكيل السوري والعالمي، فما يقدمه هذا الفنان هو خلاصة للإبداع الفني ضمن هذه الأجواء الجديدة ذات الطروحات الملفتة وذلك من خلال تناوله للإنسان وتقديمه كمسخ جميل، على اعتبار أن مفهوم الجمال متغير ومتبدل وفق رؤية الفنان الخاصة. لقد استطاع سبهان آدم أن ينقل إنسانية هذا المسخ البشري، فما خلف هذا الشكل "أنسنة" مشتركة تجمعنا مع هذه المسوخ الضعيفة».


التشكيلي علي الكفري

من جانبه يقول الفنان علي الكفري في حديثه مع «اكتشف سورية»: «لكل فنان مدرسته الخاصة وأسلوبه الخاص، أما نجاحه فيكمن بحركة يده وألوانه وطريقة تفكيره وهنا تكمن قوة سبهان آدم الذي خرج من صدقه ومن محليته السورية إلى أصقاع العالم، من غير أن يكترث لرأي أحد حول طريقة تعاطيه مع اللون أو الأسلوب التشكيلي، فهو غير معني بالذائقة التشكيلية الدارجة هنا أو هنالك، فلم يستوحي عمله من فنان آخر أو من مدرسة تشكيلية بعينها، بل استند على مفهومه التشكيلي الخاص، ومن جهة أخرى سبهان آدم فنان مجتهد انطلق إلى العالمية بسرعة "صاروخ" لتصبح لوحاته مطلوبة في السعودية والإمارات وفرنسا، وهذا النجاح العالمي وليد صدقه وإخلاصه لمشروعه التشكيلي، الذي اتسم ببصمة خاصة به».


التشكيلية رشا جبر

من جهتها تؤكد التشكيلية رشا جبر على تفرد أعمال الفنان سبهان آدم وتقول في معرض حديثها: «إنها لوحات غريبة كمجمل أعمال سبهان القديمة والتي تصدمك من الوهلة الأولى لما تحويه من ازدواجية تجمع ما بين معياري القبح والجمال ضمن وحدة العمل ككل، كما أن أعماله تتسم بتضاد متوازن من خلال هذه الألوان، إضافة لطريقة تعاطيه مع فن البورتريه وهنا أشبه عمله بالسهل الممتنع وخاصة عند دراسة أعماله التي تتميز بتقنية عالية وإحساس مرهف دامجاً ما بين الواقع والخيال وما بين القوة والرومانسية في نفس الوقت».


التشكيلية إيناس عربي

التشكيلية إيناس عربي تشير من جانبها إلى أهمية أعمال سبهان آدم التي ترسم إشارة استفهام لما تعنيه شخوصه ذات الشكل الممسوخ، وكم هي متقاطعة مع حقيقة الإنسان المتناقضة في جوهرها، وتضيف: «يوجد تضاد مذهل في عمل سبهان آدم أو تضاد ما بين السلبي والإيجابي، القبح والجمال، المتواجد في لوحة واحدة، والتي تشكل في نهاية الأمر وحدة متكاملة في نفس الوقت ما يشكل جمالية خاصة وغريبة خارجة عن نطاق المألوف لما تختزنه التجربة المحلية أو العالمية، لذا أعتبر سبهان آدم صانعاً ماهراً فقد حصر القبح والجمال معاً في بورتريه واحد، كاشفاً عن حقيقة الإنسان المخبأة في دواخل كل إنسان فينا».


يذكر أن معرض الفنان سبهان آدم مستمر لغاية 5 كانون الأول 2010 ، في غاليري كامل، دمشق، مزة ڤيلات شرقية، مقابل اتحاد الكتاب العرب.

مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية