غاليري رفيا تستضيف معرض غبار للفنان علي قاف

تستضيف غاليري رفيا بدمشق معرض «غبار» للفنان السوري علي قاف الذي يقدم تجربة جديدة مستمدة من دراسته الأكاديمية ما بين بيروت وبرلين، حيث قدم الفنان عدة أعمال تشكيلية عمادها الأبيض والأسود ضمن توليفة لونية مميزة، إضافة لعمل فيديو آرت لا يبتعد من خلاله عن الفكرة التي انطلق منها.

وفي تعليق للفنان ألكسندر فون شتوش عن أعمال التشكيلي السوري علي قاف يقول: «ترتبط لوحات علي قاف وصوره الفوتوغرافية وأفلامه ببعضها، من خلال عمليات ذهنية وتركيبات داخلية تتواصل مع بعضها. يربط علي قاف في لغته الفنية عوالم حياة شخصية ما بين سورية وبيروت وبرلين، حيث درس لدى كل من مروان قصاب باشي وريبيكا هورن في المدرسة العليا للفنون في برلين. تبدو أعماله أصلية قديمة، يساعد على إظهارها كذلك استخدام عناصر أساسية مثل النار، ولكنّها تسمح أيضاً بتفسير سياسي معاصر جداً. إنّها لعبة برموز ونماذج أصلية، بالإشارات وبالسؤال عن استقلاليّتها. إذ أنّ الأمر يتعلّق بالسؤال عن الشكل وامتلاكه بالقوّة، ومن ناحية أخرى بالتلقي. إنّ الاستخدام المركّز للأسود كلون، أو بتعبير أفضل كمادة عمل فنية في صورة فحم وأصباغ وسخام، وكذلك الحبر الصيني والرصاص، يعني بالنسبة للرسم ملء المساحة بشكل لا يمكن التراجع عنه، دون ترك مجال لتصحيحات في اللوحة أثناء إنجازها».

«اكتشف سورية» زار معرض الفنان التشكيلي السوري علي قاف وأجرى معه حواراً حول تجربته التشكيلية حيث يبدأ الفنان حديثه معنا عن بدايته في الفن التشكيلي في الجامعة اللبنانية ببيروت لمدة أربع سنوات لينال الدبلوم، وليتجه فيما بعد إلى ألمانيا لإكمال دراسته الفنية في المدرسة العليا للفنون HdK على يد الفنان السوري مروان قصاب باشي الذي كان يشغل منصب بروفيسور، ثم تابع مع الفنانة ريبيكا هورن، وهي من أشهر الفنانات الألمانيات ليحصل فيما بعد على منحة من الجامعة اللبنانية للدراسة فيها ولمدة سنة، حيث تبلورت تجربته من خلال عمله المستمر، حيث قدم معرضه في بيروت لينقله إلى خان أسعد باشا بدمشق ثم يعود إلى ألمانيا فيتعاون مع غاليري ساكاموتو في برلين وغيرها من صالات العرض الألمانية في أكثر من معرض تشكيلي، لينال في عام 2010 جائزة المقتنين الشباب في متحف الفن المعاصر MAXXI، في روما بإيطاليا».

وعن أهمية دراسته في برلين يقول: «حالياً برلين هي عاصمة الفن في أوروبا، وهي مدينة مفتوحة على حراك ثقافي مدهش، كما أن موقعها بين شرق وغرب أوروبا إضافة لعودتها بصيغتها الجديدة والموحدة جعلها مدينة حيوية، لذا أعتبر أن دراستي في هذه المدينة مهمة على الصعيد المهني، ففي مدينة برلين صُقلت موهبتي بدراسة عميقة وجدية إضافة لتعرفي على الأستاذ مروان قصاب باشي الذي درسني لمدة سنتين ونصف».


من أعمال التشكيلي علي قاف

لقد تبلورت تجربة الفنان علي قاف ما بين بيروت وبرلين، لتبقى دمشق شاهدةً على نتاجه التشكيلي عبر عدة أعمال مُتقشفة قوامها الأسود والأبيض في محاكاة تجمع ما بين طاقة اللون الأسود ونقيضه الأزلي الأبيض عبر صياغة جديدة لمفهوم اللون، عن هذا يقول علي قاف: «الأبيض والأسود ليسا ببعيدين عن هوية المنطقة التي أنتمي إليها وما تحمله من تناقضات جمة، ومنها الضياع الحاصل في تعريف الهوية الشخصية والفنية لأبناء هذا المنطقة، لذا فإن الأبيض والأسود يلامسان وبعمق حدود منطقتنا العربية ككل. ومن حيث تكنيك العمل لم أختر الأسود كلون مجرد بل اعتبرته مادة بحد ذاتها مما أعطاني فرصة كبيرة لأعمل على مفاهيم جمالية لها علاقة بالحجم والفراغ والشكل، ومن هنا تلاحظ هذا التقشف اللوني في أعمالي، وفي النهاية ما أعمل عليه ليس باختراع شخصي، بل هو خياري ضمن البحث المستمر، كما أن تجربتي هي حصيلة تأثيرات متعددة لعدد من الفنانين أهمهم تابيس إضافة لدراستي لتاريخ الفن».

وعن آراء الفنانين والنقاد الأوروبيين بعمله يجيب: «لا أريد المبالغة بما سأقول، ولكن لم يربط النقاد الأوروبيون اسمي بفنان معين، وهذا لا يعني بأنني فنان متفرد، وكما قلت سابقاً هنالك تأثيرات سابقة لفتت نظري وخاصة عمل فناني جنوب أوروبا، وكما يقول بعض النقاد الأوروبيين، فإن هنالك مصادر مختلفة في عملي عما هو متداول في أوربا وهذا واضح بالنسبة إليهم، وهذا أعزيه لانتمائي العربي الذي أثر كخلفية عمل ذي تأثير ضمني. إضافة لعملي ضمن القيم المعاصرة أسوة بأبناء جيلي الذين درست معهم».

وحول اتصاف بعض أعماله بحس غرافيكي معتمد على الحرق يقول: «أتقاطع كثيراً مع عمل الحفر في معظم الأعمال، وهذا سببه الحرق الذي أعتمده في الرسم أو في الفوتوغراف، وهي محاولة لاكتشاف ما خلف السطح من خلال إبراز البعد الثالث للعمل، وهنا أيضاً أتقاطع مع عمل الرولييف».

وعن تأويل العمل الفني وصاحب الحق في تأويله يضيف: «إنه المتلقي، هو صاحب هذا الحق، فالفنان كصانع للعمل الفني يعيش عملية مختلفة من خلال إعادة الصياغة، ويعيش من خلال تحميل المادة قيماً بصرية مستمدة من أفكاره، حيث ينتهي دوره بانتهاء إنجاز عمله الذي ينتقل للمتلقي المؤوّل الحقيقي للعمل الفني، إضافة لذلك لا يستطيع الفنان أن يكون حيادياً تجاه عمله، فهنالك الكثير من الفنانين ممن ألقوا بأعمالهم ومنهم النحات السويسري جيكو ماتي».

وعن تقديمه لتجربة لونية عبر فضاء التشكيل والفيديو آرت، حيث اتسمت التجربتان بتواتر متوتر، كان قوله في ذلك: «هو توتر بين الشيء وذاتيه، وعن اختلاف المادة فإن الأداة الفنية هي حامل للفكرة ذاتها، لقد درست الرسم والفيديو آرت وهي تقنيات مختلفة أتجول فيما بينها لتطوير الفكرة وتطويعها».

ومن هنا سألنا الفنان عن اطلاعه على حركة التجريب التشكيلي الذي ينتهجه شباب التشكيل السوري فقال: «من أهم الأمور التي تسمح بتحرير الحركة التشكيلية النقطة الأولى لدراسة هذا الفن، وهنا أقصد كلية الفنون الجميلة التي يجب أن توفر المساحة الكافية لطلابها لخوض التجريب وبإشراف الأساتذة، كما أن لدي بعض الأصدقاء ممن يعملون بجد لخلق طرح جديد، وهذا شيء لا بد منه جراء التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تكتسح العالم أجمع، ومن المؤكد أن هذا سينعكس على طريقة الطرح الفني لدى جيل الشباب».

يذكر أن المعرض مستمر في غاليري رفيا، 26 بوليفارد دمشق، فندق فورسيزنز.

مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية