نضال سيجري وتألق كوميدي نادر

استطاع أن يأسر قلوب الملايين، ويجعلهم يتكلمون بلهجة المسلسل

يبدو الحديث عن الفنان نضال سيجري للوهلة الأولى أنّه اجترار للعديد من المقالات الصحفية التي تناولت إبداع فنان استطاع أن يلعب على الشعرة الرفيعة بين الكوميديا والتهريج، وأنّ يتسلل بخفة إلى ذات المشاهد ويضحكه؛ كما يبدو أنّنا متواطئون منذ البداية مع فنان من نوع نضال سيجري. فنان استطاع أن يكون مثال الممثل المثقف المبدع صاحب المشروع والرؤية التي اشتغل عليها بحرفية عالية، فنحن لا نملك إلا الكتابة مراراً وتكراراً عن تجربته؛ كيف لا؟ ونحن نتسمر كل يوم أمام الشاشة لنشاهد أسعد ببساطته وسذاجته في مسلسل «ضيعة ضايعة» للمخرج الليث حجو، فتلتبس علينا ملامح الشخصية ولا نعد نفرق بين نضال وأسعد، نحبه تارةً ونكرهه تارةً أُخرى، ونلعن سذاجته وقد استسلمنا بمتعة لأدائه (السهل الممتنع).


نضال سيجري

تكاد شخصية أسعد أن تكون أعقد شخصية في مسلسل «ضيعة ضايعة»، شخصية سلبية تقع دائماً ضحية لمقالب واحتيال جودة ، والتي تعبّر عن الإنسان البسيط المقهور والمسحوق، الذي يحاول أن يتجنب مصاعب وشراك القدر. شخصية تبدو خيالية في شكلها، لكنها تشبهنا جميعاً من الداخل عندما نجلس مع خيباتنا وانكساراتنا، ونقف أمامها ببلاهة وعجز حتى نكاد نشبه أسعد بكل تفاصيله.


مشهد من
ضيعة ضايعة2

وأداء هذا النوع من الشخصيات يحتاج إلى طاقة عالية لتجسيد «الكاركتر» الذي تظهر فيه الشخصية عن طريق اللعب على الشكل واللباس وحركات العيون والمتكئات الحركية من جهة، ومن جهةٍ أُخرى القدرة على إيصال سلبية وحيادية هذه الشخصية والمواقف الصعبة التي تقحم نفسها بها، بوجود مصاعب وتحديات كثيرة وأهمها الحفاظ على إحساس هذه الشخصية طوال 30 حلقة؛ التي ربما تكون أحد أهم الشخصيات التي أداها سيجري، والتي يتناقل الجميع طريقة حديثها وحركاتها وأسلوبها، ولكنه استطاع أن يثبت في العديد من الأدوار التي أداها أنّه ممثل محترف يستطيع أنّ يصل إلى روح الشخصية مهما كانت صغيرة. لقد برع سيجري في مسلسل «الانتصار» في أداء شخصية الشاويش التي كانت بمثابة ضيف على العمل، واستطاع أن يجسد الشر الكبير الذي تكتنفه هذه الشخصية وينقلها إلى المشاهد بصدق وعمق.

الفنان المتألق نضال سيجري


وقد تنوعت الأدوار التي أداها سيجري بين الكوميدية والتراجيدية، البسيطة والمعقدة، كشخصية سليم في مسلسل «عصر الجنون»، وصفوان في مسلسل «غزلان في غابة الذئاب»، وأبو مستو في مسلسل «زمن العار»، وأدواره العديدة في «بقعة ضوء» والعديد من الأدوار الأخرى التي عرف بسببها في الوسط الفني بأنّه ممثل مشاكس. ممثل لا يستكين ولا يهدأ و«لا يرضى بأن يكون حجر شطرنج» كما عبر في أحد لقاءاته الصحفية.

وبالرغم أنّ سيجري لم يأخذ دور البطولة المطلقة في التلفزيون أو السينما إلى الآن، إلا أنّه استطاع أن يثبت أنّ تنوع الشخصيات والقدرة على تجسيدها وإيصالها بشكل حقيقي، هو أهم العوامل في نجاح الممثل، وهو المقياس على حرفيته وموهبته، بعيداً عن أضواء النجومية والشهرة التي تحكمها أسباب كثيرة يكون في كثير من الأحيان التمثيل آخر هذه الأسباب.

عروة المقداد

اكتشف سورية