بسام كوسا.. نجومية دائمة التألق

وشعبية منقطعة النظير

لن نبالغ، إذا قلنا: أنّ الفنان بسام كوسا قد استطاع بحرفيته العالية أن يوازي أداء أهم الفنانين في العالم في تجسيده لشخصية «بدر» في مسلسل «وراء الشمس» للمخرج سمير الحسن. لقد استطاع كوسا، حبيس عوالم «بدر» المتوحد، الغارق في عوالمه البعيدة والعصيّة، استطاع أن ينقل تلك العوالم، وحالة الذهول المستمر، باشتغال واضح على تفاصيل دقيقة؛ النظرة المنكسرة والغارقة في الصمت، وحركة اليد العشوائية التي تدلّ على خلل الذهن، وجسده المجهد ذي الحركة البطيئة، والذي يتوقد عندما تلمع ومضات الذكاء الحاد في عمله على إصلاح الساعات.


النجم المبدع بسام كوسا

عشرون حلقة من «وراء الشمس» وكوسا ما يزال يؤدي هذه الشخصية بذات الزخم، وذات الكثافة حتّى يكاد المشاهد يشعر بأنفاسه تنخطف أمام هذا الأداء الهائل والمحترف. عشرون حلقة تمثل جهداً كبيراً وطاقةً هائلة لأداء شخصية بهذا التعقيد، فالشخصيات المركبة والتي تعاني من إعاقات ما في الأفلام العالمية يشتغل عليها الممثل لفترات طويلة وتؤدى في مدة لا تتجاوز 120 دقيقة، وهذا ما يجعل أداء الفنان كوسا لشخصية «بدر» المتوحد ذهنياً أحد أهم الأدوار في تاريخ الدراما العربية، ويكرسه كأحد أهم الممثلين في الوطن العربي؛ والذي يرفعه إلى مصافي الممثلين الكبار في العالم، لهذا الجهد الكبير الذي يبذله على مدار 30 حلقة، أي ما يقارب 1140 دقيقة تلفزيونية.


بسام كوسا في دور «الإدعشري» في باب الحارة
مصدر الصورة من www.elcinema.com

ويأتي هذا الدور كتطور طبيعي لمسيرة الفنان بسام كوسا الذي اشتغل أهم وأعقد الشخصيات في الدراما العربية، والتي ما زالت راسخة في ذاكرة كثير من الأجيال؛ ابتداءً بشخصية التاجر (النسونجي) بمسلسل «خان الحرير» التي جسدها كوسا بحرفية عالية والتي ذهب بالشخصية إلى بعد مختلف، وشخصية نصار ابن عريبي في مسلسل «الخوالي»، وشخصية «زاهر» في مسلسل «سيرة آل الجلالي»، وشخصيته في مسلسل «أحلام كبيرة»، وشخصية الإدعشري في مسلسل «باب الحارة 1»، والتي ظهرت بصمات كوسا على هذه الشخصية، حيث كانت بعيدة عن الابتذال والتهريج، وأثبت كوسا من خلالها على قدرته على فهم أبعاد الشخصية، والاشتغال عليها ليرفع بأدائه هذه الشخصية مهما كانت بسيطة.


بسام كوسا في مشهد من الصندوق الأسود

مسيرة الفنان بسام كوسا مسيرة حافلة بالأدوار الاستثنائية التي جسدها في الدراما التلفزيونية؛ ولكن تبقى أدواره السينمائية أدوار حفلت بأداء متميز لممثل اشتغل على صقل موهبته، فأدى أحد أروع الشخصيات في السينما العربية، كشخصيته في فيلم «كومبارس»، شخصية الممثل المسحوق الذي يحاول أن يرتقي وأن يصبح ممثل درجة أولى، ذلك الانكسار والتردد والحيرة التي أدهشنا بها بسام كوسا، والتي بشرت في تلك الفترة بممثل ذي موهبة استثنائية؛ وليجسد بعدها العديد من الأدوار السينمائية في أفلام مثل فيلمي «المتبقي» و«نسيم الروح».

بسام كوسا فنان كبير، استطاع أن يثبت أنّ الحرفية العالية والأداء المتميز لا يحتاج إلى هوليود أو قدرات إنتاجية ضخمة، وإنما الموهبة والاشتغال على هذه الموهبة عبر صقلها بتجارب وقراءات عميقة.

عروة المقداد

اكتشف سورية