اكتشف سورية مجدداً في كواليس مسلسل أنا القدس

باسل الخطيب: أنا القدس عمل مشرّف لأي محطة فضائية يمكن أن تعرضه على قناتها

أنهى المخرج باسل الخطيب ما يقارب الـسبعين بالمئة من تصوير مسلسل «أنا القدس»، الذي تدور أحداثه في المدينة المقدسة ما بين عامي 1917 و1967، ومن المتوقع أن تكون الحلقات الأولى من المسلسل جاهزة للعرض في مع بداية شهر رمضان المقبل.

فعلى مدى ثمانين يوماً تنقل طاقم العمل ما بين دمشق، مشتى الحلو، وصافيتا لتصوير أحداث المسلسل، قبل أن يتم استكمال التصوير في حلب وحماة، وعددٍ من المواقع السورية التي تتشابه جغرافياً مع بيئة القدس.

وشهدت مواقع التصوير توافد العديد من الفنانين السوريين، الأردنيين، الفلسطينيين، والمصريين ليؤدوا أدوارهم تباعاً في العمل الذي يشارك فيه نخبة من نجوم الدراما العربية، منهم : عابد فهد، كاريس بشار، صباح جزائري، تيسير إدريس، صبا مبارك، منذر رياحنة، نضال نجم، رامز أسود، عبير صبري، سعيد صالح، وفاروق الفيشاوي.

«اكتشف سورية» زار كواليس «أنا القدس» في صافيتا، حيث تم تصوير أحد محاور المسلسل الرئيسية في هذه المدينة الجملية التي تتشابه طبيعتها، أزقتها، وحجارتها العتيقة مع القدس، ويتمثل هذا المحور بحكاية الفتاة الفلسطينية سيرين وصراعها من أجل استعادة منزلها الذي سلبه الصهاينة، في إشارة إلى أكثر القضايا المعاصرة حساسية، والتي يعاني أهالي المدينة المقدسة مرارتها حتى اليوم، وعلى الجانب الآخر من الصراع تبرز شخصية هيلينا اليهودية الشرقية المولودة في فلسطين، إلا أنها بشكلٍ أو بآخر تتأثر بالحركة الصهيونية، وتتبنى الحلم الصهيوني الذي يرى في فلسطين أرضاً موعودة، أرضاً بلا شعب، وبين هاتين الشخصيتين تظهر شخصيات أخرى تجسد المصلحية اليهودية كشخصية اسحاق ملينسكي المهاجر القادم من أوكرانيا، ووديع الذي يعبّر عن الإنسان الفلسطيني بكل أحلامه وانكساراته.

يؤدي دور سيرين صبا مبارك، أما هيلينا فتؤدي دورها الممثلة المصرية عبير صبري، ويؤدي دور وديع الممثل نضال نجم، واسحاق ملينسكي الممثل رامز أسود.

«اكتشف سورية» التقى بالممثلين الأربعة، وتعرف منهم إلى الخطوط الدرامية الرئيسية في الأدوار التي يؤدونها، كما رصد انطباعاتهم عن المشاركة في هذا العمل المصنـّف في خانة الأعمال الملحمية التي تتحدث عن القضية الفلسطينية، في إطار حكائي يعتمد التوازن بين الوثيقة التاريخية، والبعد الإنساني للأحداث والشخصيات.

اسحق ملينسكي الذي يؤدي دوره الفنّان رامز أسود هو مهاجر يهودي من أصل أوكراني، كان يعمل مع المخابرات الأوكرانية، وبمجرد وصوله إلى الأرض المحتلة وضع خدماته الاستخباراتية بشكل مباشر في خدمة عصابات الهاغانا الصهيونية التي بدأ نشاطها الإجرامي في مدينة القدس بمجرد دخول الجيش البريطاني للمدينة في العام 1917، ويقول رامز عن دوره في المسلسل: «أجسـّد شخصية ملينسكي، فكلّ علاقاته الإنسانية تحكمها المصلحة، وأقصى ما يهمه نجاح الهاغانا بأنشطتها الإجرامية في فلسطين»، ويرى رامز أسود أن أكثر ما يميز مسلسل «أنا القدس» إفساحه المجال للشخصيات في التعبير عن نفسها على الصعيد الدرامي رغم المنحى التوثيقي الذي يأخذه المسلسل.


الفنانة صبا مبارك والفنان نضال نجم في مسلسل أنا القدس

كما عبّر الفنان نضال نجم لـ «اكتشف سورية» عن سعادته بأداء شخصية وديع الذي يقدم نموذجاً لمعاناة الإنسان الفلسطيني على مر العقود منذ بداية المأساة الفلسطينية، وهذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها نجم في عملٍ يتناول هذه القضية، لكنه وصف دوره في مسلسل «أنا القدس» بأكثر أدواره الفلسطينية شمولية، باعتباره يتعرض لمعظم إشكاليات الشخصية الفلسطينية، ومفرداتها وصفاتها الاجتماعية.

من جهتها قالت صبا مبارك: «يقدم المسلسل نظرة مختلفة نوعاً ما عن قضية القدس ليس فقط من جانبها التاريخي، وإنما من جانب الأحقية التاريخية للشعب الفلسطيني في هذه المدينة، وأحقيتنا فيها كعرب، وأحقية الأديان كلها بالمدينة المقدسة»، وأضافت: «إن الخط الأساسي في شخصية سيرين يتمحور حول دارها الموجودة في إحدى حارات القدس القديمة، والتي يحاول اليهود أن يخطفوها منها بشتى الوسائل، وعندما ينجحون في ذلك بالتعاون مع جيش الاحتلال الإنكليزي تصبح قضية إعادة منزلها المسلوب قضية حياتها».

واعتبرت مبارك أن أكثر ما يميّز شخصيتها في المسلسل أنها تبدأ في العشرينات، وتنتهي في الثمانينات من العمر، وهذه المرة الأولى التي تؤدي فيها شخصية تمر بكل تلك المراحل العمرية، الأمر الذي يمثـّل بالنسبة لها تحدياً خاصاً على مستوى الأداء، وختمت بالقول: «مشاركتنا في هذا المسلسل هي أقل ما يمكن أن نقدمه كفنانين للقضية الفلسطينية، وفي حين أن معظم الأعمال التي قدمت عن هذه القضية أتت في إطار ردود الأفعال، أجد فيه عملاً فنياً قوياً قادراً على مخاطبة العالم، ونحن بأمسِّ الحاجة لعمل من هذا النوع».

الممثلة المصرية عبير صبري في دور هيلينا

وفي تصريحٍ خاص لـ «اكتشف سورية» قالت الممثلة المصرية عبير صبري: «من دواعي سروري أن أشترك في مسلسل سوري بهذا المستوى، خاصّة أن الدراما السورية لفتت أنظار المشاهدين العرب بقوة، وأثبتت تفوقها في الأعمال التاريخية التي يقدمها السوريون بشكل ثري، وواقعي».

وعن شخصية هيلينا التي تؤديها في المسلسل قالت صبري: «أهم ما في هذا الدور أنه يقدم الشخصية اليهودية بموضوعية كإنسانة لها مخاوفها، مطامعها، رغباتها وصراعها الداخلي، بخلاف الصورة النمطية التي يقدمها الإعلام العربي لهذه الشخصيات، بوصفها ساذجة، شريرة، وتدعو للسخرية».

وأكدّت عبير صبري أن مشاركتها في هذا العمل هو من باب تحمل المسؤولية تجاه قضية القدس، وما تعانيه هذه المدينة وأهلها، فهي التي سعت للمشاركة في هذا المسلسل دون الاهتمام ببقية التفاصيل كحجم الدور الذي تؤديه، فيكفي أن يكون هذا الدور مؤثراً، وأن تكون قادرة من خلاله على إيصال رسالةٍ تصب في صالح هذه القضية.

المخرج باسل الخطيب

بدوره قال المخرج باسل الخطيب: «نريد من خلال هذا المسلسل أن نتحدث عن أهم موضع في الجرح الفلسطيني، القدس، وما لهذه المدينة من دلالات باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني على مدى مئة عام تقريباً، لنصل إلى مقولة واضحة جداً مفادها أنه لا يمكن أن يكتمل وجودنا وترتسم ملامح مستقبلنا بدون تحرير هذه المدينة»، ونوّه إلى الجهود التي بذلها الممثلون في «أنا القدس» على صعيد الأداء، ومنهم الممثلة كاريس بشار، واعتبر الخطيب أنها تقدّم في هذا المسلسل طريقة مختلفة في الأداء عن كل ما قدمته في أدوارها السابقة.

وحول الآفاق التسويقية لهذا العمل وفرص عرضه في رمضان على أكثر من قناة تلفزيونية، ختم الخطيب بالقول: «أجد نفسي متفائلاً رغم بعض التردد الذي نلمسه أحياناً عند المعنيين في عددٍ من المحطات العربية حول تبني مسلسلات من هذا النوع ، إلا أنني أؤكد أن هذا المسلسل يتناول أهم قضية في العالم العربي، قضية القدس، ولكن من منظور إنساني بحت، بعيداً عن التنظيرات السياسية، وبالتالي لا أجد ما يمنع عرضه، فهو عمل مشرّف لأي فضائية يمكن أن تعرضه على قناتها».

محمد الأزن - صافيتا

اكتشف سورية