حفريات أثرية من قبل طلاب معهد الآثار في بستان سكر بدمشق

الكشف عن أساسات سور دمشق والعثور على عدد من الكسر الفخارية

في زيارة لموقع تنقيب أثري جديد في دمشق، في الجهة الجنوبية بجانب دوار البيطرة، التقى «اكتشف سورية» في الموقع الأستاذ همام سعد – رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار دمشق، والمشرف العلمي على المعسكر – الذي تحدث لنا عن أعمال التنقيب في هذا الموقع فقال: «تنحصر أعمال التنقيب بداية في ما نسميه أعمال التدريب والتأهيل لطلاب معهد الآثار، وعليه تم اختيار هذا الموقع لنقص المعلومات التاريخية فيما يخص هذا الجزء من مدينة دمشق، وثانياً كونه المساحة الوحيدة الخالية منذ زمن بعيد».

وأكمل الأستاذ سعد: «قمنا بتقسيم العمل إلى ثلاث قطاعات، قطاعان داخل بستان سكر، في الجهة الشمالية منه، والقطاع الثالث توضع على السور».

وتابع قائلاً: «كانت النتائج مرضية إلى حد ما، لاسيما أن مدة التنقيب استمرت لشهر واحد فقط، ولكن الأعمال لم تنتهِ بعد، وجاءت النتائج على الشكل الآتي: بما يخص قطاع السور، تم الكشف عن أساسات السور من الجهة الداخلية، والتي تبين – حتى الوقت الحاضر – أنها أساسات رومانية، حيث توجد إشكالية على سور مدينة دمشق، معروفة لدى الوسط العلمي، تتعلق بفرضية تقول بأن السور الحالي ليس مطابقاً لمسار السور الروماني. وفي عام 2004 كانت هناك حفريات أثرية في الجهة الجنوبية للسور من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف أثبتت وجود السور الروماني مكان السور الحالي، وبناء عليه قمنا بفتح هذا المربع في مكان آخر من نفس الجهة، للتأكد من استمرارية السور الروماني بنفس المسار».

وأضاف الأستاذ سعد: «أما بما يتعلق بالقطاعات الأخرى، فكانت النتائج مهمة جداً، حيث أن هذه الحفريات تعتبر الأولى في هذا المكان، والمعروف تاريخياً أن هذا المكان فارغ منذ زمن بعيد، ولا نعلم السبب الذي منع زحف الأبنية السكنية تجاهه عبر المراحل التاريخية المختلفة، وبالتالي قررنا حفر هذه الأسبار لمعرفة التسلسل التاريخي للطبقات في هذا المكان. وعلى عمق يقارب متراً ونصف المتر، ظهرت لدينا منشآت صناعية على الأرجح، وما هو ملفت للنظر في هذه النتائج الأولية، هو العثور على كميات من الكسر الفخارية، التي أُرّخت على العصر البيزنطي، وهذه المعلومات قادتنا لاستنتاج مفاده أن مرحلة الاستيطان الأخيرة لهذا المكان كانت في العصر البيزنطي، وربما استخدم بعد ذلك كبستان، واستمر حتى الوقت الحاضر، وهذا هو سبب عدم وجود أي طبقات أثرية بعد العصر البيزنطي، وإن أعمال التنقيب التي ما تزال مستمرة ستكشف لنا الكثير من الأمور الغامضة عن تاريخ هذا الجزء من المدينة».


طلاب معهد الآثار يتدربون على عملية التنقيب في بستان سكر

وقد التقى «اكتشف سورية» بعض الطلاب المشاركين في هذه التنقيبات والذين أبدوا بعض الآراء عن هذا النشاط، ومنهم الطالب مرعي عيسى الذي قال: «إنها التجربة الأولى لنا في أعمال التنقيب، وقد كنا سعيدين جداً بهذه التجربة، حيث أن المعلومات التي درسناها في المعهد هي معلومات نظرية، والآن نطبقها على أرض الواقع، الأمر الذي أفادنا في فهم الطبقات الأثرية وتمييز الفترات التاريخية، والأعمال الأخرى المتعلقة بالتوثيق».

وكذلك قالت الطالبة فاطمة الإبراهيم: «إن المعلومات التي حصلنا عليها من خلال عملية التدريب هذه تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لنا كطلاب معهد آثار، حيث أننا أدركنا الآن على أرض الواقع كيف تتم عملية التنقيب، ومرحلة اختيار المربعات والطبقات، واستخلاص النتائج من هذه العملية».

كذلك التقينا المشرف الإداري في الموقع الأستاذ معن الذي تحدث إلينا عن أهمية تدريب الطلاب في المواقع الأثرية قائلاً: «استطاع الطلاب من خلال هذا المعسكر، الوقوف على فهم منهجية التنقيب، والأدوات المستخدمة في التنقيب وآلية العمل، وهذه الأمور من شأنها أن تصقل قدرات الطلاب وتنمي معلوماتهم ميدانياً، لاسيما وأن علم الآثار هو علم ميداني أكثر من أن يكون علماً نظرياً».

محمد خضور

اكتشف سورية