شربل روحانا يطلق ألبوم دوزان من حلب

يبهرك بثقافته الواسعة وتفكيره العميق، كما يبهرك بموسيقاه المميزة وإحساسه المرهف. لا تمل من الاستماع إلى كلماته بنفس القدر الذي لا تمل فيه من الاستماع إلى موسيقاه. يتكلم بشفافية وصراحة وعفوية كبيرة. هو من مناصري «الفن الملتزم» والذي بقي عليه منذ الألبوم الأول الذي أطلقه في العام 1986 بعنوان «تنشوف» إلى ألبومه الأخير الحالي الذي أطلقه مؤخراً بعنوان «دوزان». هو الفنان والعازف شربل روحانا.

مدينة حلب كانت على موعد مع الفنان شربل روحانا مساء يوم الخميس 11 آذار 2010 في حفل توقيع ألبومه الجديد «دوزان» أو بالفرنسية «Doux Zen» وهما الكلمتان اللتان تملكان نفس اللفظ، إنما المعنى مختلف، ففي حين ترمز كلمة دوزان العربية إلى الممارسة الموسيقية التي يقوم بها عازف العود يومياً مع آلته، ترمز الكلمة الفرنسية إلى الهالة المؤلفة من السكون والسلام التي قصدها الفنان شربل في موسيقى عمله الجديد. العمل الجديد كما يقول الأستاذ شربل يختلف عن كل أعماله الموسيقية حيث كان حصيلة «ثلاث سنوات من التسجيل وإعادة التسجيل، ومن ثم إعادة التسجيل!» كما يقول، حيث يعلق على هذه الفكرة بالقول: «منذ أطلقت عمل "خطيرة" في العام 2006 كنت أفكر في هذا العمل، وبدأت كتابته خلال عامي 2006 و2007. ومذ أنهيته في ذاك العام، لم أتجرأ على إطلاقه خلال السنوات الماضية لأنني كنت خائفاً من النتيجة ومن تقبل الناس له. هذا الأمر أدى إلى قيامي بتسجيل العمل ثلاث مرات وذلك في الأعوام 2007 وحتى 2009! كنت في كل مرة أسأل نفسي: إذا وضعنا هذا العمل ضمن مسجل سيارة على طريق سفر، هل يمكننا متابعة الاستماع إليه لمدة 45 دقيقة دون ملل؟ والعامل الآخر الذي أدى إلى تأخر صدور الألبوم كان معرفتي بأن التأليف العظيم في حال تعرض إلى تنفيذ أقل جودة فإن ذلك سيؤدي إلى تدمير العمل الموسيقي بكامله. لذلك، كنا ندخل إلى الأستوديو في كل مرة لنسجل من جديد مقتنعين بأنها ستكون الأفضل، وقررنا في النهاية أن تكون الثالثة ثابتة وأن نطلق العمل الآن».


شربل روحانا في حفل إطلاق ألبوم دوزان

عشرات من المعجبين اجتمعوا في مدرسة الشيباني الموجودة في مدينة حلب القديمة في تعانق ما بين الأصالة في الموسيقى والأصالة في المكان ليتابعوا شربل روحانا في كلامه وحديثه، وليسألوه عن كل ما يعتمل في أنفسهم من أسئلة حوله وحول فنه وموسيقاه، في حين كان هو في البداية شاكراً لشباب موقع «روحانا نت» الذين استضافوه في مدينتي حلب ودمشق، وطلبوا منه القدوم لإطلاق الموقع وتوقيع ألبومه الأول للمعجبين في سورية حيث يقول عن هذا الموضوع: «عندما قال لي هؤلاء الفتيان مرة بأنهم يفكرون في إطلاق موقع عني بعنوان "روحانا نت"، فكرت في البداية بأن الأمر لا يعدو كونه مزاحاً على اعتبار أن الموقع يحتاج إلى وقت وجهد وتكاليف كبيرة. ولكن مع مرور الوقت اتضح لي إصرار الشباب على القيام بهذا المشروع وإطلاق الموقع بأبهى صورة ممكنة، وحتى أنهم كانوا يطلبون مني أغلب الوقت تقديم مواد مميزة للموقع. وخلال فترة إطلاق هذا الألبوم سألني شباب الموقع: لم لا أقوم بإطلاق الألبوم هنا في سورية وتحديداً في مدينتي دمشق وحلب؟ نحن نعرف أن العادة في مدننا العربية تتمثل في إطلاق الألبوم الأصلي يوم الخميس لنفاجأ بوجود نسخ مقرصنة له يوم الجمعة! هذا الأمر يتم في مدينة بيروت وأنا واثق بأنه يتم في أغلب المدن العربية الأخرى! أحببنا هذه المرة أن نسبق القراصنة وأن نأتي نحن إلى هنا لنقوم بعمل حملة إطلاق لهذا الألبوم خصوصاً مع العلاقة المتينة التي تربطني بالشعب السوري والتي بدأت عام 2005 حيث أتيت إلى هنا أكثر من مرة سواء في أمسيات موسيقية أو ضمن زيارات سياحية».

جانب من الجمهور

ورداً على سؤال «اكتشف سورية» الذي سأله عن رأيه في مقوله سابقة قالها أحد العازفين السوريين المعروفين عن أن الثقافة الإعلامية الحالية هي ثقافة غنائية أكثر منها موسيقية، وفيما إذا كان شربل روحانا قد عُرف بين الناس عندما بدأ الغناء، وكيف يمكن تحسين موضوع الثقافة الموسيقية بين أوساط الناس يقول: «بصراحة وبكلام شفاف فإن التجربة الغنائية الخاصة بي ساعدتني على الانتشار أكثر بين أوساط الناس. كانت الحلقة التي تعرفني أصغر عندما كنت أعمل في الموسيقى وذلك قبل إطلاقي لألبوم "خطيرة" الذي قدمت فيه بعض الأغاني في عام 2006. دون مبالغة، الأغنية تساعد الشخص على الانتشار أكثر، وهناك أناس اطلعوا على تجربتي الموسيقية من خلال ألبوم "خطيرة". هذا الأمر لم يشكل مشكلة بالنسبة لي طالما أنني ما زلت مستمراً في تجربتي الموسيقية، مع عدم القيام بتكرار الأغاني نفسها التي قدمتها في ألبوم "خطيرة". لذلك، ابتعدت عن الغناء وعدت إلى مجال الموسيقى لأنني لم أجد نصوصاً مميزة لأقدمها غنائياً. عندما قدمت ألبوم "سلامات"، طلب مني كثيرون تقديم عمل مشابه له، إلا أن الفكرة هي أنني لا أريد تقديم عمل مشابه له لأنني قدمت كل ما أريد فيه وأنا من الناس التي تحب تقديم تجربة مختلفة من ألبوم إلى آخر. ليست المقطوعة الموسيقية صعبة الانتشار في الدول العربية فحسب، بل حتى الأغنية الملتزمة أيضاً. حالياً هناك نوع معين من الكلام مطلوب، ونوع معين من الموسيقى والتلحين، وأيضاً هناك نوع معين من علاقات المطربين مع شركات الإنتاج ومع التلفزيونات ومع إدارة البرامج مطلوبة. بالنسبة لي فإن هذا الأمر لا يعنيني وأنا ماضٍ في مشروعي وهناك أيضاً آخرون يقومون بما أقوم به».

الدكتور معن الشبلي رئيس مجلس مدينة حلب أثناء حفل إطلاق الألبوم

أما السؤال الثاني الذي قدمه «اكتشف سورية»، فكان عن أهمية شركات الإنتاج في إطلاق وإشهار المطرب من جهة، وابتعادها عن تبني الأغاني الملتزمة من جهة ثانية (وتجربة السيدة فيروز مع شركات الإنتاج في ألبومها الأخير كانت معروفة للجميع)، كما تضمن السؤال الاستفسار عن نمط علاقة شربل روحانا مع شركات الإنتاج وفيما إذا كان الألبوم «دوزان» ثمرة شركة إنتاج أم كان إنتاجاً خاصاً حيث يجيب بالقول: «بالنسبة لنمط العلاقة ما بين الشركة والفنان فأنا بعيد تماماً عنها لأنها علاقة تتحكم فيها المصاري (النقود). هناك شركات كبيرة تصرف نقوداً لكي يتم دعم الأغاني التي تنتجها، وهناك مطربون يضعون الكثير من النقود لكي يتم دعم أغنيتهم في التلفاز والإذاعات. بالنسبة لي فأنا لم أدخل في هذا المجال، ولا أريد الدخول فيه. أنا كموسيقي أعمل وأتعب ولا أريد الدخول في مجال المصاري أو الترجي لتسويق أغنية أو أغنيتين لي. يجب أن نعترف بأن الإعلان والنقود عاملان مهمان لنجاح أي عمل، ولكن في نفس الوقت فإن العمل المميز إذا لم يصل اليوم فسوف يصل غداً بشكل أكيد. أما بالنسبة لي، فلم يعرض علي أي شيء بصراحة من شركات الإنتاج وأرى أنها لا تراني أو تهتم بي، ولا يعنيها موضوع الفن الملتزم أو تقديم أغنية عن الهجرة أو الفيزا أو التغيير! يمكنا أن نقول أن الأغاني المطلوبة حالياً هي الراقصة! إضافة إلى نوع توزيع واحد ونوع تلحين واحد. بالنسبة لألبوم "دوزان" فقد قامت بإنتاجه شركة فوروارد ميوزك حيث اتفقنا على تقديم عمل مميز ومتقن دون الرغبة في الحصول على أرباح كبيرة إنما فقط التركيز على تقديم فن ملتزم وجميل ومحاولة توصيل رسالة فنية مميزة بطريقة أو بأخرى».

عازف العود إيلي خوري

منذ زمن بعيد:
بعد المؤتمر الصحفي، كان شربل على موعد مع معجبيه الذين توافدوا راغبين في الحصول على توقيعه على ألبومه الجديد، في حين التقى «اكتشف سورية» مع شريك شربل روحانا بالعمل وهو العازف الشاب إيلي خوري والذي قال لنا في تصريح مقتضب عن العمل: «تعتبر هذه التجربة بالنسبة لي تجربة مميزة وفيها فرادة كبيرة خصوصاً وأنها تشكل حواراً بين آلتي عود وبحث عن إمكانيات العودين وما يمكنهما تحقيقه مع بعضهما البعض». ويضيف بأنه على علاقة مع شربل منذ زمن بعيد وبينهما معرفة شخصية ومشاريع مشتركة قديمة وهذا ما سهل موضوع العزف وتميز تجربة «دوزان» المشتركة.

يذكر بأن ألبوم «دوزان» يتألف من سبع أغاني هي: «دوزان»، «ما قبل الدوزان»، «كرمالو»، «رجوع»، «حكايا»، «مشتقلك»، «بسمة».


.

أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية