مسرحية نرجع كالريح على مسرح الحمراء بدمشق
ضمن فعاليات مهرجان الشام المسرحي الرابع

22/كانون الأول/2009

ضمن فعاليات مهرجان الشام المسرحي الرابع، قدم المخرج رفعت الهادي عمله المسرحي «نرجع كالريح»، تأليف الدكتور محمد قارصلي، وذلك على خشبة مسرح الحمراء بدمشق، يوم السبت 19 كانون الأول 2009.

هذا وقد شهدت كواليس مسرح الحمراء احتفالية أخرى بعد انتهاء العرض المسرحي «نرجع كالريح» معلنة نجاح العمل، وليكون علامة فارقة ضمن سلسة الأعمال المسرحية التي تناولت مفهوم الأرض بالعموم وأرض فلسطين وقضيتها بشكل خاص. فمنذ الانطلاقة الأولى لبدأ العرض، كنا أمام تساؤل؟ من هو البطل الحقيقي في هذا العرض والذي امتلك أسباب النجاح، هل النجاح ناجم عن نص الدكتور محمد قارصلي والذي لم ينشر لغاية كتابة هذه السطور، أم من الطريق الإخراجية للمخرج رفعت الهادي، الذي اعتمد على محاكاة مضمون وبساطة النص، مبتعداً عن البهرجة في المؤثرات الصوتية والبصرية والبكائية التي اعتدنا على مشاهدتها في هذا النوع من النصوص، أم أن سبب النجاح كان للممثلين الذي أدوا أدوارهم بشكل عالٍ من الاحترافية والصدق المسرحي. النتيجة كانت كل هذه المعطيات وهذا الحب الذي عمل عليه فريق العمل. والذي تألف من: ثائر حذيفة، منذر أبو راس، وعتاب نعيم كممثلين، الديكورلأكرم الحمزة، الموسيقى لمنذر أبو راس، الإضاءة لمنى الهادي، مع مساعدة المخرج منيرة الشماس.


المخرج رفعت الهادي

«اكتشف سورية» أجرى هذا الحوار مع المخرج رفعت الهادي حول مغامرة تقديم عمل مسرحي بوجود كاتب العمل، حيث يقول عن ذلك: «كما قلت هي مغامرة ولكنها تستحق المحاولة، فإلى أي مدى يستطيع المخرج مجاراة خيال الكاتب وتحويل شخوصه التي كتبها على الورق إلى شخصيات حقيقية تعيش وتتنفس على خشبة المسرح، هذا رهن انطباع الكاتب. وقد التقيت مباشرة وبعد انتهاء العرض الدكتور محمد قارصلي مؤلف النص وقد رأيت في عينيه نجاح العمل، ولم أكن أتصور هذه النظرة في عينيه، لم أعرف ماذا أقول له فقبلته، فقال لي: لقد أحسنتم».

وعن خصوصية نص «نرجع كالريح» يقول: «أشترك مع أبناء جيلي في سطوة الواقع العربي على تفكيرنا، بقضاياه وهمومه وخاصة القضية الفلسطينية، وليس هناك شيء يقال أكثر مما قيل على ساحات الإعلام والصحافة، كنت أبحث عن نص يحاكي رؤيتي حول مفهوم الأرض وفلسطين، فوجدته في نص الدكتور محمد قارصلي، ففي هذا النص وعي سياسي وجمالي واقتصادي وفكري عام، يختصر مأساة الواقع العربي بطريقة مباشرة، ولكنها ذكية كالسهل الممتنع في بساطتها وعمق مضمونها. في نصه وقفة مع الذات ومساحة من الأمل وسؤال مهم، ما هو الحب؟، وهل الفاقد له كالفاقد لمفهوم الوطن والأرض».

من هي سلمى؟: «هي القطب والأرض التي تشتاق لأبنائها، لمن خرجوا من رحمها، تحن إليهم وتناديهم في سرها».

هل سلمى عادلة؟: «نعم هي أصدق العادلين، حتى عندما خُيرت بين عادل وخليل. لم تستطع، ولكن يبقى السؤال هل نحن عادلون؟».


الكاتب الدكتور محمد قارصلي

وفي حديثنا مع الدكتور محمد قارصلي مؤلف النص حول رأيه بالعرض، يقول: «أهم الأشياء التي حافظ علها المخرج رفعت الهادي هي جوهر النص ومقولاته، وبالتالي فقد اجتهد طاقم العمل في إنجاز هذا العمل، لقد أحببت هذه الحلول البسيطة جداً، وخاصة الديكور البسيط والإضاءة الخافتة. ليتم التركيز على العلاقة الإنسانية الموجودة بين شخوص النص وهذا شيء مهم».


يوجد توظيف شعري متقن مستوحى من أشعار نزار قباني ومحمود درويش، كيف تربط بين هذين الشاعرين وضمير شخوص النص؟: «نزار ودرويش عكسا ضمير الشخصية العربية خلال 50 عاماً، وعلاقتهما مع الأرض كعلاقة السماء بالأرض، ومن جهة أخرى، نحن لا يمكن أن نفصل بين أي سوري أو أي عربي شريف عن قضية فلسطين فنحن كبرنا مع معاناتها وانعكست آلامها على طريقة تفكيرنا وحياتنا ومع علاقتنا مع الآخرين. وبالتالي أحببت أن أركز على هذا المقولة: مقابل حب لأي امرأة يوجد حب لفلسطين، حب لسورية، وللوطن أي وطن كان. فبرغم عودتهم المتأخرة، فهم عادوا من أجل سحر الماضي والقصائد التي حفظوها من أجلها، ومن أجل هذا المكان بما يحتويه، هذا كله جزء من ضميرهم الذي حرضهم على العودة بدون كلمات كبيرة أو رنانة».



الممثلة عتاب نعيم

وفي لقاءنا مع الممثلة عتاب نعيم التي أدت دور سلمى بشفافية عالية تقول: «بداية أشكر كل الحضور الذي تابع العمل، وبصدق أقول إن دعمي الحقيقي منهم ومنهم أستقى القوة والشجاعة. سلمى شخصية مختلفة عن كل الأعمال التي أديتها في المسرح، بلحظات كانت تقترب مني لأتوحد مع روحها، وبلحظات أخرى كانت بعيدة عني، سلمى هي الوطن والأم والأرض وفلسطين، هي وطني- وطنك، هي كل أنثى وكل شخص لا يستطيع أن يصل لمبتغاه».



الممثل منذر أبو راس

ومن جانبه يقول الممثل منذر أبو راس الذي أدى دور عادل: «منذ القراءة الأولى للنص كان هنالك تخوف من شفافيته وبساطته، فهو لا يعتمد على التكلف والبهرجة في الأداء أو الإخراج، لذلك كنا أمام تحدٍ كبير في المحافظة على هذه الشفافية العالية التي يختزلها نص الدكتور محمد قارصلي، فالممثل في هذا النص يعمل على الحافة تماماً، فهو دائماً يلعب بين تقنيته وبين إحساسه الداخلي، ففي أي لحظة يمكن للعرض أن ينزلق باتجاه الملل لحساسيته العالية ولعدم احتوائه على البهرجة كما قلت سابقاً، فليس هنالك من شيء مساعد غير أن تكون جميلاً على هذه الخشبة والتي لا تقبل إلا أن تكون جميلاً».



يذكر أن العرض المسرحي «نرجع كالريح» قُدم في مهرجان نقابة الفنانين في اللاذقية، وعلى هامش مهرجان «أيام مقدسية» في السويداء، كما سيتم عرضه في مهرجان حماة المسرحي.



.


مازن عباس
اكتشف سورية