معرض ورشة فن الحفر في غاليري قزح

22/تشرين الثاني/2009

بحضور كثيف من أعلام الفن التشكيلي السوري، والمهتمين بفن الحفر والفنون التشكيلية، أسدل الستار على ورشة الحفر الأولى التي أقامتها غاليري قزح مساء يوم الأربعاء 18 تشرين الثاني 2009.

«اكتشف سورية» تابع ومنذ البداية الخطوات الأولى لورشة الحفر، حتى حفل افتتاح معرض نتاج هذه الورشة، وحاور الفنانين التشكيليين الذين كانوا عماد ورشة الحفر.


الفنان التشكيلي أسامة هابيل

بداية يقول الحفار المتميز أسامة هابيل والمشارك بـ 17 عملاً فنياً: «لفن الحفر متطلبات خاصة من مكان مناسب وصحي إضافة لوجود مكابس ومواد كيماوية، ومن هنا تأتي صعوبة تنفيذ لوحة الحفر بالنسبة لخريجي كلية الفنون الجميلة قسم الحفر الطباعة. فن الحفر فن قائم بحد ذاته، وهو من الاختصاصات التشكيلية المظلومة نسبياً، مقارنة مع فن التصوير، إذ يعتبر فن الحفر إضافة للنحت، قليلي الحظ في صالات العرض، لعدة أسباب أهمها صعوبة تسويقه وقلة اهتمام الناس بهذا الفن لعدم تعودهم على اقتناء عمل مكون من لونين أحاديين، لذا فالطريقة الوحيدة لتقريب هذا الفن هو إقامة معارض الحفر ذات المستوى الجيد وعدم استغلال ضعف معرفة المتلقي - بالعموم- بماهية هذا الفن واحترام عين المتلقي التي إذا ما تعودت على رؤيته، فسوف يكون له مساحته الخاصة جداً على المستوى الشعبي. ومن هنا تأتي أهمية التغطية الإعلامية اللازمة لمعارض الحفر».

من جهته يبحث الحفار عدنان جتو في مفردة أزلية ألا وهي مفردة الموت، عبر استخدامه الكفن الأسود كرمز لضبابية نهاية النهايات - الموت- وهو يقول عن ذلك: «في البداية لم أختر موضوعة الكفن الأسود فهو نتيجة بحث وتجارب وهو موضوع غني كمفردة من مفردات الموت، وهو يتحمل بُعداً فلسفياً لما يختزله من حالات مختلفة ومتعددة، وما زلت مستمراً في بحثي هذا. لم أعتمد على اللونين الأبيض والأسود في معظم اللوحات، ففي إحدى اللوحات استخدمت مع الكفن الأسود اللونين الأصفر والبرتقالي، مما يعطي تأثيراً لونياً صادماً، يوحي بالنفوذ الذي كان يتمتع به صاحب الكفن الأسود. هذه الألوان التي استخدمتها تدل على ثراء هذه الشخصية الغامضة، ولكن يبقى الموت والكفن الأسود هو المسيطر في نهاية الحياة».

وعن أهمية فن الحفر في عمل الفنان التشكيلي يقول الحفار جتو: «يتميز فن الحفر بشكل عام على استخدام اللونين الأبيض والأسود وتدرجات الرمادي، لذا من المهم لأي فنان تشكيلي العمل في مجال فن الحفر، لما سيكتسبه من قوة في عملية فهم طبيعة الألوان، وإذا أردنا أن نحلل أي لوحة تشكيلية أو نكتشف قوتها علينا تجريدها من الألوان، بتحويلها للأبيض والأسود ، وبرأيي فعلى كل مصور أن يبدأ من هذين اللونين».


الفنان التشكيلي رشوان عبد الباقي

وحول الأفكار التي يطرحها الحفار رشوان عبد الباقي خريج قسم الحفر عام 2007 من كلية الفنون الجميلة بدمشق والمشارك بـ 4 أعمال فنية يقول: «تناولت موضوع الموسيقى في بعض الأعمال، تحت عنوان "علاقات موسيقية" بين الإنسان والآلة الموسيقية وقد اخترت آلة الكونترباص كونها من حيث التشكيل تعطي إيحاء بالأنوثة وتخدم الفكرة التي أبحث فيها، وهي العلاقة بين الفنان والآلة الموسيقية ومدى ترابطهما، ثم تطور الموضوع ليشمل أفكاراً أخرى أتعدى فيها الآلة الموسيقية كمادة جامدة إلى كيان بشري متمثل بالمرأة، ونهاية بالعلاقة بين الذكر والأنثى، وقد جسدت هذه الأفكار بلوحة " تقاسيم". أما الموضوع الثاني الذي أعمل عليه فهو مشروع أسميته "زفير"، أبوح من خلالها بقصة عائلة توفي عميدها. توجد بهذه اللوحة تعابير إنسانية بحركات بسيطة، حيث تغيب الوجوه وتفاصيل الجسد ولكن الحالة الشعورية حاضرة بقوة، وتوجد رموز بسيطة نستشف من خلالها مقولة اللوحة التي ألخصها بمقولة "هي من قلب هامد إلى عائلة مسكت زفيرها بشهيقها"».


الفنانة التشكيلية دانا النفوري

الفنانة التشكيلية الواعدة دانا النفوري والتي لبت رغبتها الحقيقية في خوض عوالم الأبيض والأسود عبر تجربتها في ورشة الحفر تقول لـ «اكتشف سورية»: «رغم أن دراستي في كلية الفنون الجميلة هي التصوير، إلا أنني وجدت في الحفر باباً واسعاً ومجالاً حراً للتجريب، لذا أنا سعيدة بهذه التجربة، فهذه الورشة فتحت أبواباً وآفاقاً جديدة للعمل في مجال التصوير والتي من المؤكد أنها أضفت أشياء كثيرة لذاكرتي ولطريقة تعاملي مع اللون. ما نقدمه الآن في هذا المعرض هو نتاج لورشة الحفر التي استمرت طوال أشهر من البحث والتحليل في ثنايا اللون الأبيض والأسود لكي نخرج بعمل فني قوامه سحر هذين اللونين. لذا تعددت المواضيع والأفكار التي تشاهدونها، فهنالك المواضيع التجريدية والإنسانية إضافة للطبيعة التي استوحيت من خلالها معظم مفردات أعمالي».


الفنان التشكيلي شادي العيسمي

من جانبه يقول الحفار شادي العيسمي والذي قدم 17 عملاً فنياً تم انتقاؤها من مجموعة كبيرة من نتاج ورش الحفر: «ما يميز فن الحفر هو اعتماده على تفاصيل اللون من خلال إظهار درجاته، لكي نحصل في النهاية على عمل متكامل فنياً وتشكيلياً، ومن جانب آخر يعتبر اللون أداة تعبيرية خاصة، يختلف استعماله من شخص لآخر وهذا خيار شخصي. في هذا المعرض توجد أعمال مشغولة بألوان متعددة، فالحفر ليس فقط هو الأبيض والأسود، بل هو فن يعتمد على تقنيات واسعة ومتجددة ومنها تقنية الأفورد أي الماء القوي، كما توجد الطباعة الخشبية والطباعة المعدنية وطباعة الشاشة الحريرية والطباعة الحجرية، وتوجد تقنية الإبرة الحادة وتقنية الحفر بالسكر وهي موجودة في إحدى الأعمال».

وفي سؤال عن الصدفة التي تتحكم في تشكيل العمل الفني في فن الحفر يقول العيسمي: «أحياناً تتحكم الصدفة بالعمل الفني، وخاصة في مجال فن الحفر، فيمكن للصدفة أن تقلب العمل الفني رأساً على عقب، وأن توجه العمل لمنحى آخر بعيداً عن تفكير الفنان، وهذا رهن بالموضوع الذي يعمل عليه، وخاصة إذا كانت المواد غير جيدة، كمغطس الأسيد، وبهذا يمكن أن تكون الصدفة مفيدة للعمل الفني، ويمكن أن تكون قاتلة له، بتحوله لعمل آخر».


السيد سامر قزح

وفي لقاء خاص مع السيد سامر قزح صاحب غاليري قزح والمتبني لمشروع ورشة الحفر ومسابقة اللقاء يقول: «انطلقت فكرة ورشة الحفر من مسابقة اللقاء للفنانين الشباب عام 2008، والتي ضمت قسم التصوير والنحت والفيديو آرت، كما أقمنا ورشة للتصوير في وقت مضى من مسابقة اللقاء، ونختتم مسابقة اللقاء لهذا العام بنتاج ورشة الحفر. وما فاجأنا في ورشة الحفر هو جدية الفنانين الشباب بحضورهم اليومي واهتمامهم لأدق التفاصيل، لذلك امتدت الورشة لـ 6 أشهر، بعدما كان مقرراً لها أن تكون شهراً واحداً فقط. وتعتبر هذه الورشة أول ورشة حفر يقوم القطاع الخاص بدعمها في سورية».

وعن دور الإعلام في تقريب الصورة أكثر ومدى أهميته يضيف: «إضافة لموقعكم «اكتشف سورية» في تغطية الأخبار الفنية لكل صالات العرض بما فيها لنشاطات قزح غاليري، ومسابقة اللقاء، كان هنالك تغطية إعلامية عالمية لمشروع "مسابقة اللقاء". فقد جاءتني رسالة من مجلة إسبانية يعرضون من خلالها تقديم أي دعم من أجل الاستمرار في هذا المشروع. وفي النرويج كتبوا بإسهاب عن ورشة الحفر وأهميتها في سورية. لذا سنتابع ورشة الحفر هذه، وسنقيم معرضاً في شباط القادم (2010) سنعرض فيه نتاج كل الورشات التي أقمناها، ثم سنعلن في نفس الشهر بداية "مسابقة اللقاء" لعام 2010».

ويضيف السيد قزح: «من المشاريع الجديدة التي سيتصدى لها غاليري قزح هو افتتاح "Kazah art space" وهي عبارة عن مراسم خاصة تابعة للغاليري، وهي فضاء جديد سيبدأ افتتاحه في 8 كانون الأول يضم مراسم مع صالة عرض دائمة، وهي متاحة لكل الفنانين مع مراعاة بعض الشروط الخاصة بالمستوى الفني للفنان المشارك».

وعن الجناح الصربي الخاص بفن الحفر الذي أقيم على هامش معرض نتاج ورشة الحفر يقول السيد قزح: «بدأ المشروع منذ ثلاثة أشهر بالتنسيق مع السيدة الصربية إليوبا صاحبة صالة عرض في روما. وهي كانت عضواً في لجنة التحكيم الخاصة بفناني الحفر في مسابقة اللقاء، الهدف من الجناح الصربي هو الاطلاع على تجربة من تجارب فن الحفر في أوروبا، وخاصة أن لفن الحفر والطباعة مكانة بارزة في صربيا».

وفي نهاية حديثنا مع السيد قزح يقول: «إن وقوف كبار الفنانين التشكيليين السوريين إلى جانبنا، كان الداعم الأساسي والحقيقي لمشروعنا، فقد كانوا ملازمين للفنانين الشباب في كل الورش التي أقمناها، فكان وجودهم كوجود الأب والأخ والصديق، شكراً لهم جميعاً».


مازن عباس
اكتشف سورية