مسرحية «صرخة» في قلعة دمشق
كي لا ننسى

09/آب/2009

برعاية وزارة الثقافة، مديرية المسارح والموسيقى، المسرح القومي، وتزامناً مع احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية 2009، يستمر العرض البانورامي «صرخة» هديةً إلى غزة، في قلعة دمشق حتى السبت 8 آب 2009.

العمل فكرة وسيناريو وإخراج نوفل حسين، أما الممثلون فهم: سليم تركماني، رياض كبرا، نهاد إبراهيم، نضال حمادي، فيحاء أبو حامد، فؤاد سرايجي، أيهم عباسي، عصام المسكي، طارق زعتر، سابا وهبي، آنجي جحا، رحيم قصاب، راكان علي، حاتم رمضان، بدور السوسي، جينا توما، ويعرب زهر الدين، يشاركهم بعض الأطفال هم: رند سفر، رضوان النوري، أحمد المحمد، طارق العلي، فاطمة الشرع، وأديب الشرع.

هل تخثرت دماء غزة النازفة؟ وهل جفت مُقل الأمهات وكفت عن البكاء؟ وهل ستَنسى الذاكرة العربية هول المجازر التي مرت على أرض كنعان؟ أسئلة كثيرة مكانها الإهمال لولا وجود جيل جديد من الشباب السوري يستنهض ذاكرتنا من قاعها، حيث قام عدد من الممثلين بتجسيد المعاناة الفلسطينية في غزة وبطريقة مباشرة أثارت الصدمة لكثير ممن حضرَ العمل.


الفنان نوفل حسين

ما يقدمه نوفل حسين في تجربته الإخراجية الأولى هو محاكاة مجردة للواقع الأليم لما يعيشه الإنسان العربي في فلسطين، من قتل وطرد ودمار وإذلال واغتصاب وسلب وكذب وسرقة لتاريخ يمتد حتى مليون سنة قبل الميلاد. إنها صرخة في وجه الإعلام العربي، الذي لا يذكر هذه الآلام إلا عند حدوث مجزرة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، مع العلم أن المجزرة الأخيرة ما زالت قائمة حتى كتابة هذه السطور.

«اكتشف سورية» تابع مراحل العمل الذي بدأ قبل نهاية 2008، وتابع معظم البروفات التي قام بها الممثلون، حتى وصلوا للصيغة التي خرج بها العمل، فكان هذا الحوار معهم.

عن تجربته الإخراجية الأولى، يقول نوفل حسين: «إنها مغامرة حقيقة بالنسبة لي أن أتصدى لعملية إخراجية مسرحية، وخاصة بوجود صعوبات جمة واجهتني منذ الخطوة الأولى لعملي هذا. كان لدي إصرار كبير على تنفيذ ما فكرت به، لأنني مؤمن بأن القضية الفلسطينية هي القضية العربية الأولى التي يجب أن نتكاتف ونتوحد من أجلها». ويضيف مخرج العمل فيقول: «راودتني الفكرة منذ 3 سنين. في البداية كانت عن آلام الأمة العربية في فلسطين والعراق ولبنان. ولكن عندما جاءت أحداث عزة، تغير اتجاه النص نحو غزة وما عانته من ظلم مزدوج عربي ودولي. لقد فكرتُ في البداية بتقديم النص لمخرج آخر، ولكن لم أكن لأضمن بالتزام المخرج للطريقة الإخراجية التي كنت أريدها في كل تفاصيل العمل، فقررتُ أن أقوم بإخراج هذا العمل، حيث كانت ساحة قلعة دمشق فضاءً مساعداً لسينوغرافيا العمل».

وعن التوقيت الذي قدم فيه العمل، يتابع مخرج العمل «كنتُ أستطيع أن أقدم العمل أبان المجزرة التي لحقت بشعب غزة، ولكن فضلتُ أن يمر بعض الوقت لكي نستذكر آلامهم، مع العلم أن الأجيال القادمة لن تنسى فلسطين. وكما قال الرئيس بشار الأسد في كلمته أمام قمة الدوحة "ليكبر الطفل ونقول له لا تنسى". إذاً مهمتنا من هذا المنطلق تحريض ذاكرة الأجيال القادمة في وقت انشغل الكثيرون عن هموم شعب فلسطين. أريد أن أقول أنه يجب أن نذكِّر أطفالنا بكل بارقة أمل، كحرب تشرين مثلاً، لأنها كانت مفصل هام في تاريخ الذاكرة العربية المتقدة».

الممثل سليم تركماني

وفي النهاية ختم حسين حديثه قائلاً: «أريد أن أشكر مديرية المسارح والموسيقى على دعمها لي ووقوفها إلى جانبي. وأود أن نقدم هذا العمل من فريق العمل هدية للسيد الرئيس بشار الأسد، والذي أتمنى حضوره لمشاهدة جيل جديد سيقول له لن ننسى كل قطرة دم نزفت من طفل رضيع».

أما الممثل سليم تركماني فيقول: «أنا مع هذه التجربة الأولى لنوفل حسين، رغم قلة خبرته في إدارة العمل الإخراجي. لكن ما شجعني هي فكرته المستقاة من هموم الشعب الفلسطيني، وخاصة أن العمل يُقدّم في قلعة دمشق وهذا الأمر غير مألوف في المسرح السوري. هنالك دائم وجهات نظر مختلفة ومتناقضة في كل الأعمال المسرحية، فمنها من يوافق ومنها من يعارض وهذا حق طبيعي لكل من الحضور والنقاد. ولكن أن يُقيَّم الفنان أو المخرج من خلال دراسته الأكاديمية فهذا شيء مرفوض، فالدراسة الأكاديمية لا تصنع فنان، والمعهد العالي للفنون المسرحية لا يصنع إبداعاً، إلا أذا كان طلابه يحملون الموهبة الحقيقة. لذا يجب عدم الاستخفاف بالآخرين الذين لم يدرسوا بالمعهد العالي. صحيح أن نوفل حسين غير أكاديمي، ولكنه امتلك فكرة وهي جيدة، فلماذا لا نقف إلى جانبه و نقدم له يد المساعدة».

الممثلة أنجي جحا

من جانبها تقول الممثلة فيحاء أبو حامد: «أنا فلسطينية من مدينة حيفا، والتي أعرفها عن طريق الصور والحكايات، وما تتناقله وسائل الأعلام عنها وعن فلسطين. في داخلي ألم دفين لكل ما يجري من مجازر مستمرة وإلى هذه اللحظة بحق شعب لا يطالب إلا بتطبيق الشرعية الدولية. في هذا العمل، نحاكي الواقع الحقيقي واليومي لمعاناة شعبي وأهلي على أرض فلسطين، من قتل وإرهاب كيان لا يعرف إلا الدماء وسيلة لاستمراريته، لذا تنحينا في هذا العمل عن آلية العرض المسرحي المعهودة في الصالات المغلقة لكي نعطي صور واقعية وقريبة مما يجري في فلسطين». وتتابع فيحاء «في هذا العمل صرخة نقدمها للعالم لكي يتذكروا كل طفل وامرأة وشيخ، وحلم شاب في مقتبل العمر يموت كونه يعيش على أرض فلسطين. أريد أن أقول أيضاً أن الذاكرة العربية سوف تبقى متقدة ولن تخبو بوجود أجيال سوف تنهض بحلم اليوم ليكون واقعاً وحقيقة في غد قريب».

أما آنجي جحا -إحدى الممثلات في المسرحية-، فتقول: «سعيدة بهذه المشاركة المسرحية كونها تتحدث عن هَم وطني عربي. دوري المرأة الفلسطينية التي يستشهد ولدها دفاعاً عن أرضه وشعبه، ثم دور امرأة فلسطينية سجينة في سجون الاحتلال، وما تعانيه من ظلم وقهر، ورغم ذلك تبقى صامدة في وجه الإذلال التي تتعرض له من قبل إدارة السجن الإسرائيلي. هذا العرض مؤثر كفكرة مستقاة من معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي للأرض والبحر وحتى السماء. هي رسالة لكي نستذكر كل أرض عربية محتلة ومعها الجولان العربي السوري المحتل».


الممثلة بدور السوسي

أما الممثلة بدور السوسي، فتقول: «تجاربي المسرحية السابقة كانت موجهة لمسرح الطفل في اللاذقية مع الأستاذ لؤي شانا والأستاذ هاني محمد. وهذه المرة الأولى التي أشارك بها بعمل يتحدث عن القضية الفلسطينية، والتي تعاني أساساً من تقصير إعلامي على المستوى العربي والعالمي. أقوم بدور ممرضة فلسطينية تقدم المساعدات الطبية في المشافي الفلسطينية التي تعاني من ندرة الأدوية الطبية جراء تسلط الاحتلال على كافة المعابر الفلسطينية. إن هذه الممرضة شاهد على المجازر الإرهابية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني من أطفال وشباب وشيوخ».

من جانبه يضيف الممثل طارق زعتر: «لدي الكثير من المشاركات المسرحية في اللاذقية مع الدكتور محمد إسماعيل بصل -أستاذ سابق لمادة اللسانيات في المعهد العالي للفنون المسرحية- بدمشق، إضافة لعملي مع الأستاذ محمود القيم». ويتابع زعتر «هي محاولة لكي نعبر عن ما تعتريه أنفسنا من غضب جراء الاحتلال، والامتعاض والخزي جراء موقف الأمة العربية من القضية الفلسطينية، وتأثير ذلك على الشباب العربي من الناحية النفسية والاقتصادية والفكرية. في هذا العمل أقوم بدور استشهادي يقوم بعملية استشهادية ضد المحتلين الإسرائيليين. هذا الشهيد الذي يجسد في عمله الاستشهادي ذروة الكرم الإنساني، فهو يضحي بحياته من أجل شعبه ووطنه وهو في ذروة الشباب، ومن هنا نستذكر مقولة الرئيس الراحل حافظ الأسد "الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر"، وهي مقولة تختصر الكثير من المجلدات التي كان الشهيد محور موضاعاتها». ويضيف زعتر «في مشهد من المشاهد، تأثرت امرأة من الحضور وثارت غاضبة، فقامت بشتم ممثل كان يؤدي دور جندي إرهابي إسرائيلي، وهذا يدل على الجرح العميق في داخل الإنسان العربي الذي لا يستطيع أن يقف مكتوف الأيدي ضد هذا الإرهاب».


مازن عباس
اكتشف سورية