أنس الرداوي: أحاكي الحضارات السابقة بلغة تشكيلية خاصة بي

التاريخ على هيئة لوحة

28 لوحة تراوحت فيها الأحجام والموضوعات بين كبيرة وصغيرة وبين قديم و حديث، شهدتها صالة المعارض في دار الأسد للثقافة والفنون، للفنان التشكيلي أنس الرداوي الذي حمل في لوحاته الفرات وبيئته وأساطير بلاد الرافدين على هيئة جداريات ترويها الرسوم والخطوط والألوان.

يرسم الرداوي كائناته ضمن ما يسميه «فوضى حواس»، فهو المتمكن من عبثية الخط واللون وجدية الموضوع، وهو المولود حديثاً من رحم التصوير الجداري.

الرداوي من خريجي الدفعة الأولى لقسم التصوير الجداري المفتتح حديثاً «منذ أربع سنوات» في كلية الفنون الجميلة، والجدارية فن يصنع حواراً بصرياً وفكرياً بين تفاصيل الحكاية المرسومة والمتلقي في لحظة مثوله أمامها.

ولدى سؤاله عن أهمية التصوير الجداري ومنهجيته أكاديمياً في كلية الفنون بدمشق. يقول الرداوي: «في كل بلدان العالم هناك لوحات جدارية تعرّف بالمكان، ولكن للأسف عندنا لا يوجد لوحات جدارية تعرّف عنا وعن المكان الذي نعيش فيه، وأرى أن قسم التصوير الجداري مهم جداً من أجل مستقبل البلد».

تصوّف اللوحة
لوحاته محاكاة لتاريخ موغل بالقدم، تشكيل بصري جديد يحاكي بحداثته آثاراً قد يزول بعضها بصرياً ما لم يتم إعادة خلقها بتشكيل هو الأقرب إليه: «أعمل على دمج مختلف الحضارات القديمة ضمن تشكيل معين، مثلاً هناك لوحات جاءت باسم أوغاريت أحاول من خلالها مماثلة التحف القديمة الموجودة في أوغاريت، لكن بلغة بصرية جديدة، من أجل رؤيتها مرة أخرى بلغة تشكيلية خاصة بي». وللتقنية عند الرداوي أسلوبية خاصة يتميز بها عن غيره من خلال نحته على سطح اللوحة ورسمه بتقنية الغرافيك والرسم على الخيش و الحصى الموزع على اللوحة كرذاذ مطر أسود، وعند سؤاله عن التقنية التي يعمل بها، قال: «أشتغل بتقنية النحت على اللوحة والغرافيك من خلال بحثي في مواد مختلفة وبطريقة تفكير مبتكرة، فبرأيي لا يقتصر عمل المصوّر على التصوير فقط، بل يجب أن يمتلك جميع الأدوات التي تمكنه من عمل أي شيء فني».

في لوحاته الكثير من التقشف والتصوّف اللوني، إذ تميل إلى البهوت والحضور الطاغي للأبيض والأسود على أغلب اللوحات، وعنها يقول: «قصدت اللون الشفاف «أو الباهت» لخدمة موضوعي في جو اللوحة، فهناك شيء من ألوان الذهب وألوان البرونز واللون الأصفر المائل للخضرة، أحاول من خلال هذا المزج اللوني تقديم عمل أكثر غرافيكية».


الفنان التشكيلي
أنس الرداوي

عمق الأسماء
أمي ، سقراط ، خالد البوشي ، نصف خطوة ، أبجدية الإنسان ، إلى لاوند هاجو، كل هذه تسميات للوحات الرداوي تجمع بين الحداثة في الاسم والزمن وبين القديم والموروث مروراً بأبجدية الإنسان وانتهاء بلاوند هاجو. يشرح الرداوي السبب الذي دفعه لتسمية احدى لوحاته «أبجدية الإنسان»: «في هذه اللوحة توثيق لتاريخ الكتابة وتاريخ الفنون القديمة بتسلسلها الحضاري من العصر الحجري إلى عصر الوسيط أو البرونز مروراً بالعصر الكلاسيكي وانتهاء بالعصر الإسلامي، وفيها أيضاً تدرج الكتابة بمراحلها التصويرية من الرمزية فالمقطعية وصولاً إلى المسمارية ثم العربية».

- في اللوحة ذاتها حركة تعبيرية؟

- ماذا عن لوحة سقراط «سقراطك» كما يحلو لك تسميته؟
«هذه اللوحة بالذات فيها حس تصويري عالي أكثر من بقية اللوحات، وهي تعتمد على العفوية بشكل كبير، أحاول فيها أن أرى سقراط برموزي أنا، بتفكيري الخاص».

رذاذ الفرات

حين تقف في معرضه، تشعر برذاذ مياه الفرات يبلل وجهك، إذ يسكن الفرات في بعض لوحاته، وبعضها الآخر غرقت فيه لفرط تأثرها ببيئته وما يحمل من تاريخ وأساطير.
وكلوحاته، عاش أنس الرداوي طفولته على الفرات، فعاش الفرات فيه إلى هذه اللحظة من اللون، وعن أثر الفرات أعماله يقول: «تأثرت ببيئة الفرات من خلال البساط الشرقي أو البساط برموزه وتقطيعاته، ومن خلال ما ترك من أثر أيام الطفولة».

أنس الرداوي في سطور:
- من مواليد دير الزور، 1986.
- إجازة من جامعة دمشق – كلية الفنون الجميلة – قسم التصوير الجداري، 2008.
- عمل كمصمم ديكور لعدد من العروض مع فرقة رماد للمسرح الراقص.
- في رصيده معرض فردي في دار الأسد للثقافة والفنون.
- ورشة عمل بالتعاون مع شركة شل.
- وورشات عمل أخرى.

نشوان المرزوك

اكتشف سورية