رسالة إلى امرأة نسيت اسمها مقالات للروائي الكبير حنا مينه

إنَّ الإبداع لا يستوي دون حرية، وإنَّ الوطن لا يكون وطناً بغير مبدعيه

«رسالة إلى امرأة نسيت اسمها» كتابٌ يضمُّ مجموعة مقالاتٍ في الأدب والفن، كتبها الروائي الكبير الروائي الكبير حنا مينة خلال مسيرتهِ الكتابية الطويلة إلى جانب أعماله القصصية والروائية الكثيرة.
يتلمسُ القارئ في هذا الكتاب الشيق والغني الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، في 712 صفحة من القياس الكبير التجربة الواسعة والثرية في حياة هذا الكاتب الكبير على صعيدِ الحياة والكتابة معاً، وقد نُشرت جميعاً في صحفٍ عدَّة منها صحيفة تشرين والنور والحياة وغيرها.
كتبَ مينة في تقديمهِ للكتاب: «إنَّ المقالة الأدبية بعضُ ولعي وبعض جنوني، وفي هذه السطور أحاول مجتهداً أن أشرحَ نفسي لقرائي بخاصة وللكُتاب بعامة، أن الحياة تؤخذ تجربة عفوية نافعة لنا وتسفر لأمتنا عند غيرها خدمةً للوطن، وللشعب، وللفقراء، والبائسين، والمعذبين، في الأرض في سبيلِ الحقِّ والخير والجمال».
تنوعت واختلفت الموضوعات التي تناولها مينه في هذه المقالات، فلم تقتصر على الفنِّ والأدب، ولكنها ذهبت أيضاً إلى السياسة والمجتمع والإنسان وحتى الاقتصاد في بعض الأحيان، ما يعكس انشغال هذا الكاتب الكبير بمجمل قضايا الوطن والإنسان وبأدق التفاصيل التي تستأثرُ بعقل الروائي والفنان وقلبه ووجدانه.
فكما تحدثَ عن فنونِ الأدب والرواية والقصة مقدماً رأيه السديد فيها جاد قلمه في الحديث عن الفكرِ النهضوي، وعن السلوك والإبداع، عن المثقف، وعن الثقافة، والتنمية، والمستقبل، وعن فنون الحكم والسياسة، وكذلك عن إسرائيل وعنصريتها وعدوانها وشرورها في المنطقة العربية.
ومع أنَّ حنا مينه يرى في كتابه المقدمات شقاء من نوعٍ ما فقد تضمَّن الكتاب مقدمات وضعها لمجموعاتٍ قصصية وأعمالٍ أدبية شعرية ومسرحية لكُتابٍ آخرين، كـ سعيد حورانية، وريم هلال، مصطفى الحلاج، وليلى عثمان وغيرهم كثير، إضافةً إلى مقدماتٍ لرواياته المترجمة إلى لغاتٍ أخرى.
ويحتوى الكتاب مقالاتٍ لكتاب آخرين عن إبداعاته الأدبية كما يضمُّ رسائلَ بعث بها إلى شخصياتٍ ثقافية أو تلقاها من هذه الشخصيات، وهي في جميعها غنيةٌ بالأفكار والآراء الجميلة حولَ الأدب، والفن، والحياة بصورة عامة.
يشدد حنا مينه في هذه المقالات على دورِ المبدع وحدسه في استشراف الأحداث وقراءتها، وعلى أهمية تطابق الفكر والسلوك عند المثقف، ويقولُ في مقالٍ بعنوان «السلوك والإبداع»: «السلوك الرديء لا يُعطي إبداعاً غير رديء، وتلك هي خلاصةُ تجارب ومعاناة المبدعين الكبار في أربع جهات كرتنا الأرضية».
تحدث حنا مينه في مقالاته الأخيرة في صحيفة تشرين عن الحياة الطويلة وعن سأمهِ وقلقهِ الذي لا ينتهي، وكثيراً ما استعار عبارة الشاعر التشيلي بابلو نيرودا «أشهدُ أنَّني عشت»، لكنه يضيف في إحدى المقالات إليها: «أشهدُ أنَّني عشت وأنَّي وجدتُ في هذا العيش الجميل والقبيح أنَّ الحرية أثمنُ من الخبز، وأنَّ الإبداع لا يستوي دون حرية، وأنَّ الوطن لا يكون وطناً بغير مبدعيه».

سانا