معرض «ليل العالم» للتشكيلي محمود الجوابرة في غاليري آرت هاوس بدمشق

.

عرض الفنان التشكيلي محمود الجوابرة في معرضه تحت عنوان «ليل العالم» مساء الاثنين 12 شباط، والمُقام بغاليري آرت هاوس بدمشق ضمن مجموعتين الأولى بعنوان «شاهد على العصر» والثانية «ليل العالم»، وهما نتاج أربعة أعوام من رحم الازمة السورية، قال عنهما الجوابرة: هي مجموعة من العوالم المؤلّفة، التي لا يعدّ الدخول إليها بالأمر الهين على المتلقي، بمعنى أنها لا تبوح عن دواخلها ببساطة من دون أن يتعامل معها المتلقي بمحبة، وهذه الأمور انعكست بعناصرها ككل على كل أعمالي، حيث سنجد اللون العاتم هو الطاغي على الألوان الموجودة.


من حفل افتتاح معرض التشكيلي محمود الجوابرة في آرت هاوس

التشكيلي محمود الجوابرة في حديث خاص لـ اكتشف سورية قال: منذ بداية الازمة في سورية والرموز تثقل كاهلي حيث جدت نفسي مسكون بالوجع والآثام على خلفية هذا الصراع القائم الذي أفقدني بوصلتي، فخلال هذه السنوات الخمس استطعت انجاز مجموعة من الاعمال اخترت منها اليوم عشرين عملاً لتقديمهم في هذا المعرض، اكتشفت عبرها دون قصد ان العالم يعيش حالة ظلام في موقفه من الازمة السورية التي تمخض عنها ازمة فنان وفن وبالمحصلة ازمة انسان وما نتج عنه من صراعات.

واردف بالقول: عملت في الأساس على إعادة انتاج الأسطورة بطريقة مختلفة عما كانت عليه في صيرورتها الأولى، وذلك من خلال قراءتي للميثولوجيا الإلهية وغيرها من الاساطير، فمثلاً يتخذ رمز «الثور» في اعمالي مفهوماً مغايراً لما هو عليه في الاساطير التي تجسده رمزاً للقوة والذكورة حيث يشكل في اعمالي رمزاً للبوهيمية والحيوانية والشر المطلق، ليعبر عن انسان العصر الحالي المنغمس في صراعاته العبثية التي لم تجلب له سوى الألم والموت والليل المستباح، وعليه نحن بحاجة لإعادة الأسطورة المعطلة بكل ما تحمله من رموز بما يتماشى مع معطيات الصراع الحالي الذي مس الجميع دون استثناء.


من أعمال التشكيلي محمود الجوابرة

وختم بالقول: انا انتظر ذلك النهار الذي سيمحو هذا اليل، وانتظر ان اُشعل نار مجدٍ وعز، وأضرم النار في الشموع قبل ان يحل الظلام.

التشكيلي إحسان العر رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين قال: رغم الازمة التي تعصف بنا ما زال الفن التشكيلي إلى حد ما بخير بدليل اننا في اتحاد الفنانين التشكيليين أقمنا 32 معرضاً فنيا نوعياً لكبار الفنانين السوريين منحت أعمالهم قيمة مضافة للفن التشكيلي والثقافة بشكل عام. وها هو معرض التشكيلي «الجوابرة» خير مثال على ذلك، حيث يقدم في معرضه اليوم نتاج أربع سنوات من العمل الدؤوب تعتبر نقلة نوعيه في مسيرته الفنية عمل خلالها على إعادة تكوين الأسطورة برؤية خاصة بالفنان، جسد فيها الظلام الذي نعيشه اليوم بكل آلامه وانكساراته.


من أجواء حفل افتتاح معرض «ليل العالم» للتشكيلي محمود الجوابرة

وأضاف: حركة الفن التشكيلي في سورية حركة واعدة ونيّرة تخطو بخطى متقدمة على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، الفنانون السوريون أصحاب اقدام راسخة متأصلين بتاريخ الفن السوري ومعرض اليوم للفنان جوابرة خير دليل على ما أقول.

تحت عنوان «أسطرة الواقع برؤيا كفكاوية» استهل الناقد محمد العامري كتيب المعرض، نقتبس منه: من الواضح ان الفنان محمود الجوابرة مشتبك بثقافات متنوعة وبعيدة كمغذيات لوجوده الثقافي، تلك المغذيات التي تمظهرت في مجمل أعماله الفنية التي انتظمت في سياقات تشخيصية تعبيرية، التشخيص الذي نزح اليه من باب تحميله مجموعة من الرؤى والهواجس وصولاً إلى موقفه الوجودي من الحياة.


من معرض «ليل العالم» للتشكيلي محمود الجوابرة

من المؤكد أن جوابرة منغمس في اساطير بعيدة، منها اسطورة الثور وتحولاته في الحضارات الإنسانية وما رافقها من اقنعة اقرب إلى مسرحة لوحة نشم منها رائحة الموت وتفاصيل ألم غائر في الذاكرة، حيث تبدو الوجوه الاصطفافية أقرب إلى ضحايا تتشابه في ملامح الألم والموت والغياب، انه يؤثث اعماله بوجودية مليئة بالأسئلة الكبيرة، أسئلة الوجود وما رافقه من قبح اصبح حاضراً في مائدة الانسان العربي، وهو في نهاية الامر يتحرك عبر المعاناة الفردية كأنموذجاً للبؤس الجمعي، ويذكرني ذلك بأناشيد مالدورو حين كتب ألمه الغائر ليصبح أنموذجاً في تحوير البؤس إلى طرائق جديدة في الحياة.

جوابرة فنان الأسئلة الكبيرة حققها في مزيد من التساؤلات في لوحاته التي تئن بأشكالها المتألمة والحزينة، الانسان المعذب وصولا إلى اسطرة العذاب.

زين ص. الزين | تصوير عبد الله رضا

اكتشف سورية