مبادرة «سيّار» في رعاية أطفال التشرد

.

مشكلة أطفال الشوارع واحدة من أهم المشكلات الاجتماعية الآخذة في النمو على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب الاقتصادية والسياسية والأسرية والبيئية، والتي تعمل بشكل متفاعل لتهيئة المناخ العام لنموها وتطورها. ولقد نمت هذه المشكلة في العديد من الدول العربية، مع تفاوت درجاتها وأسبابها وحجمها من دولة عربية إلى أخرى، وبصفة عامة ترجع الأسباب إلى الزيادة السكانية، وازدياد معدلات الهجرة من الريف إلى المـدن الكبرى والعواصم السكن في العشوائيات، والصراعات الداخلية والنزاعات المسلحة، وما فرض جراء ظروف الحصار والاحتلال، بالإضافة إلى مشكلات التفكك والعنف الأسري، وارتفاع معدلات الفقر، والتسرب من التعليم، والكوارث الطبيعية.


من نشاطات مبادرة سيّار لرعاية أطفال التشرد

وأطفال الشوارع هم أحد صور التعرض للانحراف والضياع، ويعانون من وهن في علاقاتهم الأسرية، ولا يتصلون بأسرهم بصـفة منتظمة، ويتخذون من الشارع مأوى ومحلا لإقامتهم الدائمة أو الشبه الدائمة، ومصدرا لمعيشتهم، وينقصهم الحماية والإشراف والتوجيه من قبل أشخاص راشدين أو مؤسسات ترعاهم.


من نشاطات مبادرة سيّار لرعاية أطفال التشرد

وفي هذا السياق وبسبب ظروف الأزمة السورية وما فرضته من واقع أثر سلباً على المجتمع وخاصة فئة الأطفال كان لا بد من تفعيل دور المجتمع الأهلي فكانت مبادرة «سيّار» التي تُعنى بمعالجة الظواهر السلبية في المجتمع بما فيها من التسوّل وعمالة الأطفال والتشرّد لترتقي بالعمل المشترك نحو مجتمع أفضل, حيث يقوم متطوعو سيّار بتعليم الأطفال القراءة والكتابة والفنون وتكثيف الرعاية بهم بُغية الحدّ من تجلّيات هذه الظواهر وانعكاساتها الكارثية على المجتمع.


السيدة أمل محاسن مع أطفال سيّار

«اكتشف سورية» التقى السيدة أمل محاسن رئيس جمعية أصدقاء دمشق وداعمة اساسية لمبادرة سيّار فقالت: «يحمل مشروع سيار أهمية بالغة خاصة في الوضع الحالي للأزمة التي نعاني منها جميعاً، في السابق كان هناك حالات تسول وتشرد إلا أنها أصبحت اليوم ظاهرة مقلقة تستجوب منا جميعا التكاتف لرعاية هؤلاء الأطفال وتوعية ذويهم من أجل تحسين مستوى معيشتهم والمساعدة على خروجهم من دائرة العوّز والفاقة كونهم طبقة مسحوقة بالمعنى الإنساني، فهم كالآخرين يحملون بذرة صالحة ويسعون لتحقيق غد أفضل .. مشروع سيار يعتبر جسور عبور لمرحلة متقدمة في تحسين المستوى التربوي والتعليمي لأطفال الشوارع حتى ينالوا نصيبهم في المجتمع مثل باقي أقرانهم من الأطفال .. يقتصر تعليمهم في المراحل الأولى على تعلم القراءة والكتابة ونعمل على انضاج حس المواطنة لديهم وزرع القيم الأخلاقية، بعد أن كانوا قد ترعرعوا ما بين الحدائق والشوارع التي يتعرضون فيها لشتى أنواع الأذى المعنوي والمادي».


السيدة سامية نحاس من مؤسسين سيّار بجولة مع السيدة أمل محاسن

السيدة سامية نحاس من المؤسسين لمبادرة «سيّار» ومعالجة عن طريق الفن قالت لـ «اكتشف سورية»: «عام ونصف من عمر المبادرة كانت البداية بالتواجد مع أطفال التشرد بشكل فردي في أماكن تواجدهم كالحدائق ومنصفات الطرقات أو الشارات المرورية، ثم عملنا على توسيع نطاق الفائدة عن طريق إيجاد مقر مؤقت لممارسة نشاطنا ودعوة الأطفال للمشاركة في برامجنا التعليمية والتربوية الغاية منها إمكانية عودتهم إلى المدارس وهذا يتطلب تعاون من الجهات المعنية فالبعض منهم لا يمكلون قيود مدنية مسجلة لدى الدولة، ناهيك عن خصوصية الطفل المتشرد وتنشئته في ظل ظروف خاصة جداً، لذلك نسعى إلى الحصول مستقبلاً على مقر دائم لإستقبال الأطفال الأمر الذي سوف يمنحهم حس الإنتماء فالوقت الذي نخصصه لهم اسبوعياً (ساعتان) لا يكفي للوصول إلى الهدف الذي نبتغيه، كما نعمل على امتلاك باصات بمثابة مراكز سيارة لتسييرها ضمن الشوارع لتقديم المساعدة عن الحاجة ولنكون قريبين من أماكن تواجدهم».


من نشاطات مبادرة سيّار لرعاية أطفال التشرد

وتضيف السيدة «نحاس»: «بالإضافة لما تقدم هناك مشروع قيد الإنجاز يقوم على تقوية ثقة الطفل بنفسه من خلال اعتماده على كسب رزقه من أشغال يدوية يتعلم صناعتها لدينا سنقوم بإنشاء سوق خيرية لتصريفها لتكون بديلاً عن التسول ورديفاً مادياً لدخل عائلته».

وتتابع: «لقد فرضت الأزمة التي تمر بها سورية تحدياً قوياً على المؤسسات والهيئات المعنية في شؤون الأسرة السورية مما توجب خلق إحصاءات دقيقة عن عدد الأطفال المشردين الأمر الذي نفتقر إليه اليوم، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه من غير تضافر كافة الجهود المجتمعية، ولا بد من الإشارة هنا ونتيجة العمل الدؤوب للقائمين والمتطوعين في مبادرة "سيار" أصبح لدينا قاعدة بيانات عن هؤلاء الأطفال يمكن للجميع الإستفادة منها والعمل من خلالها لتقديم العون بشكل أمثل».


من نشاطات مبادرة سيّار لرعاية أطفال التشرد

وختمت بالقول: «الشكر موصول إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممثلة بسيادة الوزيرة ريما القادري بإصدار قانون التربية البديلة الذي يدعم جهودنا في رعاية ومساعدة الأطفال المشردين أو ممن يتعرضون للتعنيف أو الإهمال».

غيث عبيد مسؤول نشاطات وأعمال يديوية: «يلبي مشروع سيار الحاجة المجتمعية في احتواء أطفال الشوارع ورعايتهم، قد يكون هناك نشاطات مماثلة من بعض الهيئات أو المنظمات إلا أن جمعيتنا هي المبادرة الوحيدة التي تعمل على أرض الواقع فنحن على اتصال مباشر مع الأطفال في أماكن تواجدهم، نقوم على تلبية احتياجاتهم بالإضافة إلى نشاطات تعليمية وتربوية ضمن برامج تساعد على استيعاب مفاهيم وقيم محددة تترسخ في أذهانهم وتحفز على التفكير الإبداعي لضمان مستقبلهم».


من نشاطات مبادرة سيّار لرعاية أطفال التشرد

المتطوعة لميس القصير طالبة جامعية ومشرفة تعليية: «قمنا بتوزيع الأطفال على ثلاثة فئات عمرية لتسهيل العملية التعليمية التي تقوم على مبادئ تفاعلية كالقيام بتمثيل مشاهد مسرحية أو ألعاب مختلفة تستهوي الطفل .. لابد من التنويه عن صعوبة التعامل مع أطفال عانوا ظروفاً استثنائية الأمر الذي يتطلب منا تقديم مجهوداً إضافيا لتحقيق الأهداف التي قامت على أساسها مبادرة "سيّار"».

المتطوعة لوتس دكاك مشرفة تعليمية: «مقارنة بالحالة التي كان عليها الأطفال قبل اشتراكهم ببرامج "سيّار" بغض النظر عن فئاتهم العمرية، فقد امتلكوا القدرة اليوم على القراءة والكتابة وكذلك التواصل مع الآخرين بشكل جيد رغم تواجدهم معنا لفترات قليلة جداً فالمهم بالنسبة لنا هو استمرارية حضورهم حيث نعمل على زيادة الحصص التعليمية لمزيد من الفائدة».


متطوعون شباب عماد مبادرة سيّار

*تقرير مصوّر منقول عن نادي المراسلين الشباب YJC


زين .ص الزين

اكتشف سورية