عين الفنون تقيم فضاءها الثقافي السابع مستطلعة أزمة الفن والفنان

.

واصلت جمعية «عين الفنون» أنشطتها الثقافية والفنية عبر الفضاء الثقافي السابع الخاص بالجمعية والذي خصصته هذا الشهر للفن التشكيلي بحضور نخبة من الفنانين والنقاد والصحفيين والمهتمين بحركة الفن السوري المعاصر.

وعرض المتناظرون في الفضاء الذي استضافه مقر وحدة تطوير التراث اللامادي السوري بالعفيف جوانب متعددة من مشكلات تعترض الفنان التشكيلي في الأزمة حيث افتتح الدكتور طلال معلا النقاش بقوله «إن الفن محفز فكري وجمالي يمتد إلى ما يتجاوز إدراك الكتاب والنقاد والصحفيين كونه فنا ذاتيا ويجيب عن شكوك الجميع وخاصة نقاد الفن فمن دون الفن بالتأكيد لا يوجد مشروع ثقافي والأزمة التي نتكلم عنها هي منطقة الاختبار الأساسية التي يقوم الفن فيها بتغيير ذاته دائماً».

وأضاف الفنان والناقد معلا «نحن نتفق دائماً أن الفنان في أزمة وإن غابت فلن يكون الإبداع مؤثراً في العلاقة مع المجتمع وتتسم هذه الأزمة بأنها أزمة فن داخلية داخل الفن الذي تلاحقه مقولات تعلن موته في إطار مقولات العولمة الثقافية بشكل عام والتغيير غير المسبوق في أدوات الفن نفسها والانتقال من الأدوات غير التقليدية إلى الأدوات المعاصرة».

ورأى معلا أن الفن يمتلك دائما أجنحة تبعده عن أي هاوية تواجهه طالما أنه يساعد الناس على تشكيل رؤاهم ويساعد الناس على الحوار ويمنحهم حرية التساؤل كونه مادة أساسية يحتاجونها في الحياة لرسم ذواتهم ورسم القيم الأساسية التي يملكون.

واعتبر معلا أن الأزمات كثيرة ومنها الاقتصادية وسوق الفن والمؤسسات وأشكال التعبير الفني التي يقال بأنها باتت متشابهة ليخلص إلى نتيجة مفادها «إن لم يكن هناك استراتيجيات كبرى معتمدة ومتفق عليها فسنبقى في إطار هذه الأزمات بشكل مستمر».

الفنان الياس الزيات قال بدوره «الأزمة التي تعاني منها سورية منذ قرابة ست سنوات شملت الفن التشكيلي وهذا الأخير في سورية يشكو من الوحدة بمعنى أنه يفتقر إلى من يحمله ويعلنه أنه من مقومات الحركة الفكرية في سورية»

الزيات أوضح أن الفن السوري موجود في المحيط العربي بصورة لا تمثل قيمته مشيرا إلى المجموعة الفنية الخاصة المعروضة في معهد العالم العربي بباريس التي تضم اثنتي عشرة لوحة فقط دون أي محاولة لإغنائها من وزارة الثقافة لافتا في الوقت نفسه إلى دور سياسة بعض الدول والتي تلعب دورا سلبيا في منع الفن السوري من الانتشار مثل معرض المخطوطات والأيقونات الإسلامية في سورية التي اعتذر الجانب الفرنسي عن استضافته في آخر لحظة.

أزمة الفنان قال عنها الزيات «الفنان التشكيلي في سورية لا أزمة عنده فهو ناشط وإنتاجه ذو مستوى جيد وإذا عرف بعض الفنانين السوريين في الخارج فهذا كان بسبب مبادرات شخصية إن كان من بعض الصالات في دمشق المعلقة حاليا أو من خلال فنانين سوريين مقيمين في الغرب أمثال مروان قصاب باشي ومروان حمدي».

وأعرب الزيات عن أسفه لغياب مفاصل أساسية من حياة التشكيل السوري الحديث مثل قيام مجموعة مرسم «فيرونيز» التي ضمت تشكيليين روادا مثل نصير شورى ومحمود حماد ومحمود جلال وميشيل كرشة في الاحتفال الأول بعيد الجلاء بتصميم شاحنات ملؤوها بصور هذه المناسبة وشخصيات أبطالها ولوحة حريق المجلس النيابي لـ سعيد تحسين التي اختفت داعيا مديرية الفنون الجميلة لتوثيق الفن السوري المعاصر عبر قواميس فنية.

بدوره أجاب عماد كسحوت مدير مديرية الفنون الجميلة بأن توثيق الفن السوري المعاصر بدأ منذ ثلاث سنوات وهناك موقع لمتحف الفن الحديث على شبكة الإنترنت أحدثته المديرية مؤكدا أن العمل سيستكمل خلال عام مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكنوز الموجودة في مستودعات مديرية الفنون تصل إلى أربعة عشر ألف لوحة لعشرات الفنانين السوريين تحتاج إلى عرضها في متاحف وصالات العالم.

الفنان سعد يكن رأى أن أزمة الفنان السوري تقوم على علاقته مع لوحته ومع العالم إضافة الى دور المجتمع والأيديولوجيا التي سيست مواقف عدد من الفنانين على خلاف آخرين تجنبوا الأيدولوجيات مفسحين أمام أنفسهم مجالات أكثر.

ولكن يكن اعتبر أن تجرد الفنان من ارتباطاته السياسية صعب للغاية نظرا لصعوبة فصل أي فعل إنساني عن السياسة حيث سيجد الفنان نفسه في حيرة بين المدارس الفنية الحديثة والمعطيات الجديدة وتدخل رأس المال والصالات التي تقدم عشرات الفنانين من أنصاف المواهب تحت ستار التشكيل المعاصر.

مشكلة الفنان اليوم كما رآها يكن.. العين الأمية للجمهور العربي نظرا لإهمال مادة التربية الفنية في المدارس ما جعل أغلب الجمهور كونه لا يمتلك الخلفية الفنية يقيم العمل بناء على تشابهه بالواقع مؤكدا أن الفن ليس انعكاساً مباشراً لما يجري بل هو الحالة الأرقى والأعلى للوصول إلى لوحة إذا عرضت في أي مكان ينظر لها كعمل فني له.

يذكر أن الفضاء الثقافي لجمعية عين الفنون أقام عدة منتديات وحلقات للحوار الثقافي كان أبرزها عن الدراما التلفزيونية والمسرح والسياسة الثقافية بحضور نخبة من الفنانين والنقاد أبرزهم إحسان عنتابي وأسماء فيومي وأنور الرحبي ومصطفى علي وسعد القاسم وديانا جبور وفاضل الكواكبي وناديا خوست وعصام التكروري وبديع جحجاح وميادة حسين ومريم علي ومصطفى الخاني ومايا درويش وفؤاد دحدوح وآخرون.

سامر إسماعيل

sana