إبراز الجمال في وجه القبح.. ثلاثون لوحة في معرض مشترك بصالة السيد

.

حملت أعمال الفنانين التشكيليين محمد غنوم-خلود السباعي- ابراهيم حميد- كورو سليمان المعروضة حاليا في صالة السيد بدمشق رسالة تقول للجميع إن السوريين موجودون وباقون ومتمسكون بوطنهم وأن سورية ستبقى والحياة فيها ستستمر رغم الدمار والتشويه .

وأوضح الفنانون المشاركون من خلال ثلاثين لوحة بمقاسات وموضوعات مختلفة أن المعرض المستمر حتى السابع عشر من نيسان الحالي يهدف إلى إبراز الجمال في وجه القبح والتركيز على الجانب المشرق لسورية في مواجهة الفكر الظلامي.

ورأى الفنان الدكتور محمد غنوم أن العمل التشكيلي يكتسب في هذا الوقت أهمية خاصة وأن المشاركة في أي معرض ولو بلوحة واحدة يسهم في إزاحة القبح الذي يريدون تعميمه في حياتنا ليحل محله الجمال.. موضحا أن مشاركته المتواضعة من خلال ثماني لوحات اختارها من مجموعته الفنية هي تأكيد لمقولته.


وأراد في لوحته التي تحمل عنوان موطني أن يجسد النشيد الذي رددناه طويلا من خلال اللون والخط والتشكيل وأيضا من خلال الموسيقا لأن جوهر الخط العربي الذي يعتبرجزءا أساسيا من هويتنا هو تلك الموسيقا التي تعزفها الحروف في صعودها وهبوطها وتلاقيها وعناقها وصعودها.

وأضاف غنوم “لدينا في سورية مفردة تشكيلية غنية هي منبع للجمال تتمثل في الحروف العربية التي مهما حاولنا الدخول إليها واكتشاف لآلئها وكنوزها سنكتشف كل يوم شيئا جديدا وهذا ما يسهل علي إنشاء لوحتي لأنني أمام كنز مهما غرفت منه لا ينضب وهذه المفردة التشكيلية تستطيع أن تعبر عن هموم العصر وعن ظروف الأزمة التي نعيشها وليس عن الماضي فقط” .


وعن لوحته التي حملت اسم “شام” بين غنوم أن الشام تشكل هاجسا لديه ويسعى ما استطاع إلى إظهار جمالياتها في أعماله.. وهذه اللوحة هي تكوين غير مألوف فيه انسيابية وهارموني وانسجام بين الألوان .. وفيه كسر للتقليدية المعروفة في التشكيل الخطي العربي فلأول مرة تطرح عناوين لوحات مثل شام -بردى-حب -قاسيون وهذا ما دأب عليه منذ بداية تجربته وتجلى قبل أشهر في ألمانيا بمعرضه الفردي السادس والستين على مستوى العالم .. ويحمل الفنان غنوم رسالة يريد أن يسعد بها أكبر قدر ممكن من الناس ويخرجهم من البؤس والدمار حيث يقول .. وبالتأكيد لن ينتصر الا الجمال في بلد الحضارة الذي يعرف الجميع أنه ضارب في القدم وفي التاريخ وفي الثقافة.


أما الفنان كورو سليمان فيهدي وروده وزهرات عباد الشمس التي ضمتها لوحاته في المعرض الى قريته سفر قرب الدرباسية شمال شرق سورية التي ترعرع فيها وسيرجع اليها لانها علمته أن يرسم عباد الشمس بعد أن كان يزرعه أيام الطفولة في البساتين مع والده موضحا أنه رسم حتى الآن مئة لوحة لهذه الزهرة دون أن يفيها حقها فمع كل لوحة يشعر أنه يرسمها لأول مرة.

شارك سليمان بإحدى وعشرين لوحة بألوان زيتية على القماش بقياسات مختلفة تتراوح بين 40 ضرب 50 سم و60ضرب 50 سم إضافة إلى اللوحات
الصغيرة ويقدم زهرة عباد الشمس في كل لوحة بشكل جديد إذ يراها بمثابة أنثى يزينها بأحاسيسه ومشاعره وأحزانه..وفي إحدى اللوحات نرى الزهرة وقد ذبلت وانفصلت عن أخواتها لتسقط على الأرض معبرا بذلك عن سنوات العمر التي تهرب منه أما الزهرات الثلاث فهي ترمز إلى أولاده الذين لم يرهم منذ سنوات.


وعبر سليمان عن حزنه لما حل بسورية من دمار وخراب وهنا برأيه يأتي دور الفنان الذي يعبر عن ذاته وألمه ومآسيه وحزنه حسب تأثير الواقع عليه فمن واجبه أن يقدم الجمال في أعماله وخصوصا للأطفال الذين هم مستقبل الوطن وحضارته وتراثه فكل من يقتل الطفولة هو مجرم بحق الإنسانية كلها.

ويرى أن مشاركة أربعة فنانين سوريين في هذا المعرض تعبير عن المحبة التي تجمعهم كما جمعتهم صالة السيد المعروفة بنشاطاتها وكان آخر معرض فردي أقامه سليمان قبل ست سنوات في هذه الصالة بعنوان أمير عباد الشمس.

وشاركت الفنانة خلود السباعي في المعرض بأربع لوحات بمقاسات 50 ضرب70 سم جسدت فيها حبها لدمشق القديمة وبيوتها وحاراتها وطبيعتها فالشام رمز مهم يعني لها الكثير ويشغلها الحنين اليها عندما تكون خارج سورية فجاء هذا المعرض المشترك ليوقظ شغفها وحماسها للحضور في المشهد التشكيلي السوري وتوقها للقاءات الفنية مؤكدة أن مشاركتها في هذا المعرض جعلتها تشعر أن سورية مازالت بخير.


وقالت إنها ضمنت دمشق في لوحاتها التي اشتغلتها بطريقة لاتخلو من الحداثة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها فاللون الأحمر تعبير عما تعانيه سورية من نزف وألم مايجعلنا نتوجع من الداخل بسبب الأزمة التي جعلتنا في حالة فصام بسبب رغبتنا في الحياة من جهة وبشاعة مانراه من دمار حولنا من جهة ثانية.

وعن أعمالها الأخيرة قالت التشكيلية خلود إنها شاركت بلوحة في معرض الخريف كما تلقت دعوة لملتقى عالمي بالأقصر في مصر ولبت الدعوة لتعرض مارسمته من وحي الأزمة الموجعة تحت عناوين ملفتة مثل “تحت عباءتك يا دمشق – ثم أزهر الحزن”.

سلوى صالح

sana.sy