فيلم «فانية وتبدد» للمخرج الكبير نجدت أنزور في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق

جرائم أصحاب الرايات السوداء

بحضور رسمي وجماهيري عرض بتاريخ 30 كانون الثاني 2016 فيلم "فانية وتتبدد" للمخرج الكبير نجدت أنزور، من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع شركة أنزور للإنتاج الفني، وذلك في المسرح الكبير - بدار الأسد للثقافة والفنون- أوبرا دمشق.


المخرج نحدت أنزور في افتتاح عرض «فانية وتتبدد»

يحاول المخرج أنزور في هذا الفيلم الدخول إلى عوالم "داعش" من خلال فكرة قصة كتبها بالشراكة مع هالة دياب، وأعدت لها السيناريو وعالجتها درامياً ديالا كمال الدين، وتدور أحداث العمل في بلدة سورية عانت ويلات سيطرة التنظيم الإرهابي عليها، وسط احتدام الصراع بينه وبين "جبهة النصرة"، صراع تتوالى فصوله بين التوافق فيما بينهما، وصولاً إلى الخلاف على المكاسب، ما يعطي الجيش العربي السوري فرصة استعادة البلدة وتخليص أهلها بمساعدة أحد "الدواعش" من أبناء البلد، الذي اختار الانحياز لإنسانيته وأهله في مواجهة القبح والفظاعة.


الأستاذ محمد الأحمد في افتتاح عرض «فانية وتتبدد»


وفي كلمة له بافتتاح العرض قال الأستاذ محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما: «أهمية الفيلم تكمن برأيي ليس في أنه يفضح إجرام ووحشية منظمات إرهابية تكفيرية مثل داعش وغيرها، فالانترنت مليئة بصور قطع الرؤوس وحرق الأجساد والتمثيل بالجثث، وغيرها من الأشرطة الوثائقية التي تفضح بشكل صادم وموجع أكثر من أي فيلم روائي. أهميته تكمن في أنه يتصدى للفكر الداعشي، وللإيديولوجيا الداعشية التي تنتج هذا النوع المرعب من الوحشية والإجرام».

وقال أيضاً: «كي ننتصر على داعش وأمثالها لا يكفي أن نتصدى لها في ميادين القتال، وإنما ينبغي، وقبل كل شيء، أن نواجهها ونحاربها في ساحات الفكر والرأي والعقيدة. لأن داعش ليست مجرد كتائب مسلحة، تقتل الناس وتفتك بهم من دون رحمة أو شفقة، وإنما هي منظومة فكرية كاملة، جوهرها رفض أي نقاش أو إعادة نظر في أي مسلمة من المسلمات التي يؤمن بها أصحاب الفكر الداعشي».

وتابع قائلاً: «الفكر المتطرف موجود في كل أنحاء العالم، ولكن ثمة مجتمعات تتيح له أن ينمو ويتسع، وثمة مجتمعات أخرى تلجمه وتسيطر عليه. أعتقد أن مجتمعنا السوري هو من المجتمعات التي ظلت عبر تاريخها قوة لاجمة للفكر المتطرف، لأن بنيتها الثقافية والاجتماعية لم تكن لتسمح بانتشار وتوسع مثل هذا الفكر».

وجاء في سياق حديثه أيضاً: إن رسالة الفيلم ورسالة المؤسسة العامة للسينما ووزارة الثقافة واحدة، ألا وهي مقاومة التعصب والقبح والشر مهما تعددت أشكالها بقيم التسامح والخير والجمال، ومواجهة التكفير بالدعوة للحوار، والتصدي للهيستريا التكفيرية الطائفية بفتح الأذرع على أوسع مدى لاحتضان أبناء الأرض السورية على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية».


جانب من الحضور


حضر «اكتشف سورية» العرض والتقى بعض الحضور والمعنيين: حيث قال السيد عبد عيسى وهو باحث ومهتم بشأن السينما: «لا يخل الفيلم من الرمزية سواء في السينوغرافيا بشكل عام او في حركة الكاميرا، ولا يوجد فيه مشاهد مجانية، كل لقطة لها وظيفتها وكل شخصية لها مهمتها، وهناك مقولة لكل سوري يقاتل إلى جانب هذا التنظيم المجرم، مفادها كيف لشخص يقاتل مع داعش وهو يفظع أهله وأرضه وعرضه، الفيلم رائع رغم وجعه وبعيد عن الحشو والملل».

اما الاعلامي حسين مخلوف قال: «يظهر الفيلم بشاعة داعش الارهابي ويركز على بشاعة الانسان عندما يتحول إلى حيوان يركض وراء غرائزه وذلك من خلال قصة الطفلة التي تبلغ من العمر عشر سنوات حين يحاول ذلك الأمير الداعشي المجرم اغتصابها بحجة الزواج، حيث يبين المخرج الكبير نجدت أنزور للقاصي والداني بأن هدف هؤلاء المجرمين ليس نشر الاسلام كما يزعمون بل هدفهم يحوم حول غرائزهم الدنيوية من السلطة والمال والجنس».


من فيلم «فانية وتتبدد»


ومن جانبها قالت الأستاذة ديانا كمال الدين كاتبة سيناريو الفيلم: «هناك مقولات كثيرة للفيلم منها كيفية وجود الفكر الداعشي بيننا، حيث أنه لم يأتِ من الفراغ، ولا يمكن مقاومة هذا التنظيم والقضاء عليه بالسلاح فقط بل ينبغي مقاومته بالفكر والعقل ونشر الثقافة الوطنية والإنسانية، وهذه الاشياء ليست مهمة السينما فحسب بل مهمة الإعلام والثقافة والأدب وكل شيء يمكن النشر من خلاله الفكر العلمي والإنساني بين الناس».

وبدوره قال لنا المخرج الكبير نجدت أنزور: «نحن الفنانين جزء من هذا المجتمع، ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أما هذه الحرب اللعينة على بلدنا، بل نتفاعل مع المجتمع كأي فرد يحب وطنه ويدافع عنه، ومن هنا رأيت بأن هذه الظاهرة التي تسمى داعش لا يجوز أن أن تمر دونن تتحول إلى سينما، فجأة فكرة مشروعنا عبر فيلم يعكس طريقة تفكير هؤلاء القتلة والارهابيين ونشأتهم وما يتركه ذلك التفكير من آثار سلبية مدمرة للمجتمع».

وأضاف قائلاً: «نحاول عبر هذا الفيلم بايصال رسالة مفادها بأن الدين الذي يدفعك لقتل الناس من رفع رايته ليس ديناً، والإله الذي يدفعك للقتل لتنال رحمتته ليس إلهاً، حتى الذي يوصنفون على انهم وسطيون في فهم الدين يحملون مفاهيم خاطئة للدين.

كما نبين بأنه هناك اسلام معتدل وهو الموجود في سورية منذ زمن بعيد وهناك تطرف يريد تشويه ها الاعتدال، كما يوجد بينهما رأي مختلف عنهما».


من فيلم «فانية وتتبدد»


وانهى المخرج الكبير حديثه قائلاً: لايمكن أن يعيش فكر الداعشي في سورية ولن يقبله السوريون ذات يوم، لأن أفكار هذا التنظيم الإرهابي هدامة وقاتلة ومدمرة ولامكان للإجرام في بلد قدم الأبجدية للعالم وصاحب حضارة تمدد لسبعة آلاف سنة، لذلك بأن هذا التنظيم فان وإلى الزوال، والغاية من هذا الفيلم هو رؤية عن كيفية محاربة وكشف عن هذا الفكر التفكيري الوافد على الإسلام الحقيقي السمح وعلى المجتمعات العربية والاسلامية التي لا تؤمن بما يجري من معتقدات لا تمت للإسلام بصلة».


جانب من الحضور


فيلم "فانية وتبدد" كتب النص بالشراكة المخرج نجدت آنزور والكاتبة هالة دياب، أعدت له السيناريو الكاتبة ديانا كمال الدين، تأليف الموسيقا فراس هزيم، الأزياء سحاب الراهب، مدير التصوير يزن شربجي، وشارك في بطولته العديد من الفنانين السوريين الكبار نذكر منهم "فايز قزق، رنا شميس، مجد فضة، إيمي فرح، بسام لطفي، زيناتي قدسية، حسام عيد، أمية ملص، هناء نصور.."والجدير ذكره بأن العرض الجماهيري للفيلم سيبدأ اعتباراً من 14 شباط الجاري في دار الأوبرا بدمشق.

إدريس مراد

اكتشف سورية