شعراؤنا يقدمون أنفسهم للأطفال.. كتاب جديد للشاعر الراحل سليمان العيسى

.

«شعراوءنا يقدمون أنفسهم للأطفال» كتاب قديم جديد في آن.. فهو قديم لأنه كتب أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما سدت الخيبة الحزيرانية الآفاق أمام الشاعر الراحل سليمان العيسى ما جعله يتوقف عن الكتابة زمنا ويدق الأبواب باحثا عن نافذة من الضوء تعيد اليه بارقة أمل بمستقبل الأمة00وتلك البارقة وجدها أخيرا في أدب الأطفال.

وهو كتاب جديد لكونه صدر حديثا عن الهيئة السورية للكتاب في طبعة أنيقة ولأنه يشق دربا غير مسبوق في أدب الأطفال كما تقول الدكتورة ملكة أبيض في كلمة حول الكتاب اذ بدأ العيسى كتاباته للأطفال بالأناشيد والقصص والمسرحيات الموءلفة والمعربة ثم راح يتساءل كيف يستطيع نقل التراث العربي للأطفال بصورة جديدة مشوقة تثير اهتمامهم وتمتعهم بشكل يجعل من هذا التراث مكونا هاما من مكونات شخصيتهم.

وما فعله العيسى في هذا الكتاب حسب الدكتورة أبيض هو أنه نقل التركيز من النص الى الشاعر أو الكاتب الانسان الذي تربطه بالطفل صلة حميمة هي صلة القربى فهو جده القريب أو البعيد وبدلا من أن يجعل الطفل يذهب الى هذا السلف جعله يأتي الى الطفل كما يفعل الأب مع ابنه ويجري حديثا معه حول ظروف كل منهما مبديا رغبته في الاطلاع على أوضاع خلفه وهكذا تقوم علاقة حية وشعور متبادل بين السلف والخلف تكشف للأبناء عن تلك المشاعر الخفية والكامنة فيهم والتي توجه سلوكهم من حيث لا يدرون.

وتؤكد رفيقة درب الشاعر الراحل أن كتاب «شعراوءنا يقدمون أنفسهم للأطفال» ليس كتاب استظهار لنصوص قديمة فحسب بل انه يشكل رحلة جميلة في أعماق التراث يختار خلالها الشاعر العيسى أهم شعراء العرب ويقربهم الى أذهان الأطفال ومشاعرهم ويضع سيناريو اللقاءات التي يعقدها بين الشعراء وبين الأطفال حسب الظروف الخاصة بكل منهم.

واختار العيسى من أدبنا الكلاسيكي الذي يمتد على أزمان الجاهلية وصدر الاسلام والعصرين الأموي والعباسي سبعة وعشرين شاعرا وزعهم على عشرة أجزاء لأنه خطط في البداية لعرضهم في كتيبات صغيرة تخفف عن الطالب الصغير عبء تناول كتاب كبير، لكنه أنه مالبث أن جمع تلك الكتيبات في كتاب واحد.

وبدأ عرضه من العصر العباسي لاعتقاده بأنه أقرب الى تناول القارئ الناشئ لذلك افتتحه بأبي تمام مرورا بالبحتري والمتنبي وأبو فراس الحمداني والشريف الرضي عائدا للعصور السابقة الى قطري بن الفجاءة والحطيئة والخنساء وحسان بن ثابت وعنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى وامروء القيس وغيرهم.

وعن أهمية الكتاب الذي يقع في 168 صفحة تحدث مدير الهيئة السورية للكتاب الدكتور جهاد بكفلوني لـ سانا الثقافية قائلا ان الشاعر الراحل سليمان العيسى قدم لنا دليلا حيا على أن اللغة العربية لغة لا تموت فنحن عندما نقرأ قصيدة لطرفة بن العبد أو إمروء القيس أو المتنبي وقد مضى على رحيلهم أكثر من ألف وخمسمئة عام فهذا دليل على أن لغتنا هي لغة حية وقادرة على الصمود في وجه الأعاصير التي تواجهها مشيرا الى أن هذه الدعوات التي وفدت الى المنطقة هي دعوات مشبوهة تدعو الى إزالة الحرف العربي واحلال الحرف اللاتيني مكانه على غرار مافعله كمال أتاتورك في تركيا.

ويضيف بكفلوني إن العيسى يعرف الأطفال في كتابه بطرفة بن العبد مثلا لماذا سمي بهذا الاسم وكيف كانت حياته وذلك بلغة واضحة سهلة ويقيم جسرا من الحوار يستطيع الطفل أن يجتازه بكل يسر ليصل الى شخصية الشاعر ويتعرف عليه وعلى تجربته الابداعية وفي مثال آخر يعرف الأطفال بالأخطل وماذا تعني كلمة أخطل ولماذا سمي بهذا الاسم ويعرفهم بالمتنبي حتى ليخيل الى الأطفال أن هؤلاء الشعراء الكبار يقيمون بينهم الى يومنا هذا فعندما يتحدث عنهم فكأنه يتحدث عن جيران لهم يبادلونهم تحية الصباح وكل ذلك بلغة سلسة محببة للأطفال تعرف بنتاج هؤلاء المبدعين وبسر خلودهم .

ويتابع ان شاعر الأطفال الأول ليس في سورية فحسب بل في الوطن العربي يقدم هؤلاء الشعراء بطريقة تجعل الطفل يعرف عن أجداده الكثير ويمد له خيطا يشده الى ذلك الماضي الذي يحاول الأعداء طمسه بشتى الوسائل.

وعن امكانية وصول هذا الكتاب إلى الأطفال قال بكفلوني إن كتاب «شعراوءنا يقدمون أنفسهم للأطفال» سيصل اليهم لأنه وضع من أجلهم فقد وزعت نسخ منه الى الفضائية التربوية والفضائية السورية اضافة إلى الصحف المحلية للاضاءة عليه ونحن بصدد الاتصال مع وزارة التربية لتوفير الكتب الصادرة عن الهيئة في المكتبات المدرسية.. ونعمل على أن يكون الكتاب متاحا بين أيدي الناس لاننا حريصون في الهيئة على أن تكون كتبنا مقروءة وأن نأتي إلى المبدعين لننهل منهم.

وعبر عن أمله في أن تبقى الكلمة العربية حية في الصدور موضحا أن وزارتي التربية والثقافة والمدارس والجامعات والأسرة كلها تشترك في بناء الطفل والأجيال الجديدة.

سلوى صالح

سانا