«طريق الحرير» كان عنوان الأمسية الغنائية لجوقة قوس قزح بقيادة مؤسسها الموسيقي حسام الدين بريمو مساء الأربعاء 11 تشرين الثاني 2014 على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون- أوبرا دمشق، حيث أدت الجوقة مجموعة واسعة من الغناء الجماعي وبلغات مختلفة، بدأتها بأغنية «الرعيان» باللغة الصينية، وأغنية «الأرض الأم» باللغة اليابانية، وتلتها «مشاعر الحب» باللغة الإندونيسية، «ودقوا الجرس» باللغة الأرمينية، ومن ثم الفارسية وأغنية «تعال ننثر الورد»، وأغنية «عشيقان» بالسريانية.
وأبدعت الجوقة في أداء بعض الأغاني العربية حيث أدتها بعد توزيعها إلى عدة أصوات وهي «بالي معاك، فوق إلنا خل»، لتؤدي بعدها «طالعة من بيت أبوها» ولكن باللغة الآرامية، لتعود الجوقة إلى ألق الأغاني التراثية العالمية حيث غنت «رياح الشمال» اليونانية، و «اضبط رقصتك» المجرية، «الدانوب الجميل الأزرق» الألمانية، وأنهت قوس قزح أمسيتها باللغة الإيطالية بأغنية «السلطة الإيطالية»، كما أهدت الجوقة من خارج برنامجها أغنية «من سوق دمشق» وهي من تأليف وتوزيع حسام بريمو التي ادتها الجوقة سابقاً في عدد من حفلاتها.
استطاعت جوقة قوس قزح أداء برنامجها بتنظيم وانسجام واضحين حيث جذب الحضور بغنائها المتعدد الأصوات بطريقة مدهشة رغم أن الأذن العربي لم يعتاد على هذا الشكل الغنائي إلى الآن، ولكن براعة هذه الجوقة وخبرتها جمعت حولها حضور متميز منذ انطلاقتها واستفاد من اختلاف طبقات الأصوات المؤدية ووزعها حسب النظام المتطور «سوبرانو، ألتو، تينور، باص»، في هذا المزج الصوتي بين الأصوات النسائية والرجالية نسجت أسلوباً غنائياً متميزاً وبارعاً بدون المساس باللحن الأساسي.
كتبت الأديبة الكبيرة د.ناديا خوست في الكتيب المرافق للأمسية: «شق حرير الصين الطريق بين الحضارات القديمة. ونقلت القوافل مع الحرير الخزف الصيني والورق والأفكار وأغنيات الشعوب. رافق القوافل المغنون الحداة، والشعراء والقصاصون والمبشرون والرحالة المؤرخون، فشيدوا علاقات بين ألوان الهويات الثقافية».
وتابعت خوست: «أسس ذلك التبادل التجاري والثقافي على الحرية لا على الغزو. فزينت الخانات طريق الحرير الطويل، ونسجت علاقات تعارف حضارية. تريد فرقة لونا أن تذكرنا بهذه الحقيقة الساطعة فتقدم أغنيات شعوب طريق الحرير القديم، منحازة إلى الثقافة في وجه الحرب».
وفي لقاء مع اكتشف سورية قال الموسيقي حسام الدين بريمو: «لم يكن اختيارنا للأغاني موجهاً نحو نوع محدد من هذا الفن النبيل، فقد انتقيناها من الكلاسيكي والشعبي، مجموعة يختلف بعضها عن بعض بلغاتها، بغض النظر عن الشعوب والقوميات التي تستخدم هذه اللغة أو تلك، فاللغة شريكة الموسيقا في فعل التلاحم الإنساني والتبادل الثقافي عبر الزمان والمكان».
وتابع حديثه قائلاً: «عن قصد أو عفواً، حملت قوافل الحرير معها الأغنية، مساهمة بتوحيد الشعوب ثقافياً، وذلك قبل ظهور وسائل الاتصال السريع بعشرات القرون».
وأنهى بريمو حديثه قائلاً: «مازالت الأغنية تسعى لمحو الخطوط المرسومة على الخرائط ولم تتوقف عن تحقيق نتائج عظيمة، ليس فقط لسحرها، بل لأنها أبقى من الحرير».
رافق الجوقة موسيقيون من أوركسترا ندى كل من إياد جناوي «بيانو»، يزن الصباغ «كلارينيت»، رأفت أبو حمدان «بزق»، جمال السقا «إيقاع».
يشار أن جوقة قوس قزح تؤدي أعمالاً متنوعة من عصور مختلفة وبلغات عديدة «قرابة العشرون لغة» وتجمع بينها بأسلوب فريد، وتأسست نهاية عام 1999، شاركت في الكثير من الفعاليات الفنية في سورية ولها سمعة جيدة، يضم برنامجها ما يزيد على 200 أغنية، ميزها وقرّبها للناس كونها تغني بحب ترانيم جميلة من الدينين المسيحي والإسلامي، قدمت حتى الآن قرابة تسعين حفلاً في سورية وبعض الدول العربية، جوقة قوس قزح تنتمي إلى عائلة لونا التي أسسها الموسيقي حسام الدين بريمو وتضم إلى جانبها أربعة جوقات أخرى بأعمار مختلفة إضافة إلى أوركسترا ندى.
إدريس مراد
اكتشف سورية