مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول.. خطوة أولى نحو أمل واعد

.

اختتم بتاريخ 21 حزيران 2014، في الصالة المتوسطة «الدراما» في دار الأسد للثقافة والفنون- أوبرا دمشق، مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة في دورته الأولى، الذي أقيم تحت رعاية الدكتورة لبانة مشوّح وبتنظيم المؤسسة العامة للسينما وذلك بمناسبة العيد الذهبي للمؤسسة، عرض في المهرجان على مدار ستة أيام، أكثر من ثلاثين فيلماً ضمن منح دعم سينما الشباب، وستة أفلام قصيرة من أحدث انتاجات المؤسسة العامة للسينما.

جاءت الأفلام القصيرة الحديثة الإنتاج على مستوى عالي الاحترافية منها: فيلم «توتر عالي»، من إخراج المهند كلثوم، سيناريو سامر محمد إسماعيل، تمثيل أديب قدورة، علي الصطوف، مي مرهج، سامر الخليلي، ومدته نصف ساعة، وفيلم «الرجل الذي صنع فيلماً» من إخراج أحمد إبراهيم، سيناريو علي وجيه، تمثيل جهاد سعد، نادين تحسين بك، عهد ديب، جعفر أحمد، محمد الأحمد، ناصر مرقبي، لوريس قزق، أكرم تلاوي، وسيم قزق وآخرون، وفيلم «ابتسم فأنت تموت» إخراج وسيم السيد، سيناريو علي وجيه، تمثيل مهند قطيش، حسام تحسين بك، روز اللاذقاني، رنا ريشة، وئام دريباتي، كريستين شحود.

وجاءت أفلام سينما الشباب متباينة المستوى ومنها ذات أفكار عادية، ولكن هذه الخطوة تسجل للمؤسسة كونها أتاحت فرصة للشباب لهم اتجاهات سينمائية، ودعم أفكارهم، ليبدؤوا خطوتهم الأولى وإن كانت الخطوة الأولى تبدأ بألف ميل، واستوقفني من هذه الأفلام الفيلم الذي أخرجه الفنان حسام الشاه عن سيناريو لرامي كوسا، حيث استخدم الشاه تقنية جميلة في تحريك الكاميرا، مستخدماً الصورة اللبقة واستطاع أن يستغل الخبرة التمثيلية للفنان القدير عبدالرحمن أبو القاسم إلى جانب ندين تحسين بك.

جوائز المهرجان
جاءت جوائز المهرجان على الشكل التالي :
الجائزة الذهبية، كان من نصيب فيلم «دوران» سيناريو علي وجيه وإخراج وسيم السيد.

الجائزة الفضية، ذهبت لفيلم «خطوة أمل»، سيناريو وإخراج فراس كالوسية.

أما الجائزة البرونزية نالته فيلم «تراك»، سيناريو وإخراج هيثم مسوح.

وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، كانت لفيلم «ضجيج الذاكرة» سيناريو وإخراج كوثر معراوي.

ونال المخرج سيمون صفية جائزة أفضل إخراج، عن فيلمه «جوليا». أما جائزة أفضل سيناريو فكانت من نصيب الكاتب ماهر المؤنس عن فيلم «عشر دقائق بعد الولادة». ونوهت لجنة التحكيم إلى موهبة يارا سهيل شما عن فيلمها «سلم دو الكبير».

عن أفلام الجوائز
يجسد الفيلم الذهبي في هذا المهرجان «دوران» حالة بلد ما يمر بظروف استثنائية حادة، لا شيء على ما يرام، لا أحد كذلك أيضاً، ليس غريباً ألا تتكلل علاقة حب بالنجاح، ولا جديد في الغراميات الفاشلة ذات النهايات المؤلمة، ما وراء ذلك هو المهم، طبيعة الشخوص، ومبادئها، ووضعها على المحك مواجهة مع هذه المبادئ في لحظات حساسة درامياً وفكرياً وحتى بصرياً، كلها أمور مغرية للطرح والاستقراء..

أما فيلم «خطوة أمل» الذي نال فضية المهرجان، يقول عنه صاحبه فراس كالوسية: «نعود متعبين إلى الوطن، نلقي في الطريق آثامنا، نحضن الأرصفة ولا نؤاخذ الحذاء لو تعثر، ونرسم على البزة الخضراء تضاريسنا، ونحلم بالفرح، نقرع كل الأبواب، ندخل بثقة ونقاتل ماضينا المؤلم، نرمي أسلحتنا ونرتمي في حضن الموت لنرتاح، فيطل النور من كل الصدور، من طفولة بريئة كالماء تتلمس تضاريسنا، تحضن أحزاننا، وتغرق في صدورنا، فيتحرك الأمل، وتخلق الحياة فينا من جديد، فنتحرك لنحضن مستقبلنا، ونكمل طريقنا في حضن الوطن.

أما الفيلم البرونزي «تراك» يجسد فتاة رسامة تلاحق شخصاً لترسمه في كل تفاصيل حياته، صغيرة وكبيرة، ورغم تقاربهما لدرجات قصوى في الحياة، لكنه لا يعنيها سوى بكونه مجموعة صور باللون الفاحم، وحتى عندما يموت بحادثةٍ ما تكون ردة فعلها منسجمة مع ما تريده منه، فيكون مجرد مشهد آخر.

السينما الذهبية
أفتتح المهرجان بفيلم «السينما الذهبية» سيناريو وإخراج محمود عبد الواحد، إشراف محمد الأحمد، مدته 33 دقيقة، وتم انجاز هذا الفيلم بمناسبة مرور خمسين عاماً على إحداث المؤسسة العامة للسينما، يستعرض خلالها تاريخ السينما السورية قبل إحداث المؤسسة، منذ إنتاج أول فيلم سوري «المتهم البريء» 1928 لأيوب بدري، ثم يعرج على الفيلم السوري الثاني «تحت سماء دمشق» عام 1931 لإسماعيل أنزور، وينتقل للحديث عن المؤسسة العامة للسينما والصعوبات الفنية والتقنية التي رافقت انطلاقتها، ويعرض لقطات من أبرز أفلام البدايات «سائق الشاحنة، المخدوعون، كفر قاسم، الفهد، اليازلي...» وغيرها، ثم يعرض لقطات أخرى من المراحل التالية وحتى الوقت الراهن. يتحدث الفيلم أيضاً عن الجوانب الأخرى من نشاط المؤسسة، كإصدار مجلة الحياة السينمائية، وكتب سلسلة الفن السابع، وتنظيم مهرجان دمشق السينمائي وتطور هذا المهرجان على المراحل المختلفة التي مر بها، كما يتطرق إلى التطور التقني الكبير الذي عرفته المؤسسة، ومشروع دعم سينما الشباب الذي اخذته المؤسسة على عاتقها.

مع اكتشف سورية
حضر اكتشف سورية العديد من الأفلام التي عرضت في مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة، والتقت بعض المهتمين والمعنيين، وكانت البداية مع عبد الرحمن علي- طالب جامعي في كلية الحقوق حيث قال: «رأي أن العروض كانت مقبولة مع بعض الاختلاف في مستوى القدرة الإخراجية عند البعض، تفاوتت العروض بين المتوسط والجيد، وكنت أتمنى أن يكون باب الأوبرا مفتوح بالمجان للطلاب الراغبين بمشاهدة المزيد من الأفلام».

أما محمد بدر وهو طالب في كلية الصيدلة قال: «إن المهرجان فرصة ممتازة لجيل الشباب لتشجيعهم كما إن أوقات العروض جيدة وتناسب الجميع، ما رأيته في الأفلام كانت الفكرة في البعض غير واضحة. أتمنى أن تكون الأفلام المقبلة ذات سوية إخراجية أعلى».

وقالت نهلة المدني، وهي متابعة للسينما وخاصة السورية: «بصراحة وللأسف كانت السوية دون المتوقع، ومن خلال مشاهدتي لبعض الأفلام، لاحظت كم أن ظهور ممثل مشهور وقدير طبعاً، يسهم في زيادة الإقبال على الفيلم، كما إنه يلعب دوراً في نجاح هذا الفيلم، بشكل عام، إنها لخطوة عظيمة أن تولد هكذا تظاهرة، كما أنه من المهم أن تشرّع الأبواب أمام مواهب الشباب وطموحاتهم الثقافية عامة والسينمائية خاصة».

ماهر المؤنس الفائز بجائز أفضل سيناريو، قال: «هذه الجائزة بعثت الفرح والحزن في قلبي، فرحاً لأن الفيلم لاقى استحقاقاً جماهيرياً، وحزناً لأنه قام على أحزان السوريين، ولا بد أن أشكر المؤسسة العامة للسينما التي أتاحت للشباب هذه الفرصة والشكر موصول لوزارة الثقافة التي رعت المهرجان».

سيمون صفية الذي حاز على جائزة أفضل إخراج قال: «إنه سعيد جداً بهذه الجائزة، وإن المهرجان جاء بتنظيم ممتاز وسوية عالية».

يارا شما التي نالت تنويه عن فيلمها سلم دو الكبير قالت: «إن الأعمال جاءت جيدة جداً حيث بدأ المخرجون الشباب بتطوير إنتاجيته السينمائية عن طريق تحول الكلمة إلى صورة، والجائزة هي خطوة مهمة وتعني لي الكثير».

الفنان الكبير أديب قدورة وهو من المكرمين في المهرجان، قال: «لا شك أن هذا المهرجان هو للشباب، وأنا أشدد على ضرورة وجود سينما للشباب وخاصة أن بداية انطلاقتي الفنية كانت في أول مهرجان سينمائي سوري للشباب، عندما حققنا أول جائزة في فيلم الفهد، لي الشرف أن يتم تكريمي هنا، وأبارك للشباب ولسينما الشباب، لي الشرف أن أعمل مع هؤلاء الشباب الرائعين وواجبنا هنا أن نعمل معهم ولأجلهم لأنهم المستقبل واعد».

مهرجان ناجح بكل المقاييس
وبدوره قال الأستاذ محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما، مدير المهرجان: «إن المهرجان قد تم بطريقة منظمة، بُذلت فيه جهود بالغة لإطلاقه بالشكل الأمثل، كما حظي باهتمام خاص من وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوَح وبالتنسيق مع دار الأسد للثقافة والفنون ليكون مهرجاناً ناجحاً بكل المقاييس، وتطبيقاً لشعار "شبابنا غد الوطن" كانت الدورة الأولى لمهرجان دعم سينما الشباب والأفلام القصيرة».

وأضاف قائلاً: «دمشق المكان، مدينة عتيقة يؤكد المؤرخون جميعاً بأنها أقدم مدينة مأهولة بالسكان على سطح هذا الكوكب الذي اسمه الأرض، ودمشق السينما، التي وإن تخلفت عن ركب السينما العالمية قليلاً، غير أنها كانت مع شقيقتها المصرية سباقة إلى هذه الصناعة مقارنة بالكثير من بلدان العالم الثالث، ويكفينا لإثبات صحة ما نقوله أن نذكر بأن الفيـلم الروائي الطـويل الأول في تاريخ الســينما الســورية يرجع إلى العام 1927».

وأضاف أيضاً: «إن هذا الشعار الذي وضعناه دليل عمل، والذي تزامن مع مرور خمسين عاماً على إحداث المؤسسة العامة للسينما، فرض علينا مسؤولية جسيمة، فجاءت دورة المهرجان هذه لائقة بمناسبة الأعوام الخمسين التي انصرمت، كيف حصل هذا ؟ سوف أبوح لكم بالسر الذي يمكن تلخيصه بكلمة واحدة؛ الحب، حبنا للسينما، حبنا للشباب، حبنا للناس الذين من أجلهم كانت هذه الدورة الغنية، الناس الذين أظنهم يبادلوننا حباً بحب، نعم؛ بالحب وحده كان هذا الجهد الذي قام به فريق المؤسسة العامة للسينما، إلى هذا الفريق أوجه تحية خاصة، ولو كان الوقت يســمح لي بذكر أسمائهم فرداً فرداً لفعلت ذلك الآن، أشكر دار الأسد للثقافة والفنون، كما أشكر المدير العام للدار صديقي السيد عماد جلول، الشكر كذلك موصول إلى المؤسسات الإعلامية المقروءة منها والمسموعة والمرئية على مواكبتها لفعاليات المهرجان، أشكر بحب واحترام كبيرين السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح راعية مهرجاننا هذا».

وأنهى الأحمد حديثه قائلاً: «أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان للسيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية على ما أبداه من اهتمام ودعم شخصيين لعمل المؤسسة ومسار التطور السينمائي في سورية».

يشار أن مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول قد كرّم باقة من الفنانين لهم بصمتهم في تاريخ السينما السورية وهم الممثلة سلمى المصري والمخرج ريمون بطرس والممثل أديب قدورة والموسيقي سمير كويفاتي ومدير التصوير السينمائي حسن عز الدين.

وتكونت لجنة التحكيم من السادة محمود عبد الواحد ، غسان شميط ، ديانا فارس، جود سعيد وديمة قندلفت.

إدريس مراد

اكتشف سورية