خماسية «النداء الأخير للحب» تبدأ تصويرها وسط دمشق

وسط دمشق قريباً من ساحة النجمة بدأ تصوير أولى خماسيات «الحب كله» التي تنتجها المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي والتي تحمل عنوان «النداء الأخير للحب» تأليف رانيا بيطار وإخراج سهير سرميني.

ملخص الخماسية بقلم كاتبتها رانيا بيطار:
كانت أبوابهم مفتوحة لبعضهم فاختلفوا فدخل كل منهم إلى بيته وأغلق الباب خلفه في وجه جاره بعد أن جمعت الجيرة الطيبة بينهم.. ما الذي حصل؟ كيف تفرقت قلوب الجيران الأربعة؟ وأي لعنة حلت بينهم حتى تحول الحب بينهم لكره والتواصل بينهم لفرقة وتباعد؟

أبو عصام وأبو غيث (عديلان) قبل أن تجمعهما القرابة جمعتهما صداقة طويلة فقلما نرى أبو عصام خارجاً من البيت إلا وأبو غيث برفقته لكن كل الحب وكل الود وكل العشرة والأيام الجميلة فجأة تبخرت بين العائلتين فأبو عصام (مع) وأبو غيث (ضد) لما هذا مع وهذا ضد لا أحد يعرف كيف استطاع هذين الحرفين بناء جدار عالي من الخلافات واشتد الكره ليأكل كل شيء جميل كان يوماً بينهما.

لعن الله الخلافات لعن الله كل شيء أبعدهم يوماً عن حب وطنهم دون قيود وحواجز.. هذا الوطن لي ولك هذا ما ردده أبو غيث وهو يخرج برفقة أبو عصام من المشفى بعد ان تعرض لسكتة قلبية.. أيديهما تتعانق وتتشابك بقوة صداقة العمر.

جارهم الثالث أبوحسن (من قرية ما) «من طائفة مختلفة» وليس من حقه التدخل، «أنت من القرية» صدمه هذا الاتهام الذي جاء على لسان جيران العمر وأقرب الناس له.. الناس اللذين عاش معهم أكثر مما عاش مع أهله وأهل ضيعته.. دمعت عينيه.. اكتئب.. كيف يتهمونه بطائفته وهو الذي عاش بينهم وشاركهم أفراحهم وأتراحهم واجههم بالحقيقة هو أخوهم وصديقهم وجار عمرهم سواء أكان سنياً أو درزياً أو إسماعيلياً.. ما علاقتهم هم بالعلاقة بينه وبين ربه سواء صلى باسم الآب والابن والروح القدوس أو ردد الشهادتين أو تبع لهذا المذهب أو ذاك؟

أما أبو ماريا الجار الرابع فنأى عن نفسه وابتعد عن جيران عمره بعد أن اعتبر نفسه من الأقليات لكن كيف ابتعد وهم كانوا له أغلى من الأخوة؟ عندما تعرض لأول أزمة وجدهم كلهم معه يشدون على يده ويؤازرونه فالدين لله والوطن للجميع.

«النداء الأخير للحب» هوآخر نداء ينطلق عادة كتنبيه للمسافرين قبل إقلاع الطائرة وترك المسافرين في المطار.. رمز لحد الخطر الذي تتعرض له البلد إن لم نسرع للملمة الجراح ومحبة بعضنا.

المخرجة سهير سرميني:
أكثر ما لفت نظري في نص رانيا بيطار هو ارتباطه بالواقع الراهن الذي نعايش تفاصيله، ورغم أنه موجود وملموس من قبلنا إلا أن معايشته درامياً من الممكن أن يؤثر على المشاهدين، من خلال أربع عائلات يمثلون الفسيفساء السورية التي لم نكن مسبقاً نشعر بأهميتها، وبسبب الأزمة اكتشفنا الشرخ الذي أدت إليه بين الناس وعواطفهم، وتسلط النداء الأخير الحب الضوء على التغيرات التي طرأت على السوريين قبل وبعد الحرب.

النص يوجه نداء لكل السوريين بأننا إن لم نعد يداً واحدة وعقلاً واحداً فإننا سنخسر الكثير وسنخسر الوطن.

قيمة هذا الموضوع بهذا الوضع مفيد للناس وتوعيتهم لما يحدث ببلدنا، ونحن الآن أحوج ما نكون لنتفق ونعيد النظر بكل خلافاتها لأننا بالنتيجة نبقى أهل وينبغي أن نبقى مع بعضنا.

فائق عرقسوسي بشخصية أبو عصام:
«المهم في خماسية النداء الأخير للحب أنها تحكي عن الراهن السوري، بحيث سيكون البناء مختصر للوطن بشكل أو بآخر، بنزاعاته وخلافاته وفي الوقت ذاته بتكوينه النفسي والروحي، بحيث تبرز أثر الحرب على العلاقات بين الناس، بحيث أنه في العمارة الواحدة تنبت خلافات ونزاعات كبيرة نتيجة المواقف المتباينة لسكان البناء الواحد، أعتقد أن هذه الخماسية تلامس الواقع وتكشف ما كنا عليه وما آلت إليه حالنا، وفيه تأكيد على أن ما حصل كان كارثة على الجميع، وسيصل السكان إلى قناعة بأن الوطن هو الأساس وينبغي أن نستعيد المحبة والألفة والحياة المتناغمة في كل تفاصيلها».

الأزمة أثرت على المعتقدات والعلاقات وعلى المواقف من الآخر لاسيما في السنة الأولى وبعّدت بين الأهل والأحبة، بحيث كان التوتر هو السائد والناظم العام لكل العلاقات، لكن سيصل سكان البناء إلى نوع من الاكتشاف والإدراك أن الحرب الدائرة لا تليق ببلدنا ولا ينبغي أن ننسى حميمتنا، لاسيما أن بيوتنا متعانقة وشبابيكنا وياسميننا يعرش من بيت لبيت، وهذا يمتد على مستوى الوطن ككل، ولذلك علينا إدراك حقيقة أن ما يحصل لا يمت لثقافتنا ولا بيئتنا ولا تربيتنا ولا جذورنا بصلة، والاكتشاف حتى لو تأخر لكنه سيكون عاملاً قوياً لنتطلع بحميمية ومحبة أكبر لبعضنا.

نجاح سفكوني بشخصية أبو غيث:
«ميزة هذا العمل الأساسية أنه يرصد ما جرى من تحولات على الناس في الحرب خلال مدة ثلاث سنوات، ليس فقط على صعيد العلاقات الاقتصادية، وإنما على الصعيد النفسي والروحي والإنساني، بمعنى أن هذه الحرب لعبت دوراً سلبياً جداً على حياة الناس، ومعظم شخصيات الخماسية تمثل الطبقة الوسطى إلى حد ما، وهي الطبقة التي تأثرت أكثر من غيرها بالحرب، كما يتناول موضوعة أساسية وهي أن البعض حاول أن يغامر من أجل الخلاص الفردي، لكن تبين بالنتيجة أن ذلك غير وارد على الإطلاق، فما يجري يتأثر به الجميع، ومن سافر عاد بخيبة أمل، ومن بقي أصبح مطالباً بأن يعيد النظر بكل شيء خاصة على الصعيد الإنساني، لأن الروح تمزقت وتبعثرت، ومن الهام في هذا العمل أن هذه الفقاعة من التغييرات الكبيرة وبعد أول منعطف إنساني أعادت السوريين ليحسوا ببعضهم البعض، فكما أن الحرب فرّقت فإن اللحظة الإنسانية جمعت، وأعتقد أن هذا الميزة الأساسية للعمل.

وأرى أن هذه الخماسية مكتوبة لهذه الأيام الأخيرة في هذه الحرب، ومن هنا تأتي أهميته، مع العلم أن الأحداث الدامية والمدمرة في حياة الشعوب والبشر، كالتي تعيشها سورية الآن، لا يستطيع أي كاتب في الدنيا أن يقترب منها بنظرة حقيقية وثاقبة، فهي تحتاج إلى فترة من الوقت لتتوضح، بمعنى أنه ينبغي الابتعاد فترة من الزمن لنراها من بعيد. جميع الأعمال الدرامية نعمل عليها تسلط الضوء على الحدث نفسه الملتبس وغير الواضح. وبرأيي أن على الأدب والفن في مقاربته لهذه الأزمة أن يبتعد قليلاً ويترك مسافة بينه وبينها ليعيد التقييم من جديد وربما بهامش أكبر. فما ينبغي قوله الآن هو أن سورية أولاً، وعليّ أن أكون سورياً ومتنازلاً عن الكثير من وجهات نظري لما بعد».

سلمى المصري بشخصية أم غيث:
«ترصد الخماسية التآلف بين أربع عائلات يقطنون بناء واحداً، وبعد الأزمة يبتعدون عن بعضهم بسبب اختلاف الآراء وكل واحد من وجهة نظره يرى الأمور ويكتشفون بالنهاية خطأهم وفداحة ما اقترفوه من تفكيك نسيجهم المنسجم أصلاً.

أجسد شخصية أم غيث بعلاقتها الاجتماعية مع جارتها وأختها "أم عصام" وكيف أن خلافات الرجال السياسية كانت سبباً في تفريق الأخت عن أختها. لكنها رغم كل شيء تقف إلى جانب ابنتها روعة في علاقة الحب التي تربطها مع ابن خالتها عصام بعد أن يحاول الآباء تفريقهم بحكم خلافاتهم السياسية وأؤكد أنه مهما اختلفت الآراء تبقى محبة الوطن وأمنه وأمانه هما الأساس.

بأدائي لهذه الشخصية استمديت من شخصيات الواقع من جيراني وعائلتي وما أراه على شاشات التلفزيون وأنا أعيش الحالة ذاتها من الخوف وأبكي على الأبرياء وعلى ما يحل ببلدنا وبعد ذلك أتفاءل بأن نبل السوريين لا بد سيتغلب على هذه الخلافات».

نادين الخوري بشخصية أم عصام:
«العمل يتقاطع تماماً مع واقعنا الحالي ببداية الأزمة وذروتها ومجمل تفاصيلها حيث يرصد العلاقات الاجتماعية والتلاحم والتمازج بين جميع أطياف المجتمع السوري كيف كان يعيش وكيف تحول بعد الأزمة إلى علاقات متنافرة وشجارات ويتخللها العنف. هذا التقاطع عندما تتناوله الدراما خاصة أنه موضوع حار فإنه سيترك أثراً عند المشاهدين.

نتكلم على وجع الناس والمخرجة تركز على تفاصيل جميلة جداً وشخصيتي أم عصام ووضع عائلتها الاجتماعي أقل من المتوسط وهي امرأة حنونة وواقعية جداً، وهي متماسكة بمعظم حالها وليست منهارة كغيرها، لكنها تصل لمرحلة لا تستطيع معها أن تتحمل وضعها نتيجة الضغوطات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية... لاسيما أن محيطها لا يكون معها. هذا الانعكاس الاجتماعي مرصود بشكل جميل من قبل الكاتبة وأحببت الشخصية لأنها ملوّنة ما بين الزوجة المهمومة والأم بعلاقتها مع ابنها طالب الجامعة وابنتها في الغربة وزوجها الطيب الذي لا يحكي همومه مهما اشتدت لكنها تهتم على همه وتحاول أن تداري أمور عائلتها ضمن بيتهم المستأجر».

الفنانون المشاركون: نجاح سفكوني، نادين خوري، فائق عرقسوسي، سلمى المصري، جمال العلي، غادة بشور، علي كريم، جيانا عيد، طارق الصباغ، جيانا عنيد، سامر نصر الله، رنا حيدر، كفاح الخوص، تولين البكري، رامز عطا الله، مضر ابراهيم، جمانه أبوعساف، جمال عكريش، جواد مرهج.
مدير الإنتاج كمال شنان، مهندسة الديكور سحاب الراهب.

بديع صنيج

اكتشف سورية